زارا صالح
لم تكن المعارضة السورية موفقة في اختيار رئيس مفاوض باسمها في جنيف نظراً لخصوصية التمثيل لجهة التنوع القائم سياسياً وثقافياً ودينيا و هي مفارقة تدعو للاستغراب ان يكون ذلك الشخص ( اي اسعد الزعبي) الضابط البعثي ثقافة والمشبع فكراً طائفيا مع نزعة شوفينية – عنصرية الى ذلك الحد التي تجعله اكثر قرباً من داعش والنصرة اكتر من قربه وقبوله لشركائه سواء كانوا كردا او من طوائف اخرى وهنا لا بد من الإشارة والتأكيد بان عملية ادعاء تمثيل المعارضة او طرح البديل ( الديمقراطي) لا يمكن أن يكون بين ليلة وضحاها. فاذا كان الثقافة السائدة لاكثر من خمسة عقود هي المنهل وبوصلة هؤلاء فان من الاستحالة القول او القبول بصحة ذلك لانها ليست عملية ميكانيكية او استبدال جهاز باخر، ولعل المواقف والمحطات اللاحقة تثبت ذلك.
وقد طغت النزعة القومجية والمذهبية في اكثر من موقف عندما قام هذا الشخص باهانة الكرد عامة اظهرت في لحظة المكاشفة و الحقيقة جوهر تناول موضوع الشراكة والعلاقة بين المكونات التي لم تتعدى حتى حدود المواطنة بل كانت رؤية فوقية على خلفية قيادة الدولة والمجتمع وثقافة بلاد العرب أوطاني لشخص يجد نفسه دوماً في موقعه العسكري في اعطاء الأوامر فقط. لم يقدم حتى اعتذاره للكرد، بل حاول الالتفاف حول الحقيقة وتفسيرها تحت حجة قصد جهة سياسية معينة ورغم ذلك بقي في ( منصبه) .
ثم يقوم وقبل ايام في تكرار تصريحاته ذات النفس الطائفي والعنصري في مقابلته الأخيرة مع صحيفة الشرق الأوسط في الحديث عن الدولة العلوية والكيان الكردي وربطها باسرائيل ومن ثم دفاعه عن تركيا و دول اخرى و يبدي امتعاضه من الحقوق الكردية ويعتبرها تهديداً و ضغطاً على كل من تركيا و سوريا وكان الكرد جسم اجنبي في سوريا والمنطقة ولم يراعي حتى اتفاقه معهم ضمن اطار المعارضة وهذا بحد ذاته يعكس حقيقة تعود لثقافة احادية اقصائية ترفض الاخر و لا تقبل بالشراكة والعيش المشترك الا وفق معايير العروبة و الحزب والطائفة الواحدة.
عن اي مستقبل مشترك بين المكونات السورية يمكننا الحديث في ظل هكذا نزعة وفكر احادي و الذي يتصدر واجهة المعارضة؟ اي مستقبل ينتظر السوريين اذا كان صاحبنا يفضل داعش على الكرد وقد سبقه عميد المعارضة والحالم برئاسة سوريا ( هيثم المالح) عندما اعلنها اصطفافه الى جانب داعش مقارنة مع النظام وهو الذي وغيره يعلمون حقيقة التزاوج بين داعش والنظام وهما وجهان لعملة واحدة!!!!
حتى اولئك الذين يقفون في صفوف دعم المعارضة والشعب السوري يدركون هذه الحقيقة والمفارقة ان يكون رئيس الوفد المفاوض على شاكلة الزعبي نصيرا لداعش وجبهة النصرة ويكون في الوقت نفسه طرفاً لمفاوضة النظام وهو الذي بات يجمع في خطابه بين الطرفين وهذا ما يقدم للعالم على شكل البديل القادم عن نظام الأسد ويثير مخاوف المجتمع الدولي الذي جعل محاربة الإرهاب وداعش والنصرة ضمن اولوياتها كقضية و خطر عالمي.
يتسائل العديد من المراقبين عن ماهية البديل المستنسخ من مدارس البعث والفكر التكفيري و لماذا لا يتم دعمها بالشكل المطلوب وهو بدون شك امر لا غبار عليه في تفسير ذلك في ظل تصدر هكذا شخصيات وفكر وثقافة لواجهة المعارضة السورية لتكون كافية للبحث عن خيارات أخرى او اطالة عمر النظام في عملية البحث عن بدلاء و هنا لابد من التاكيد على حقيقة أن المجتمع الدولي ودول القرار انها تجد في الكرد سواء في اقليم كردستان او في كردستان سوريا الحليف الاقرب اليها و القوة العسكرية التي يمكنها الاعتماد عليها في حربها على داعش والارهاب وكذلك ضرورة أن ينال هذا الشعب حقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة بعد أن مضى مئة عام من ظلم سايكس-بيكو لتكون الجغرافية الجديدة اكثر انصافا و عدلاً.
سوريا المستقبل لن تكون قائمة في ظل هكذا خطاب سياسي لانه تاكيد واصرار على التقسيم الحالي الذي يرسخه اكتر امثال الزعبي وغيره ممن يعيشون الماضي حاضراً بعيداً عن سياقه التاريخي او خارج الجغرافيا والتاريخ معا في حين أن الفيدرالية التي يطالب بها الكرد وحدة تعتبر تقسيما من قبل اولئك الذين يجسدون التقسيم ممارسة وخطابا.