منهجية التدجين العقائدي

وليد حاج عبدالقادر / دبي 
( يقول الأكاديمي والإعلامي السعودي خالد الدخيل في نظرية المؤامرة /  .. أن اختزال الأحداث والتاريخ في مؤامرة هو تعبير عن غياب العقل والقدرةعلى الإبداع في التحليل العلمي  .. لا يمكن أن ينتصر عليك خصمك السياسي أو الحضاري بالمؤامرة وحدها لكن هكذا يبدو الأمر بالنسبة لك لأنك لا تملك إلا فكرة المؤامرة لتتلهى بها ، إذا نجح خصمك فهذا دليل على فشلك ليس فقط في عدم كشف المؤامرة بل في التحصين ضد مثل هذه المؤامرة ، في الأغلب الأعم ينتصر الخصم من دون  حاجة لمؤامرة ، ومع ذلك يخترع الفاشلون مؤامرة ما لتبرير فشلهم ، ، / من جريدة الحياة  ١٤ _ ٤ ص ٩ .. )
 في السنوات الأخيرة طفت عناصر جديدة على السطح ، وأضفت مظاهر بدت – ربما – كنتاج لبعض من ردات فعل ، بدت وكأنها ظواهر عفوية ، لابل وكخلاصة حتمية لما آلت إليها المعطيات الممارسة ، او – وكأبسط – تعليل هي ردات فعل تجاه امور ينفخ فيها لتوازي او تتجاوز حجم كارثة احتلال عفرين مثلا ! او كانعكاس ومتنفس في صميم القاع الثقافي من جهة ، وظاهرة الليبيدو الفرويدية وجعجعة الشعارات البراقة من جهة أخرى ، مما يذكرنا بذلك المتخاتل الذي قال ذات يوم وهو في نشوة السكر يفصفص حبات الهيل بعد جرعات الويسكي : .. بإسم الديمقراطية اطلب منكم أن تعتقلوها للديمقراطية ، وهنا يطرح سؤال ذاته ؟ ألهذه الدرجة تكبر فينا الممارسات بانعكاساتها الفردانية نستخدمها غطاءا نتناسى بأنها / الغطاء / مجرد مرايا تعكس ضحالة الوعي ومدى المنهجية الممارسة في سعي مفضوح لتمرير وتطبيع ما جرى في عفرين – ومن جديد كمثال – وبالنسقية ذاتها التي وسمت بها نظم الإنكسار التي سمتها الطلائع العربية في 5/7/1967 بالنكسة وآخرون بالهزيمة ، وما قابلها كرديا مؤامرة اتفاق الجزائر سنة 1975 ! والتي كان يفترض بها ان تكون الأرضية التي يتوجب بنا جميعا التأسيس عليها لقضايا يمكن الإنطلاقة منها ، وهنا ، وفي العودة وراءا لسنوات عديدة ، أما كان يفترض بناء قاعدة سياسية كردية غير منغلقة ؟ ، وكنا مهدنا ايضا – أقله – لفكفكة الأطر الفولاذية بينيا ؟ خاصة وهاقد اودت بنا الوقائع على الخارطة السورية ، بأن سياسة خفض القوة الممنوحة ستصل فيها المواصيل إلى كافة القوات ، والنظام مهرجان إضعافها أخذت تتوضح والمساحات أيضا ستتقلص وكرديا : سنصبح فعلا أدوات ضمن حلقات التابعية إن لمربعات النظام أو المشاريع العابرة لفضاءات قضية شعبنا الكردي في سوريا ! . وبوادر هذا الوضوح ، لابل مقدماتها ستظهر من خلال كماشة الإبتزاز التي سيشهرها النظام عبر الروس بالتدرج وكلعبة دومينو ، وحينها فقط سنستحضر تجليات بروفة استقدام جيش النظام العرمرم الى عفرين المحتلة ، وما تلاها في منبج والآن مقدمات حارة طي في القامشلي ! ومع ذلك ! هل سنتجرأ في العودة إلى مقولة : لنفكر كرديا ؟ أم أن هناك قضايا شات وسكايب ودردشات أهم ؟ .
إن معادلة ربط التعسف والإستبداد والغاء كل المختلف بقضايا خارجية موجودة او تم استيلادها فشلت على مر العصور ، وفي قراءة بسيطة لتجربة حكم – القائد – ستالين والرفيق بول بوت ومجموعة الإنقلابيين الصينيين ودينغ هيسياو بينغ /  وفتح وحماس ، ولن اذكر حالات بعض من شذاذ الآفاق العنصريين من كل الملل والنحل ، وكمثال وللتذكير فقد ثبت للجميع ماذا عنت نظرية الأسد الأب في المقصد من اعادة التوازن الإستراتيجي مع العدو وانكشف العدو الحقيقي الذي كان يتقصده ! إن صناعة عدو وحيد رغم كثرتهم ، وجعل احدهم فقط الرئيس ، ومن ثم نقل كل أشكال الصراعات الى خارج مساحة هذا العدو ، هي الخطوات الرئيسة التي عانت منها سوريا وعلى حساب القضية الفلسطينية ، وكل ذلك ادت وكنتيجة حتمية للتركيز على تحرير ما احتل وبزعم تحرير فلسطين ، وكرديا تعددت الشعارات وتمخضت عن اهداف اعتبرت فيها الحقوق القومية مجرد خدمات للقوى الاستعمارية ! ، كل ذلك على الرغم من تهاوي النظم المؤدلجة وترنح بعض من بقاياها الآيلة للسقوط في أية فرصة ، وصين ماوتسي تونغ ولينين السوفييتي ، ولن استذكر / قفله جميلي / ، الذي اخذ ينحدر الى خانة ترف ايديولوجي مقيت .
إن صناعة هكذا انماط من الآيديولوجيات وتغليفها باوراق اشغال ثقافية ، والتحول منها الى نقيضها وبسلاسة غير منضبطة او مسؤولة ، وبالتالي مغنطة العقل والمنطق والعيش على صناعة اوهام ومنجزات ؟! خارقة للقيم وبالتالي نطاقية الفسحة المباحة للوعي والمنطق الذاتوي تحول اصحاب هذه الثقافة القطيعية الى احجار شطرنج او / صوافة / منجذوبون في جلسة تمارس فيها كل طقوس شفط الوعي والاتزان الشخصاني !! ولتتحول الى نمطية بمؤشر تنهمر المواقف المصاغة والمتضادة ، فتبدو كمؤشر اشبه بماح ابيض تزيل المواقف وتثبت النقيض دون الحاجة مطلقا ان لتوضيح او تفسير ، ولسبب بسيط جدا وهو الغاء المبادرات البنيوية كتقية راسخة إن لطوباوية القائد او : أن الرفاق لا يخطئون وهم المؤهلون للتفكير وتقرير مصيرنا بديلا عنا ! ، وحينها وببساطة شديد تتحول المجاميع الى ما يشبه تكايا التقية كما التبعية والتصوف ، وفي ذات نسق التعصب الفكري الذي يتساوى فيه منطق تأليه الذات أو العقيدة ، ومن ثم تصور مادون هذه المعادلات نفوس مريضة ، او لربما ذوي عاهات كما واحتياجات خاصة ! إن جميع النظريات والقناعات الوضعية منها والسماوية حددت مفاهيم الخير والشر كما الحقيقة ونقيضها على أنها تختلف بدرجاتها وبالتالي توزيعها ، وعليه فأن مجمل اتهاماتهم ، وتلكم اللعنات التخوينية – البرلمانات مثالا – والحقوق المجزوءة ولعنة الكفر كما الهرطقة وارتبط كل ذلك بقياس وكدمغة تهم : عميل لصدام او ايفرين ومن بعده أوزال وأردوغان يبدو أنه سيصبح سعيد الحظ ـ ونحن نبلع ـ الموس على الحدين ـ ونستعيد استذكار وتنفيذ تجربة تحالفات نظام الأسد الإستراتيجية على قاعدة أن فلسطين هي القضية الأولى ، إذن لقد كنا وظللنا لابل ساهمنا في الممانعة كرديا ! والآن !! ما المانع ان نتجاوز كل هذه الآفاق المجهولة ونجعلها مبدا ثابتا ؟ أن كل من يخالف وحدة القرار الكردي وتحت أية ذريعة كان هو – ولن نقول عنه – فقط بانه خائن وعميل ، بل اقزم من ذلك بكثير . 
إذن هي ثقافة تجميد خاصية التفكير الفرداني التي تستولد هكذا ظاهرة ؟! .. كما العقلية المولفة على النمو الهلامي وبلا ضابط في تسخير لثقافة الكراهية ؟! . وبالتالي فهم من يلتقط بذرة الإستبداد وعقلية القمع كما منطق السحق والسحل كما الرهاب المرادف لها ، هذه المواقف المفرغة من أية مضمون ، لابل مواقف اشبه ماتكون مجرد عنجهية الفعل الناتج للحظتها كرد فعل وأغلبه طائش . 
إن الوهم ومعادله الإيهام هي من أشد أسلحة المراييع في صناعة وضبط الإيقاع وتنظيم القطيعية في سلب فعلي للإرادة الفردية للتركيز على وهم طوباوية الراعي وتحويط الذهنية بقداسة ومن جديد واهمة ، لاتلبث مع الأيام ان تنكشف وبفظاعة مقيتة ، ومع ذلك للأسف الشديد تظل النواة حتى آخر لحظاتها تشحذ همتها في نبذ المكشوف والعزف على وتر : انها لحظة ايهام للأعداء والنصر قادم لا محالة ، وحينها تتعشعش مفهومية الإنتقام وتتقمص كذرائعية تبريرية للقداسة  التنظيمية ؟! وهنا يفرض السؤال الاهم ذاته ؟ اذن لماذا نبرر ل /مثقفي !! / السلاطنة وندين جابر عصفور وعلي عقلة عرسان ؟! .. فرق كبير جدا ان تؤسس وعيا عاما جامعا أو أن تشرعن امورا حتى ولو كانت على جبال تراكمت من الأخطاء ؟! . فمن ينتقد العشائرية المنتقمة إذن او الثوابت التي يراها هو متحولة فمن حق حاملي الثوابت الثأر منه على متحولاته ؟! ، وعليه فأن التبرير لهمجية بهمجية أخرى تدفع بالفعل الى الغثيان ، وليطفح الكيل بالغثيان ويبدأ هو عينه يستولد نهرا من الجنون فلا عجبا أن يتحول المشهد كله الى سريالية فقط عنوانها  هي كلمة واحدة : التورية !! وما أتفه ان تأتي ظاهرة نفي النفي لادانة خففت من وطأتها قبلا سيل من  الإعتذارات ! ولكنها ستبقى أيضا هي ذاتها الصرخة : كفوا عن تقبيح جمائلنا .. لن تثنينا رعبكم المصطنع عن شمائلنا …

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…