سعود ملا: في قامشلو وحدها أربعة كانتونات.. والنظام ينحكّم بالجميع

حاوره: عمر كوجري
قال سعود ملا سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا نحن لسنا مع تقسيم الحلول في سوريا أبداً، موقفنا كان واضحاً منذ البداية، نحن قوة معارضة للنظام الاستبدادي الدموي، واستطاع النظام خلق بلبلة ضمن الحركة الكردية أيضاً، فاستمال حزب ب ي د الذي كان وفياً لكل اتفاقياته مع النظام، واستطاع أن يُشيطنَ كلّ كرديٍّ أعلن وقوفَه مع الثورة السورية.
عن هذا المحور ومحاور هامة كان هذا الحوار مع ملا:
*لنتحدث الثورة السورية، عن مؤتمر جنيف3 ومشاركة الكرد فيه. 
 منذ اليوم الأول من بدء الثورة السورية، كنا نريد أن يظفر السوريون بدولة بلا حكم دكتاتوري استبدادي، وتأسيس لسوريا تعددية برلمانية، أكدنا على سلمية الثورة، الحركة الكردية ضمن المعارضة منذ حوالي الستين عاماً، وكنا دائماً نريد التقرُّب من المعارضة التي لها مواقف متقدمة من الحركة الكردية، بدأت الثورة سلمية، لكن النظام نجح في عسكرتها، رأت الدول المعنية بالحدث السوري أنه لا بد من تطويق النار، ولهذا كانت مؤتمرات دولية لترجيح كفة الحل السلمي على الحل العسكري، فكان جنيف واحد واثنين والآن ثلاثة، القرارات الأممية تحاول تغليب مصلحة الشعب السوري، ولكن للآن لم تنجح هذه المساعي. هناك تيارات في المعارضة السورية ليس من مصلحتها تحقيق التناغم بين قوى المعارضة،  في مؤتمر جنيف 3 أراد المجتمع الدولي توسيع المعارضة، والوفد الكردي عمل ما في وسعه من أجل وضع القضية الكردية على طاولة المفاوضات.
*برأيك، هل هناك إرادة دولية لحل المشكل السوري، وخاصة من جهة الولايات المتحدة وروسيا؟
-التحالفات الدولية تتواءم على أساس المصالح، المشكل السوري بدأ على نطاق ضيق، لكنه توسّع حتى صار النظام وكذا المعارضة خارج التفاهمات الكبيرة بين الدُّول الكبرى، حالياً الولايات المتحدة وروسيا هما من يقودان إرادة السوريين، وحتى إرادة المجتمع الدولي الذي تراجع للخطوط الخلفية، لكلتا الدولتين العظميين مصلحة في سوريا، ولكن خطوات الحل مازالت بطيئة، نعم ليست ثمة مصلحة من استمرار الحرب في سوريا، وخاصة أن الفصائل الإسلامية المتشددة ترى التربة السورية صالحة لإنعاشها، وهذا مؤشر خطر على المجتمع الدولي والسلام الدولي ككل. روسيا كانت تريد توسيع وفد المعارضة، واعتبرت ان قسما من الكرد غير مشترك في المفاوضات والقصد حزب ب ي د، ولكن بقي السؤال معلقاً: هل حزب ب ي د من المعارضة أو محسوب على النظام؟
 الاجتهادات الدولية تتداخل، روسيا تريد حكومة وطنية موسعة تبقي على رأس النظام، والولايات المتحدة تريد حكومة انتقالية بلا اي دور لرئيس النظام القاتل والمجرم. 
*تحدثت عن جرائم النظام، ولكن هناك من في الحركة الكردية من يتأسف على أن عدم استجابة الحركة لدعوة النظام كان خطأ كبيراً.
–  نحن لسنا مع تقسيم الحلول في سوريا أبداً، موقفنا كان واضحاً منذ البداية، نحن قوة معارضة للنظام الاستبدادي الدموي، النظام أراد تحييد الكرد عبر دعوته الخبيثة تلك، وقد نجح بالفعل في استمالة البعض ليقاتل البعض الآخر وهو يتفرج، استطاع النظام خلق بلبلة ضمن الحركة الكردية أيضاً فاستمال حزب ب ي د الذي كان وفياً لكل اتفاقاته مع النظام، واستطاع أن يشيطن كل كردي أعلن وقوفه مع الثورة السورية، ومارس القمع والتنكيل وحتى التصفية بحق المخالفين، ونجح بقمع الجماهير الكردية في كوردستان سوريا بالنيابة عن النظام. النظام منذ اليوم الأول رأى أن انقسام المعارضة هو نجاح له، ونحن رأينا أن وحدة المعارضة هو انتصار للشعب السوري، رغم تحالف النظام مع حزب ب ي د وعلى نطاق واسع، إلا أنه لم يقدم أي حلول ناجعة، طالما أن شيئاً من حقوق الكرد لم يُسجّل في دستور البلاد، حزب ب ي د مُكبَّل فقط بقيود مع النظام، والنظام يحرّكه كيفما شاء.
  *قلت أن هناك تيارات عديدة للمعارضة بعضها يعادي الكرد، مادور المجلس في تبديد مخاوف هؤلاء؟ 
 – نعم، هناك تيارات في المعارضة ماتزال على تربيتها البعثية الشوفينية، لا تريد الخير لا للكرد ولا لكلّ الشّعب السُّوري، هؤلاء أيضاً يتقاتلون ليس من أجل إنقاذ سوريا من هذه الحرب والنار الأوارة، بل عينها على كرسي السلطة فقط. وحتى العقلية المناطقية مازالت منتشرة بين بعضها، المجلس الكردي يتحرك بحسب إمكانياته، ولا يقصر، ولكن تغيير هذه العقلية يتطلّب جهوداً كبيرة.  البعثيون برداء المعارضة يريدون أن تنصهر كل القوميات في سوريا في البوتقة العربية، لكن الكرد حافظوا على مستلزمات بقائهم وصمودهم، وأفشلوا التوجه الشوفيني البعثي الأقرب للفاشية، ولكن ينبغي القول إن المعارضة كلها ليست بهذا الميزان، فمعظم المعارضة السورية متفهمة لقضيتنا الكردية، وحقوق شعبنا.
 *قلت علاقة نظام الأسد وطيدة مع حزب ب ي د، ما مصلحة الشعب الكردي في كل ذلك.
 – اتفاق حزب ب ي د مع النظام السوري ليس وليد اليوم، واختار هذا الحزب الطريق الخطأ، فبدلاً من أن يبقى في الخيمة الكردية غرد بعيداً عن ذلك، وهذا مؤسف، وعلى حساب شعبنا الكردي، النظام زوّده بالسلاح والعتاد والمال، وقمع شعبنا، وزجّ مناضليه في السُّجون والمعتقلات، ومارس التنكيل بحق معارضيه، كان حزب ب ي د في البداية ضمن مجلس الأحزاب الكردية، وحينما حاولنا تشكيل المجلس الكردي كانوا طرفاً فيها، لكنهم انسحبوا لأن النظام طلب منهم ذلك. كلّ ما قام به حزب ب ي د لم يخدم الكرد، هم فقط حققوا مُخططات النّظام.
*ولكن ب ي د نجح في مسعاه، والسياسة تتطلب تحالفات كهذه أحياناً، والآن هو يملك الأرض، ولديه مقاتلون، أنتم ماذا تملكون؟
– لو ذهبنا لدمشق لحصلنا على ما حصل حزب ب ي د، ولكن بشرط التخلّي عن الثورة السورية، والتخلّي عن شعبنا الكردي، ونحن لم نفعل ذلك ولسنا نادمين، لأن النظام وكما قلت لك لم يفكّر يوماً في حل المشكل الكردي في سوريا بشكل ديمقراطي، تعددي، النظام شمولي دكتاتوري استبدادي، كيف له أن يفكر بتحقيق مطالب شعبنا؟  ب ي د كان ضعيفاً، والنظام ساعده، وانضم لدائرة النظام، ونفذ كل ما طلب منه.  
 *هناك من يقول أن قوة ب ي د جاءت من ضعفكم، ومن عدم جدية حليفكم الكوردستاني في “تغليبكم” على “خصمكم” إن صحت التسمية. 
ماقلته غير دقيق، وحليفنا أبدى استعداده لتحقيق كل متطلباتنا، كان صادقاً معنا، ومشجعاً لنا،وسخر إمكانيات كبيرة لنا، ومواقف الرئيس بارزاني خير دليل على ذلك في دعم كل أطراف الحركة الكردية، وحاول رأب الصَّدع في هولير 1 و 2 ودهوك، ووقف وقفة قومية مع أحداث كوباني، لكن من أفشل وعن قصد كل مسعى لأجل إنجاح القضية الكردية في كوردستان سوريا كان حزب ب ي د.
بصراحة، كلما كان المجلس يتجهّز لاتخاذ قرار مصيري كان النظام السوري ومن ورائه ب ي د يبادر لإفشال قراره.
*هل ترى أن المجلس الكردي يقوم بالدور المنوط به، ومادور حزبكم؟
المجلس الكردي يقوم بما عليه، ولكن لا تنس أنه مستهدف من قبل حزب ب ي د، وحزبنا ركن أساسي من المجلس الكردي، ولكن رغم كل ضغوطات حزب ب ي د مازال شعبنا وفياً لنهج البارزاني الخالد، هذا النهج سينجح في النهاية، بالنسبة لحزبنا للاسف حزب ب ي د وضع نصب عينه إلحاق الأذى بحزبنا، مكاتبنا تُحرق، رفاقنا وقياديونا يتعرّضون للاعتقال والنفي، هم يخططون لحرب أهلية، ونحن ننأى بشعبنا عن ذلك.   
 * قلت في سياق جواب سابق أن البنية الديمغرافية للسكان تغيرت في قامشلو وغيرها، ماذا فعلتم للشباب الكردي حتى يبقى في أرضه؟
–  السبب الرئيسي النظام، ثم القرارات القراقوشية لوكيله حزب ب ي د العسكرية الاجبارية، عدم توفُّر المواد الغذائية، الحصار الاقتصادي الخانق والمقصود على شعبنا، فشله في تأمين مستلزمات الحياة من ماء وكهرباء وغيرها، البطالة الواسعة بين الشباب، الحركة الكردية لم تستطع بفعالية إدخال الإغاثات للمنطقة الكردية، كل هذه المصاعب جعلت من الهجرة هدفاً أمام الكثيرين.  
*ماذا عن حدث قامشلو والقتال بين قوات الدفاع الوطني وأسايش الـ ب ي د؟
– هذا ليس الحدث الأول، وقبلها حدثت أحداث عديدة، في مدينة قامشلو الآن 4 كانتونات، المربع الأمني، حارة الوسطى المسيحية، حارة طي الدفاع الوطني، شرق وغرب قامشلو ب ي د، النظام يتحكم بهؤلاء جميعاً، كلها بيادق بيديه.   
* الأوضاع الاقتصادية تتردى يوماً فيوم، والناس تعبت. هل من بوادر لانفراجات معينة؟
 – نحن في المنطقة الكردية نعاني من حصار شبه كامل،   ندفع ضريبة كبيرة لمواقفنا، حاولنا مع المنظمات الدولية، حتى الآن الإغاثات التي تصل هي تحت هيمنة النظام وال ب ي د وهم لا يفتحون الطريق أمام هذه المنظمات العالمية، حزب ي د يوزع المساعدات عن طريق الكومين فقط  على أنصارهم في القرى والأحياء!! ست سنوات من الحرب جعل في سوريا كل شيء غالياً ما عدا حياة الإنسان، سعر الدولار وصل لسقف ال 700 ولولا إعانات أصدقاء النظام من إيران وروسيا وغيرهما لحدث انهيار أكبر لسعر صرف الدولار أمام الليرة السورية.
* حزب ب ي د يملك إعلاماً ضخماً، ألا تلاحظ أنكم في حزب PDK-S ضعيفون إعلامياً؟
 – نعم، الإعلام شيء أساسي في كلّ القطاعات، وخصوصاً الأحزاب تستطيع التسويق لبرامجها عبر الإعلام، حزبنا ليس لديه تلك الإمكانيات التي بموجبها يستطيع مواجهة دعاية حزب ب ي د، بصراحة ظروفنا صعبة، ونحاول قدر المستطاع المحافظة على ما تبقى من إعلامنا.
*الشعب ليس راضياً عن أدائكم كمجلس، ولا حتى عن حزبكم. 
ومن قال لك هذا؟ المشكلة أننا أمام أمرين أحلاهما مرٌّ، التصعيد مع هؤلاء يعني اقتتال وحرب، والخاسر الأكبر هو شعبنا، نعم يومياً نتعرض لممارسات أقل ما يقال عنها أنها تصرفات بتفويض من النظام، ونحن نتحمل لا خوفاً منهم، ولا جبناً، أغلب أنصارهم مسلحون، وهذه مشكلة كبيرة، ولديهم روح الانتقام فظيعة وكبيرة. 
* دائماً تتحدثون عن بيشمركة روجافا، هل يمكن إعطاء موعد لعودتهم لوطنهم؟
– سيأتي الوقت المناسب، لا نريد لهم العودة دون توفُّر كلّ مقومات البقاء والنجاح، الظروف نحن نقدّرها بشكل جيد. 
 *إذا عرضت عليكم الإدارة الذاتية التفاوض والشراكة من جديد، هل تقبلون؟
– يدنا ممدودة دائماً لوحدة الكلمة الكردية، ولكن علينا دائماً تحليل أسباب الفشل في لقاءاتنا، واتفاقياتنا، لو حللنا سبب فشل اتفاقية هولير واحد لما كنا بحاجة لعقد اتفاقية هولير2  وكذلك الأمر بالنسبة لاتفاقية دهوك،  مشكلتنا أننا حاولنا تجاوز عثرات، ولم نضع أيادينا على مسبب المشكل، وبالنهاية من الصعب أن نتوافق مع حزب لا يؤمن بالشراكة، ولا يتقبل الآخر بأي شكل، حزب ذو ذهنية أحادية الفكر، حزب إلغائي.. إقصائي.
*هم يقولون نحن قدمنا شهداء، ولن نرضى بكم شركاء إلا كما نريدكم.
– الشهداء شهداء الوطن، وليسوا شهداء حزب ال ب ي د، الشهداء في قبورهم ينادون: توحّدوا… للأسف هم لا يستطيعون مغادرة عقليتهم، وأناهم الحزبية، ماذا سيخسرون إن دخل بيشمركة روجافا إلى وطنهم؟ في دهوك اتفقنا على كل هذه التفاصيل، لكنهم دائماً وفور وصولهم لقامشلو يرمون كل ما اتفقنا عليه خلفهم.
* صحيفة كوردستان / العدد 536

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…