في الوجود الإشكالي لـ pkk خارج ساحته… قضية للنقاش

شاهين أحمد

شن مسلحي حزب العمال الكوردستاني بتاريخ الـ 5 من حزيران 2021 هجوماً على عربة عسكرية لقوات بشمرگة كوردستان العراق ، وأدى الهجوم الغادر إلى استشهاد خمسة مقاتلين من قوات البشمرگة وإصابة عدد آخر بجروح مختلفة ، ووقع الهجوم في جبل متين بقضاء آميدي الواقعة على بعد 70  كم شمال مدينة دهوك . ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى ، ولن تكون الأخيرة ، التي تتعرض وستتعرض فيها قوات البشمرگة لمثل هذه الهجمات من جانب مسلحي pkk ،حيث سبق أن قام مسلحي الحزب بهجمات أخرى مماثلة في مناطق مختلفة من اقليم كوردستان ، ومازال مسلحي الحزب وبالتعاون مع فصائل الحشد الشعبي يحتلون أجزاء واسعة من مناطق مهمة مثل شنگال ومخمور وغيرها ، الأمر الذي يمنع عودة المدنيين من أهالي تلك المناطق وخاصة من الكورد الإيزديين إلى منازلهم وممتلكاتهم . 
ومن جهة أخرى تسبب وجود مسلحي الحزب في مساحات واسعة من اقليم كوردستان في نزوح سكان مئات القرى من المناطق الكوردستانية الحدودية المتاخمة لتركيا نتيجة افتعال الحزب لمعارك وهمية مع الجيش التركي ، حيث أدت تلك الأعمال العسكرية لحرق آلاف الهكتارات من الحقول الزراعية والأشجارالمثمرة والغابات ، وألحقت الأضرار بالمرافق الخدمية . ولم تتوقف محاولات الحزب المستمرة بتقديم الحجج والذرائع للتدخلات العسكرية في أجزاء هامة من اقليم كوردستان العراق ، وجزئي كوردستان في سوريا وإيران . والجميع بات يعرف بأن pkk  تحول إلى أداة لإستدراج الجيوش والحشود إلى داخل الاقليم الفدرالي ، ومحاصرته ، ومحاولة تقويض سلطاته الدستورية ، ونشر الفوضى فيه ، وإلهائه عن متابعة الإعمار ، وتهجير سكانه الآمنين ، حيث سبق لمسلحي الحزب القيام بعشرات الهجمات المماثلة ، واستهداف المرافق والمنشآت الاقتصادية وقيام الحزب في وقت سابق بتفجير أنبوب تصدير النفط الخاص بإقليم كوردستان لأكثر من مرة ، وزرع الألغام بشكل عشوائي في المناطق الريفية الآهلة بالسكان ، والتي توقع بين الحين والآخر ضحايا في صفوف المدنيين في المناطق الحدودية داخل الإقليم . والسؤال الذي يطرح نفسه هو : ماذا يريد pkk من هذا الاقليم الذي تحول بفضل دماء أبنائه إلى ملجأ آمن للمناضلين الكورد الهاربين من بطش الأنظمة الدكتاتورية ، وكذلك أصبح مأوى للمسيحيين الهاربين من الإرهاب الداعشي الأسود، واللاجئين والنازحين المدنيين من العراق ودول الجوار ، وتحول الاقليم بفضل حكمة ووعي قيادته إلى جزيرة جميلة آمنة مزدهرة بالرغم من محاصرته ، والمتربصين به من جانب قطعان الإرهاب المختلفة وخاصة داعش والحشد الشيعي وغيرهم ؟. هل الغاية من زج الإقليم في صراعات وحروب pkk العبثية ، فسح المجال أمام انتعاش الإرهاب وعودته مجدداً ، وخاصة أن داعش مازال نشيطاً في المناطق الكوردستانية المحتلة من قبل فصائل الحشد الشيعي والتي تقع خارج سيطرة حكومة اقليم كوردستان ؟. وهنا من الأهمية بمكان التذكير بأن التدخل السافر لـ pkk ، والوجود اللاشرعي والإشكالي لمسلحيه لايقتصر على اقليم كوردستان العراق فحسب ، بل يشمل هذا التدخل كوردستان سوريا وكوردستان إيران أيضاً . والجميع يعلم كيف تم تسليم مناطق واسعة من كوردستان سوريا إلى الحزب بموجب اتفاقية دوكان بين الحزب والنظام السوري بإشراف إيراني ، وبحضور ممثلين عن حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني . هذا الوجود الذي تحول لاحقاً إلى كارثة على شعبنا ، وسيطر الحزب بموجب تلك الاتفاقية على كامل مفاصل الحياة ، ومنعت أحزاب الحركة التحررية الكوردية من نشاطها ، ولاحق  النشطاء ، ومارس الخطف والقتل والتهجير ، وحول غالبية مناطق كوردستان سوريا إلى مناطق عسكرية، ومعابر لتجارتة ، وساحات مفتوحة لحروبه مع تركيا ، وزج بالآلاف من أبناء شعبنا في معارك عبثية لاناقة لنا فيها ولاجمل ، ويعمل على زرع عداوات بين شعبنا وبقية مكونات الشعب السوري ، وخاصة مع المكون العربي الكريم . ولم يتوقف pkk عند هذا الحد بل لجأ إلى نقل كامل صراعه ومعاركه مع الدولة التركية إلى خارج ساحته ، وخاصة إلى جزئي كوردستان في العراق وسوريا ، وتسبب في نزوح مئات الآلاف من أبناء شعبنا كما حصل في عفرين ومناطق الشهباء وتل أبيض / گري سبي ورأس العين / سري گاني . وكذلك مايقوم به مسلحي pkk في التحرش والصدام بشكل مستمر مع بشمرگة كوردستان إيران ، وخطف القصر من أبناء وبنات الشعب الكوردي هناك ، وافتعال معارك تتسبب في نزوح المدنيين من قراهم .
 ملخص الحديث :
يمكننا القول وبإختصار شديد أن وجود حزب العمال الكوردستاني خارج ساحته بشكل عام ، وفي أجزاء كوردستان في سوريا والعراق و إيران بصورة خاصة تحول إلى مشكلة كبيرة ، وسبباً رئيسياً في بقاء تلك المساحات التي يتمركز فيها مسلحي الحزب كـ محارق لأبناء شعبنا ، وكذلك شوه هذا الوجود الوجه الناصع لعدالة قضيتنا ، وبالتالي هذه المشكلة تضعنا أمام جملة أسئلة تطرح نفسها بإلحاح شديد علينا وعلى قادة ومناصري هذا الحزب ومنها : ماهو مشروع حزب العمال الكوردستاني ؟ . ولماذا يترك حزب العمال الكوردستاني ساحته ويلجأ ويتدخل في شؤون بقية أجزاء كوردستان ؟. إلى متى سنبقى مكتوفي الأيدي ، ونتعامل مع هذا الوجود الغير شرعي والإشكالي والكارثي ، ببراءة وبنفس الطريقة التي تؤدي يوماً بعد يوم إلى تفريغ كوردستان من أبناءها ومناضليها وكفاءاتها ؟. متى وأين خدم هذا الحزب مصلحة شعب كوردستان من يوم تأسيسه وحتى اليوم ؟. لماذا يتفق ويتوافق هذا الحزب مع جميع الأنظمة والأطراف المعادية لقضية شعبنا ، وبالمقابل يعادي كامل أحزاب الحركة التحررية الكوردية في مختلف أجزاء كوردستان ويرفض العمل والاتفاق معها ؟. ألا يضع تكرار هذه الهجمات العنيفة من قبل الحزب على قوات البشمرگة حكومتي إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في بغداد أمام مسؤولية اتخاذ قرار مشترك وحاسم بإنهاء هذا الوجود الغير شرعي لمسلحي pkk ، وبالتالي إخراجهم من كافة مناطق اقليم كوردستان وخاصة شنگال ومخمور ؟. ألم يحن الوقت كي تتوحد وتتكاتف الحركة التحررية الكوردية في مختلف أجزاء كوردستان ، وتتخذ موقفاً واضحاً وجريئاً من وجود مسلحي pkk خارج ساحته ، والطلب من الحزب بالانسحاب الفوري والنهائي من كوردستان العراق ، وكوردستان سوريا ، وكوردستان إيران ، والعودة إلى ساحته ، واختيار الشكل الذي يناسبه في العمل ، مع التأكيد بضرورة ترك السلاح جانباً ، والانخراط في النضال السياسي السلمي والديمقراطي البرلماني بعيداً عن جميع أشكال العنف . ومن الأهمية أيضاً الإشارة هنا إلى أن شريحة لابأس بها من أنصار pkk ، ومن الذين حملوا سلاحه ، ودافعوا عنه ، وقدموا من أجل مشروعه الوهمي آلاف الشهداء ، توصلوا اليوم إلى قناعة تامة بأن تصرفات مسلحي الحزب تضر بشعبنا فقط ، وباتوا على قناعة كاملة بأن وجود الحزب خارج ساحته بات يشكل مشكلة كبيرة يستوجب حلها .
ولكي نكون واقعيين علينا الإقرار بأن عملية إخراج مسلحي حزب العمال الكوردستاني ليس بالأمر السهل كما يتوقعها البعض ، وخاصةً من كورستان سوريا والعراق ، لأسباب أمنية وسياسية وإقتصادية ، وبضرورة توفر إرادة وتوافق دولي وإقليمي ، وإن عملية الفصل بين المركز ( قنديل ) ، والفروع المختلفة قضية شائكة ومعقدة ، لأن الموضوع يتعلق بجملة امور منها الظروف والإمكانات ، ومصالح الكبار،وطبيعة الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي في منطقتنا المشبعة بالتفرد والشمولية والاستبداد والقبلية والتخلف…إلخ . ولكن طالما أن المفاضلة اليوم أصبحت بين الوجود وإنجاز عملية الفصل، وإيجاد حل نهائي لمشكلة هذا الوجود الإشكالي ، أعتقد أنه على قيادة الحركة التحررية الكوردستانية ، وكذلك شريحة العقلاء داخل منظومة pkk أن يعلموا جيداً بأن الأوضاع تنزلق يوماً بعد يوم نحو حقول الصدام الشامل ومستنقعات الدم ، لذلك ينبغي وضع أسس سليمة وعملية لإنقاذ الجميع ، وهي عملية ليست سهلة ولكنها ليست مُستحيلة إذا توفرت الإرادة والقيادة والمناخ والإمكانات . ولا ننسى هنا أن إنجاز عملية الفصل بين المركز والفروع يستوجب على المنخرطين في صفوف الفروع التسلح بالشجاعة والإرادة الحرة في اتخاذ مثل هذه الخطوة التي تعتبر حاجة ماسة للحفاظ على ماتبقى من الوجود القومي لشعبنا ، وبالرغم من أن البنية التنظيمية لمختلف الفروع معقدة ومرتبطة بالمركز عضوياً ، ولكن ليس هناك خيار آخر أمام الجميع سوى البدء بإنجاز تلك المهمة القومية النبيلة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…