عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
قال أحمد توكلي أحد قادة النظام بمحافظات شمال إيران في بداية مجيء الجلاد إبراهيم رئيسي للسلطة يربو عدد الفقراء في إيران على 60 مليون شخص، ويشكلون ما نسبته 72٪ من سكان المجتمع إيران! وذكرت وسائل الإعلام الحكومية مرارا أن نصف الشعب الإيراني إلى ثلثيه قد يعيشون تحت خط الفقر، ووفقا لقول خبراء اقتصاديين حكوميين فإن الوضع سيزداد سوءا في عام 2022 ومصير أسوأ بكثير ينتظر الشعب الإيراني! وقال نائب رئيس الرابطة الحكومية للاقتصاديين: “سيكون عام 2022 أكثر تحديا من عام 2021″(تسنيم 7 يناير 2022)
والآن مع موافقة مجلس النظام على مشروع قانون الموازنة الحكومية تنشغل الحكومة بإلغاء العملة المفضلة فئة الـ 4200 تومان لجعل الوضع أكثر إيلاما، وكما يقول الخبير الحكومي محبوب فر: “أن 60 مليون شخصا من الشعب الإيراني تحت خط الفقر وأن 40 مليون شخصا يعيشون في فقر مدقع ويحتاجون لخبز عشائهم” (اقتصاد بويا، النظام 8 يناير 2022).
أوضاع النظام في المجتمع الإيراني الحالي
إن الوضع الحالي للمجتمع الإيراني بكافة فئاته هو أنه دخل في صراع مواجهة مع النظام بإحتجاجاته الشعبية المستمرة بمختلف المدن والتي يتسع نطاقها مع كل يوم يمضي، وفي الوقت نفسه تتزايد الفجوة بين عصابات هذا النظام بشكل يومي.
ومن بين هذه الاحتجاجات يمكن الإشارة إلى انتفاضات واسعة النطاق كإحتجاجات أهالي سيستان وبلوشستان وخوزستان والمزارعين في محافظة أصفهان والإستياء العام في أوساط التربويين والمعلمين في جميع أنحاء محافظات ومدن إيران، بالطبع لم تكن هذه المناطق وهذه الفئات من المجتمع بمفردها فقد تم دعمها ومؤازرتها عدة مرات من قبل طيف واسع من قطاعات المجتمع المختلفة.
هزيمة النظام على الساحتين الإقليمية والدولية!
كما واجه النظام الحاكم في إيران إضافة للأزمات المميتة التي تروي نهاية حياته عددا من الأزمات الشديدة على الساحتين الإقليمية والدولية والتي تتماشى مع الأزمات الداخلية في كل إتجاه.
دُقَتْ فضيحة محادثات النظام مع السعودية ودول أوروبية حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وكذلك المفاوضات مع الدول الغربية حول المشروع النووي، وفضيحة هزيمة النظام في الانتخابات العراقية الأخيرة وتشكيل حكومة جديدة في هذه الدولة، وتكرار الإدانات الموجهة للنظام الإيراني في الأوساط الدولية بسبب الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان في إيران، والمحاكمة المثيرة للجدل لأحد الجلادين وممارسي التعذيب في النظام ويدعى حميد نوري وذلك في محكمة سويدية لدوره في مجزرة إبادة جماعية لأكثر من 30 ألف سجين سياسي في سجون النظام سنة 1988، وتزايد الفضيحة أكثر باستمرار المحكمة البلجيكية في معاقبة شديدة للإرهابيين الذين أرسلهم هذا النظام، وعلى وجه الخصوص الدبلوماسي الإرهابي لهذا النظام بالمحكمة البلجيكية في (أنتويرب) من بينهم.
وتتضمن هذه الأزمات القوة الفارغة للنظام ومن بينها صناعة الخرافة الحمقاء لـ الجلاد قاسم سليماني، الذي هلك منذ سنتين قبيل هذه الأيام، هذا فضلا عن تعاظم فضيحة النظام في الذكرى الثانية لإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية وتجمعات واحتجاجات عائلات الضحايا ومواقف العديد من الدول إضافة إلى ذلك بهذا الخصوص.
الوضع المتفجر للمجتمع الإيراني!
وصل انتشار الفقر في إيران الآن إلى مرحلة جديدة بحسب خبير في النظام يُدعى محبوب فر الذي قال “دخل نمو الفقر في إيران مرحلة جديدة، إن مستوى الفقر الحالي في البلاد في حالة غير مسبوق طيلة المائة عام الأخيرة، وقد تضاعف عدد افراد المجتمع الذين هم تحت خط الفقر خلال السنوات الثلاث الماضية”(موقع بويا إقتصاد ، 8 يناير 2022).
كما اعترف وزير العمل الأسبق عبد الرضا مصري قائلا “هناك أزمة خطيرة في الطريق أخطر بكثير مما يعتقده البعض” (شبكة التليفزيون الوثائقي، 6 يناير 2022).
يمر المجتمع الإيراني بحالة متفجرة الآن أكثر من أي وقت آخر، وتصاعدت حدة الاحتجاجات على طول امتدادات الجهات الأربعة داخل حدود إيران، ما جعل النظام الحاكم يواجه تحديا أكثر صعوبة.. ويرجع تصعيد الأزمات الخطيرة الناجمة عن الأزمة إلى الصراعات بين الشعب وسلطة الحكم خاصة ولي الفقيه علي خامنئي الذي يواجه تحديا ثقيلا صعبا بمشروعية هذا النظام وبقائه.
بمناسبة الذكرى الثانية للإسقاط المتعمد لطائرة الركاب الأوكرانية من قبل ما يسمى بـ الحرس الثوري يوم 8 يناير 2022 رفعت عائلات 176 راكبا بريئا لقوا مصرعهم في الجريمة دعوى قضائية لنيل العدالة من أجل دماء ضحايا هذه المأساة، وصاح أحدهم: (لنصرخ ونهتف ” دعوة من أجل العدالة “لنصرخ بشكل يجعل السقف هنا يهتز”، وصاحت والدة أحد الضحايا: “أنا أشتكي فقط من علي خامنئي وقادة الحرس”، وصاحت إحدى الأمهات أيضا: “الموت لخامنئي!”.
وهكذا سارت الجريمة التي أراد علي خامنئي التستر عليها في اتجاهٍ مختلفٍ تماما، والآن وقد ارتبطت دماء الضحايا الأبرياء في هذه الجريمة بالحركة الكبيرة للمطالبة بدماء الشعب الإيراني وبالحركة المطالبة بدماء 1500 شخص من ثوار انتفاضة نوفمبر2019.
الظروف الموضوعية للمجتمع الإيراني!
تشير كافة الأدلة إلى حقيقة أن إيران على وشك وقوع حدث كبير، فقد وصلت الأزمات إلى نقطة لا رجعة فيها، ويُنتظر “اندلاع حادث” في أي لحظة، حيث أدى تراكم السخط داخل إيران وخارجها إلى دق نواقيس الخطر منادية جبهتين متضادتين بالإستعداد للاستعداد للمواجهة.
فمن جهة نجد النظام الحاكم القائم على نفي وجود الظروف المتفجرة، وشيطنة المعارضة والبديل الوحيد وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية واعتماد إجراءات قمعية وخلق أجواء من الكبت والخنق والإعدامات المفاجئة، والأعمال الإرهابية خارج الحدود ضد الخصوم، والتركيز في مشهد الصراع على الحيلولة دون السقوط وتتضح الحقيقة يوم بعد يوم بأن الهدف من المجيء برئيسي إلى سدة الحكم هو بهذا الخصوص أي الحاجة لجلاد يحمي النظام من السقوط.
في المقابل ومع تصاعد الأزمة في إيران تستعد المقاومة الإيرانية لأوضاع جديدة، ذلك لأن الظروف التي نشأت هي قبل كل شيء نتاج أربعين سنة من نضال الشعب والمقاومة الإيرانية، ولو لم تكن هناك مقاومة ضد هذا النظام لما خُلِقَت هذه الظروف قط!الظروف التي تحمل بأي حال من الأحوال انتفاضة وثورة من أجل التغيير!
الصلة بين الشعب والمقاومة الإيرانية!
أثبتت المقاومة الإيرانية الآن أكثر من أي وقت آخر ودورها بصفتها البديل الديمقراطي الوحيد في مواجهة هذا النظام، مقاومة تنخرط الآن وبشكل غير مسبوق بالاحتجاجات الشعبية داخل البلاد ويتسع حضورها بشكل كبير في أوساط الشعب.
وفي الذكرى السنوية لمقتل الحرسي قاسم سليماني يوم 5 يناير2022 قام مسؤولون حكوميون بنصب تمثالٍ لقاسم سليماني في مدينة شهركرد بمحافظة جهارمحال بختياري، وذكرت وكالة أنباء دانشجو الحكومية في تقرير لها أن التمثال الذي يبلغ ارتفاعه 6 أمتار قد اشتعلت فيه النيران بعد ساعة من إزاحة الستار رسميا عنه في شهركرد، وذكرت صحيفة تلغراف طبعة لندن أن “وحدات المقاومة” أحرقت التمثال.
لقد أصبح وجود ونشاط وحدات المقاومة المرتبطة بالمقاومة الإيرانية حقيقة واقعة في إيران اليوم، فمن الناحية الموضوعية تشكل وحدات المقاومة تهديدا خطيرا لمسؤولي النظام ذلك لأن مهمتهم الرئيسية في الوضع الحالي بإيران ، فإن هي تحويل “الظروف الموضوعية” إلى “انتفاضات وثورات” للإطاحة بالحكومة الإيرانية، وإنهم مصممون وقادرون على تحويل الاحتجاجات والانتفاضات إلى ثورة مستمرة.
دور وحدات المقاومة داخل إيران!
بتمييز وكشف رموز الكبت والإضطهاد ومراكز القمع الحكومية من قبل وحدات المقاومة تنكسر هيبة الهيمنة الواضحة لهذه الرموز والمراكز وتظهر ضعف النظام وإذلاله.
وهكذا فإنه يتم رفع غطاء القمع مع كل عملية، ويتم تمهيد الطريق لاحتجاجات اجتماعية أوسع.
إن نمو الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية وانتشار الأنشطة الدعائية لوحدات المقاومة هي حجر الأساس الذي استطاعت من خلاله وبأنشطتها أن تضيق الخناق حول هذا النظام وتجرده بعض قدراته التي تساعده على القمع من أجل البقاء ما يمكن المزيد من افراد اشعب من النزول إلى الميادين من أجل تحقيق مطالبهم.. ذلك لأن لدى الشعب الآن قوة رائدة وموجهة، والشعب الإيراني المضطهد الثائر بعلاقته الوثيقة مع جسده القيادي يمكنه أن يحقق ويصل إلى ما يريد!
يشعر الشعب الإيراني بالاشمئزاز من الحكومة الإيرانية، كما يدرك الشعب جيدا أن النظام الحاكم هو السبب الرئيسي لجميع مشاكل المجتمع، وقد تمكنت وحدات المقاومة من الحصول على دعم الشعب في عملية مكثفة لعدة سنوات، كما أنهم متجذرون في قلب المجتمع الإيراني ويتمتعون بدعم شعبي قوي، ويعود خوف النظام من وحدات المقاومة إلى حقيقة أنها أصبحت نقطة أمل للشعب، وقد كان حرق تمثال قاسم سليماني أمر يبعث على فرح الشعب الإيراني، كما يسعده ذلك لأنه بداية على طريق تحقيق مطالبه.
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.