عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
بعد مضي قرابة ثلاثة أشهر على الإنتخابات في العراق لا يزال مصيرها مجهولا ومهددا بسبب تدخل النظام الإيراني في شؤون العراق الداخلية.
نوري المالكي شخصية معروفة في المشهد السياسي العراقي، ومعروف بانتمائه للنظام الديكتاتوري في إيران، وهذه حقيقة الأمر، فقد كان مخلصا مطيعا طيعا للنظام الإيراني فعالا نشطا في قمع وقتل سكان أشرف أعضاء المقاومة الإيرانية فاضطهدهم ونهب أموالهم وممتلكاتهم، ويبدو أن القتل والنهب كان في طبع تكوينه حيث نهب ممتلكات الشعب العراقي وقتل أبنائه ومهد الطريق لظهور داعش وسقوط الموصل وبسقوط الموصل وظهور داعش يكون قد جهز الأرضية المطلوبة لإيجاد الحشد الشعبي، وعُرِف عهده بعهد القمع والقتل والفواجع والكوارث الإنسانية التي كان له دورا أساسيا فيها بتلك الأيام، وقد كان نوري المالكي مدعوما من قبل علي خامنئي.
وواجب الذكر أيضا أنه في فترة رئاسة نوري المالكي لمجلس الوزراء إضافة لإختلاس مئات مليارات الدولارات تصاعدت وتأججت النعرات العنصرية الطائفية والعرقية في هذه الدولة وانتشرت الميليشيات الموالية لفيلق القدس الإيراني الإرهابي، كذلك قام بالهجوم على اقليم كردستان العراق وخفض ميزانية اقليم هذه المنطقة ودعى لزيادة خفضها.
وعلى الرغم من فوز نوري المالكي بعدد من المقاعد في الانتخابات الأخيرة وظهوره بوجه مختلف عن باقي الموالين للنظام الإيراني إلا أنه في الوقت ذاته متحالفا مع النظام الإيراني والخاسرين في الانتخابات الأخيرة. لأنه يعلم جيدا أن جدران وجوده زجاجية هشة تماما!
لذلك فإن عدم الوعي بكل التيارات التي يشهد عليها التاريخ بسوابق التقارب والاعتماد على النظام هو أحد تهديدات هذه المرحلة باتجاه تنقية الأوضاع في العراق، ووعي التيارات العراقية الوطنية والشعبية الحقيقية بهذا الخطر هو من الضروريات الواجبة حيث يجب عليهم رفض مثل هذه التيارات في أي حال من الأحوال ل يكون مصيرهم في مأمن من براثن أخطبوط ولاية الفقيه من الآن فصاعدا.
نيران تحت الرماد!
يشير الإنتفاض المتزامن لكلا الشعبين الإيراني والعراقي على جانبي الحدود ضد نظام ولاية الفقيه إلى تعايش هاتين الانتفاضتين إلى وجود هدف مشترك على جانبي الحدود الإيرانية العراقية، ففي داخل إيران استشهد أكثر من 1500 ثائر إيراني بأمر من علي خامنئي خلال انتفاضة 2019 ، وفي العراق استشهد أكثر من 700 ثائر من أبناء الشعب العراقي خلال مدة زمنية أطول، وأثبتت الانتفاضتين في المقام الأول عدم شرعية نظام ولاية الفقيه في إيران والتيارات العراقية التابعة له.
هذا العام وبمناسبة الذكرى الثانية لثورة أكتوبر تظاهر الثوار العراقيون في محافظات بغداد وذي قار وكربلاء والنجف والديوانية وبابل وواسط تأكيدا على مواصلة الإنتفاضة ومعارضة نظام الملالي وعملائه العراقيين مرددين شعاراتهم ومطالبين بمحاكمة آمري ومرتكبي جرائم قتل المتظاهرين وهم جميعا عملاء وعناصر للتيارات الموالية للنظام الإيراني!
استمرت الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية ضد نظام ولاية الفقيه المُحتل الغاصب في إيران بشكل يومي أيضا، فالانتفاضة البطولية لأهالي أصفهان والمحافظات المجاورة لها عشية الذكرى السنوية لإنتفاضة نوفمبر 2019، وكذلك تعد احتجاجات المعلمين والمثقفين في جميع أنحاء البلاد في ديسمبر2021 أحدث حلقة في انتفاضة الشعب ضد النظام الغاصب.
الحل الوحيد للعراق وحاجته لعملية جراحية كبرى!
يحتاج العراق لعملية جراحية كبرى لتجاوز الوضع الراهن لكي يخطو إلى ساحة العالم المعاصر، وتتطلب هذه الجراحة إمكانات وطنية وشعبية وهو أمر لا مفر منه، وإذا لم تُجرى هذه الجراحة عاجلا سيجتاح فيروس ولاية الفقيه الغاصب في إيران عموم العراق والمنطقة، ومن هذا المنطلق يجب التحرك من النقطة الراهنة والبدء والإستعداد لذلك.
فيما يتعلق بالانتفاضة الشعب والمقاومة الإيرانيين، فإن نظام ولاية فقيه الملالي بات في مرحلته الأخيرة الآن، فبانتفاضاتهم الكبرى هذه قد بدأوا بتحديد نهايته، لذا فإن من المهم للعراقيين أن يتقدموا للمضي بهذا الاتجاه لربط مطالب الشعب العراقي بمطالب الشعب الإيراني، والمطلب الرئيسي للشعب الإيراني كما تردد في جميع الانتفاضات والاحتجاجات الأخيرة هو الإطاحة بالنظام الديني الحاكم في إيران، ويؤمن الشعب والمقاومة الإيرانيين وكذلك جميع القوى المناضلة والمحبة للحرية في الشرق الأوسط أنه ما دام نظام ولاية الفيه التوسعي الإرهابي حاكما لإيران فلن يرى العراق والشرق الأوسط أمنا ولا سلاما ولا ديمقراطية ولا تعايشا ولا استقرارا!
قال الحرسي المجرم قائد قوة القدس الارهابية الهالك قاسم سليماني: “”أحيانًا نقوم بأشياء من خلال الدبلوماسية التي يؤكد عليها العالم أيضا، لكن بعض العقد وحل بعض المشكلات خاصة عندما تكون هناك مشكلات مهمة لا يمكن حلها عن طريق الدبلوماسية فقط!” والهجوم الإرهابي الأخير على منزل رئيس الوزراء العراقي الحالي السيد مصطفى الكاظمي هو أحد الأمثلة الواضحة على طُرق “فك العقد” الإرهابية! وصف وزير خارجية النظام الإيراني السابق محمد جواد ظريف الدبلوماسية التي ذكرها قاسم سليماني بـ “الدبلوماسية الميدانية”! وأسماها بحقن المال والسلاح للقتل في دول أخرى،ووصل تمويل الجماعات والحركات الإرهابية وتسليحها إلى درجة قول قاسم سليماني عنها بهذا الصدد: “تمكن أبو مهدي المهندس قائد الحشد الشعبي من جعل مفتاح مستودعات أسلحة الجمهورية إيران الإسلامية في خدمته، ولم يكن مثل غيره ممن أخذوا أموال الشعب العراقي ولم يعطوهم السلاح في حالات الطوارىء، ومن نفس القوة الجوية التابعة للحرس قامت أسراب من مقاتلات السيخوي بخدمة العراق بمجرد أن طلبت هذا البلد ذلك، وكذلك كانت آلاف الأسلحة من طرف الجمهورية الإسلامية قد أعطيت لخدمتهم.” وكالة انباء تسنيم 10 يوليو 2017″
ردة فعل نظام ولاية الفقيه بخصوص الانتخابات!
لم تأتي نتائج الانتخابات العراقية بما تشتهيه ديكتاتورية الملالي، وقد سعت بشتى الطرق لتعطيل النتائج المعلنة والتلاعب بها، وأسباب تأخر اعتماد نتائج هذه الانتخابات ليست سوى النظام الإيراني الذي هدد رئيس الوزراء العراقي عبر عملائه العراقيين علانية وحذر من أنه سيرد بـ “الذخيرة الحية” وتم تنفيذ التهديد في اليوم التالي بغارة جوية بطائرة مسيرة على منزل السيد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي الحالي.
والحقيقة أن الوضع في العراق لن يعود إلى الوراء ومع كل العراقيل والقفزات التي يمكن تصورها من قبل عملاء هذا النظام، ويبقى كل من المهزوم والمنتصر على حاله، ويفقد علي خامنئي عمقه الاستراتيجي (!) ويغرب نجم حظ هذا النظام آخذا في الأفول والزوال!
الزيارة الأخيرة التي قام بها قائد فيلق القدس الإرهابي إسماعيل قاآني إلى العراق هي دليل لا يمكن إنكاره على حقيقة أن أحزابه وتياراته وميليشياته الإرهابية لم يعد بمقدورها الدفاع عن النظام وأن هذا النظام لن يكون قادرا على إعادة بناء هيمنته في العراق، لذلك على النظام الإيراني أن يتراجع منكمشا داخل حدود إيران، ليجد الشعب والمقاومة الإيرانية هناك بانتظاره على الفور لينزلوا به ما يشاءون وليقع في دائرة سوء أعماله!
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.