صلاح بدرالدين
تمخضت عن احداث ، وتطورات الأعوام العشرة الأخيرة في بلادنا عامة ، وفي مناطقنا خصوصا معادلة بغاية التعقيد تعبر عن نفسها بالشكل التالي : شعبنا الطيب المسالم بين نارين ، فمن جهة نظام الاستبداد كعدو أساسي منذ عقود ، والسبب المباشر في حرمان الكرد من الأرض ، والحقوق ، ومعاناتهم من الظلم ، والاستبداد ، وهجرتهم ، ونزوحهم ، ومن الجهة الأخرى الافة التي ابتلوا بها من أحزاب ( ذوي القربى ) بطرفيها التي ولت نفسها اما ( ممثلا شرعيا وحيدا ) ليس استنادا الى التخويل الشعبي ، او النضال ، والفداء ، والماضي المجيد ، بل اتكاء على امجاد آلاخرين ، أو قسرا ومن دون ارادتهم الديموقراطية الحرة ، الآمر الناهي في مناطقهم ، التي شملتها العسكرة ، والتعبئة الآيديولوجية النقيضة لولادة نواة المجتمع المدني ، وحرية الفكر ، والموقف ، والتنظيم ، وقطع الطريق امام الابداع الإنساني ، وتفجير الطاقات الخلاقة في صفوف الجيل الناشئ الجديد من الجنسين .
شعبنا الذي قدم الغالي والرخيص منذ ان اصبح جزء من الكيان السوري ، منذ حركة – خويبون – مرورا بقيام التنظيم السياسي الأول ، وانعطافة الخامس من آب عام ١٩٦٥ ، التي صححت المسار ، واعادت تعريف الشعب والوطن ، والقضية ، والأصدقاء ، والاعداء ، والمهام ، وبعد تقديم التضحيات الجسام ، من الشهادة ، والملاحقة ، والسجن ، والحرمان من الجنسية ، والحقوق المدنية ، والاحكام الجائرة في محاكم امن الدولة العليا ، والعسكرية ، وفي كل صنوف المخابرات ، استطاع مناضلو شعبنا تقديم القضية الكردية السورية الى الساحة السياسية ، والرأي العام الوطني ، والكردستاني ، والإقليمي ، والاممي ، كقضية شعب من السكان الأصليين في سوريا ، يرنو الى استعادة الحقوق ، وإزالة الاضطهاد ، هذه القضية التي تشكلت من خلال عذابات نحو سبعة عقود ، تعبث بها الأحزاب الان لتصفيتها ، عبر تشويه مضمونها الديموقراطي القومي ، وتجزئتها بين المناطق ، وربطها باجندات خارجية وبالمال السياسي ، وتقزيمها الى مسائل جغرافية مناطقية خالية من المضمون القومي الديموقراطي لارضاء نظم المنطقة خاصة نظام دمشق المستبد ، وتحويل اعدائها الى أصدقاء ، وحرف وجهتها التاريخية نحو المجهول .
ينتظر شعبنا الكردي السوري بترقب نوعا من الانفراج ، والتقدم نحو الأفضل اقتصاديا ، معيشيا ، امنيا ، وعودة المهجرين الى ديارهم ، وقبل هذا وذاك إعادة بناء حركتهم السياسية وتوحيدها ، ومعالجة ازمتها من خلال مشروع واضح متوافق عليه ، لتقود النضال ، وتعزز دورها القومي والوطني السوري، والكردستاني ، وينبري البعض من المجموعات ، والافراد من النخب الوطنية المستقلة ، والشبابية من النساء والرجال للتصدي للمهام الفكرية ، والثقافية ، وتعميق النقاش والحوار ، وعقد ، وتوسيع اللقاءات ، وطرح المشاريع ، والمقترحات ، وفي مقدمة هؤلاء ناشطو ، وجمهور حراك ” بزاف ” .
حراك ” بزاف ” ليس تجمعا حزبيا ، او مناطقيا ، او منصة موسمية ، ولا طرفا منشقا من هذا الحزب او ذاك ، ولا رد فعل على هذا الطرف او ذاك ، وهو خارج كليا عن دائرة الصراعات الحزبوية ، والشخصية ، والفئوية ، أو على النفوذ ، واقتسام المال السياسي ، اوحول موقع وحصة ، في سلطة الامر الواقع او – الانكسي – ، وليس ملتزما او منخرطا في أي كيان سياسي ، او عسكري ( معارض ! ) انه ضمير الشعب ، وصوته ، انه جهود فكرية ، وثقافية ، وسياسية ، عبر الحوار ، والنقاش ، والتشاور ، بين مختلف الاعمار ، والاجيال من النساء ، والرجال ، ومن جميع مناطقنا الكردية ، والمختلطة ،انطلق من عقد عشرات ” اللقاءات التشاورية ” ، في اقليم كردستان العراق ، وأوروبا ، وبلدان أخرى ، واستمر في بناء ” لجان المتابعة ” في الوطن وجميع أماكن التواجد الكردي السوري ، وانتقل لعقد العشرات من اللقاءات المنظمة ، وهو مستمر بذلك في اطار غرفة ” دنكي بزاف ” ، انه يربط الحاضر بالماضي بامانة ليكون المستقبل زاهرا واصيلا ، ويلتزم الوفاء لتاريخ حركتنا ، وانجازاتها ، ورموزها ، وتقاليدها الديموقراطية .
بالمقابل نلحظ محاولة مراكز القوى المتنفذة في أوساط أحزاب طرفي الاستقطاب ، الهروب من حلبة الصراع الفكري – الثقافي الخلاق ، وتجاهل كل المشاريع ، والمبادرات الانقاذية ، والخوف من الحوار وجها لوجه مع مخالفيها ، والتشويش ، وحرف الأنظار عن الأساسي في المهام الفكرية – الثقافية المطلوبة بإلحاح ، والمضي قدما الى درجة التنافس في التودد لنظام الاستبداد ، واذا كان وضع – ب ي د – بهذا الشأن بات اكثر من واضح فان آخر تسريبة جديدة بهذا الصدد هو ابلاغ قيادة – الانكسي – المسؤلين الروس عن استعدادهم للتفاهم مع دمشق عن طريقهم ولكن ليس مع ممثلي – ب ي د – .
وهنا نستغرب تسخير أحزاب الطرفين ماكينتها الإعلامية للتركيز على صغائر الأمور التي لاترقى الى مصاف قضايانا المصيرية ، مثل إقرار توزيع – هاشتاغات – غامضة ومضللة ، واخفاء الحقائق ومنها اين وصلت عملية الاندماج بمؤسسات السلطة ؟ حتى تتكاثر الشائعات ، والتكهنات ، وينتشر القلق ، ثم اطلاق الوعود المعسولة عن مؤتمر – الانكسي – حتى قبل الانعقاد وصدور النتائج .
في مثل هذه الظروف يجب الحذر ، والمزيد من اليقظة ، حتى لايكون القادم اعظم ، ونحذر البعض الذي يندفع في الدفاع المستميت عن أخطاء وخطايا القيادات المتنفذة لدى أحزاب طرفي الاستقطاب لدوافع مصلحية شخصية ، وانتظار وعود سخية !! في حين تبقى هي ( القيادات المتنفذة ) ساكتة منتظرة تسعير الخلافات الجانبية ، وتنأى بنفسها ؛كما هي عادة من لايثق بالنفس ، ويتهرب من أداء الواجب ، ويسخر الاخرين لقاء الرشاوي ، والوعود .
نحن في حراك ” بزاف ” ليس لدينا مانخبؤه عن انظار شعبنا ، وننتهج الشفافية ، والوضوح ، ولدينا السلاح الأقوى : المشروع الفكري ، السياسي ، الثقافي ، ونبحث عن الحقيقة كاملة ، ومن هذا المنطلق نتوجه الى كافة الفضائيات ، والمواقع الإعلامية ، بمافيها الحزبية ، والمستقلة ، وغيرها باننا في ” بزاف ” على استعداد كامل للمناظرة حول قضايا الشعب ، والوطن مع مسؤولي أحزاب الطرفين ، بكافة المستويات ، وخاصة قيادات ب ي د ، والانكسي ، في أي وقت كان ، لنثبت للجميع اننا أصحاب فكر ، ومشاريع ، ومواقف مبدئية ، وجادون لحل ازمة الحركة الكردية السورية ، ولدينا تصورات حول ذلك ، وأصحاب نهج ومواقف ليس من اجل المزايدة ، واكتساب الأصوات ، والاستهلاك المحلي – الحزبي ، او اية استحقاقات أخرى ، بل في سبيل تحقيق اماني غالبية شعبنا بإعادة بناء حركتنا من جديد ، وتوحيدها .
والقضية قد تحتاج الى نقاش