الشعارات.. بالونات لدغدغة مشاعر الشعب..!!

عزالدين ملا
تتردد دائما العبارة: إن سبب ما نحن عليه هو سياسيونا أو بالأحرى قيادات الحركة الكوردية أو الهيكل القديم، أي قيادات قبل الثورة السورية، ألم يكن هؤلاء قياديو المصادفة هم أنفسهم كانوا يرددون هذه العبارة!!، فماذا حصل بعد أن تولّوا زمام القيادة، نفس العبارة تتردد في كل زمان ومكان . ولكن إن فكَّرناَ بشكل واقعي سندرك بأن العقلية الكوردية الاقصائية هي السبب. 
فالكوردي عنيد بطبعه يحب التسلط ولا يقبل التنازل  ولكن فقط لأخيه الكوردي، ولكن ما أن يبادر الغريب نحوه تراه يتلهف شوقا لمعانقته ومغازلته والتنازل له، هذه السذاجة الكوردية التي أعمت البصر والبصيرة وأهلكته من رأسه حتى أخمص قدميه.
منذ بداية الأزمة السورية، بينما كانت المظاهرات تعم أرجاء سوريا، جنوبا وشمالا، شرقا وغربا، كان للكورد بصمة قوية من خلال الحراك الشبابي الذين اندفعوا إلى الشوارع والساحات في معظم مدن وبلدات غرب كوردستان، مرددين هتافات تعبر عن وجدان وقيم الكورد، ولكن ما إن دخل الجانب المادي إلى الساحات حتى عمَّ الخلل والفوضى، وبدأ السباق بين الشباب، حيث قامت كل مجموعة بتأسيس تنسيقية أو هيئة أو منظمة شبابية وتحت يافطات عريضة، وكان الهم الوحيد هو كسب المزيد من الأموال تاركين شعارات الحرية والكرامة وبالتالي بدأت الانشقاقات والتكتلات، وهل كان للسياسيين أو قيادات الحركة الكوردية سبب في ذلك؟، هناك من يقول، أن للأحزاب الكوردية يد في ذلك.. 
ثم بدأت الحركة الكوردية بلملمة أحزابها تحت مظلة واحدة، تحت اسم المجلس الوطني الكوردي في سوريا، ونتيجة الصراعات البينية ظهر طرف آخر وتحت مسمى مجلس غرب كوردستان، وكانت مجموعة أحزاب المجلس لا يتجاوز خمسة عشر حزبا، ولكن هذه العقلية الفاسدة من الأنانية والإنتهازية من حب المال والذات، بدأت الإنشقاقات وأيضاً تأسيس أحزاب جديدة تحت مسميات “كبيرة”، حتى وصل أعدادها إلى أكثر من مئة حزب ومنظمة وتنسيقية، فقط الغاية هو المال والسلطة، دون الإكتراث لِما ستؤول إليه القضية الكوردية.
الآن وبعد مرور هذه السنوات، ما زالت مفقسة الحركة الكوردية تفرخ بين فترة وأخرى حزبا أو ما يشبهه، فقط لغاية في نفس هذه الأنا الكوردية في كوردستان سوريا. وهل سبب تأخر الشعب الكوردي في سوريا هو القيادات الكوردية؟ أم أن العِلّة في تلك العقلية غير السوية، هذه الأصوات التي نادت ذلك هم الآن قيادات نتيجة ظروف الفوضى أو لغايات عديدة، وهل فعلوا شيئا؟، لا، أمّا الشعارات التي يطلقونها ليست سوى بالونات دغدغة وتغبية الشعب.
في هذه اللحظة كوردستان سوريا تمر بمرحلة الاحتضار البطيء، وهل سبب ذلك السياسيين وقيادات الحركة الكوردية، طبعا لا، السبب في داخلنا هي عقلية المال والخنوع وعدم تقبل بعضنا والرضوخ للغير، دون أن يكون له دور أو شخصية.
هنا يقع اللوم على الجميع، كل كوردي يلقي بفشله على أخيه، دون أن يفكر أو يبادر إلى التفكير بأن هذا المستنقع الخطير سيؤدي إلى هلاك الجميع دون إستثناءات.
وما يمر به الشعب الكوردي في غرب كوردستان من فوضى وغلاء وجشع هو من نتاج أنفسهم، لأننا وقفنا مكتوفي الأيدي ولم نبادر إلى الوقوف في وجه ذاك الجشعي والفاسدي، وكما قال ألبرت أينشتاين “العالم لا يتحطم بواسطة الاشرار بل بواسطة من يشاهدونهم دون أن يفعلوا شيئا”. بل على العكس أدرنا ظهورنا، ولم نبالي لِما حصل ويحصل، منهم من ترك البلاد ومنهم من جلس ينتظر….. ينتظر ماذا ؟ حتى هو لا يدري.
تتالت السنوات وإزداد المال، وبذلك إزدادت الفجوة بين الشعب الكوردي وحقوقه المشروعة، والوضع يتجه نحو المجهول الذي لا عودة منه.
لذلك المطلوب من الجميع، التفكير برويَّة والعمل على بناء أواصر الإخوة والمحبة والتواصل، وترك المهاترات والتشييش وتشبيح والتخوين، وعلى الجميع الوقوف يدا واحدا وصوتا واحدا والمطالبة من الطرفين الكورديين بالتسريع نحو استكمال المفاوضات الكوردية من النقطة التي إنتهت، للوصول إلى موقف وهدف موحد يرضي الجميع ويدعم مركزه في الوسط السوري والدولي، والعمل أيضا مع كافة القوى والأطياف الوطنية السورية , لتحقيق مستقبل سوري واعد، يعيش الجميع فيه بحرية وكرامة وأمن واستقرار.  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…