أمين عمر
لم أرَ عفرين، لم أمر بها حتى مروراً بسيارة ما، ولم أحلق فوقها بطائرة، لم أرها قط، لكنها قريبة ، قريبةٌ مني جداً، أراها وأعرفها بشكل كبير وكأني رضعت من جداولها.. كأني رأيتها مراراً وأعرفها عز المعرفة ، كلما استمع ل علي تجو اقول هذا الرجل من قريتنا كورتبان، صوته وكلماته ولهجته تقول لي أنا من هنا قبل هناك، في صوته وأنفاسه تتضح لي خارطتها وأحجام حجارتها، رأيت عفرين مراراً في طيبة صديقي سيفو، أراها يومياً في إندفاع أبو هوشنك، أحن اليها في هدوء عديلي نضال، بساطة صديقي علي تقذفني إليها، تربطني بها صدق فنانها جان حبش..
لكني لم أعرفها اليوم، معرفتي بها تعود لزمن طويل وأنا الشابٌ الذي كان يستمع لأغاني وليد موسى، سالت عنه من أهالي عفرين عنه عن فنه ، قالوا إنه ليس بهذه الشهرة، حتى بالكاد نسمع به، قلت كيف ونحن ندندن جمال عفرين مع كلماته وحبه، أصبحت الآن أعرف عفرين وقراها ربما أكثر من بعض من ولِد هناك، أعرف برج عفالدو وباسوطة، أعرف قه رتبه، أعرف ميدانكي وجندريس اعرف بعديلا، تتضح لي معالم طيبتها وبساطتها يوماً بعد يوم، يكاد لم يبق جرحٌ في جسدها وفي خاصرتها ألم إلا وروى لي أحد الشهداء فصلاً مطولاً عنها، ثمن المعرفة كان غالياً، كل تضاريسها وزواياها باتت حكاية حكها شهيد قبل المغادرة، حكوا كثيراً عن زيتونها لكني لم أصدق حتى فاحت من شهدائها، حكوا كثيراً عن ميدانكي وشلالاتها لكني كنت عنيداً لم أهتم حتى رأيتها في حمر شقائق نعمان شهدائها التي تسيل وسالت…
عفرين في قلبي، عفرين هي أنا …لا تتركوا عفرين تموت