الكرد والدين الجديد

عبدالعزيز قاسم

كردستان ليست فقط مهداً للكثير من الحضارات التاريخية، بل كذلك هي مهد للكثير من الأديان والطوائف المختلفة، فمن المفروض أن يكون هناك اهتمام كردي جدي بهذا الجانب للتقارب بين مختلف أديان كردستان على قواسم دينية وقومية مشتركة، وكخطوة أولية أرى من الضروري تأسيس مركز ديني كردي مشترك للحوار وللدراسات الدينية لأديان الكرد وطوائفهم (الايزيدية، الكاكائية اليارسانية، الاسلامية، المسيحية والعلوية …)) للعمل من أجل؛ إيجاد قواسم مشتركة لتعزيز ثقافة التعايش والمصير المشترك ولتعزيز الانتماء القومي والثقافي الكردي في ظل تزايد خطورة سياسات ومشاريع الدول المحتلة لكردستان الهادفة الى تفكيك بنية النسيج القومي الكردي بمختلف السبل ومنها تحييد بعض المكونات الكردية وبخاصة معتنقي الديانات الكردية كمحاولات تحييد الكرد الايزيديين في شنكال وقفقاسيا والكرد الشيعة في شرق كردستان وتحييد العلويين الكرد في شمال كردستان كما تحييد الكرد المسيحين وتجريدهم من هويتهم القومية الحقيقة قبل أكثر من قرن من قبل السلطنة العثمانية (التركية)، إضافة الى محاولات تحييد الكرد الناطقين باللهجات المحلية غير الكرمانجية الشمالية والجنوبية، كالكرد الناطقين باللهجات اللورية والبختيارية والزازية، 
والانكى كل من هذا وذاك يتم استغلال الاهتمام الدولي بقضايا الأقليات من قبل الدول المحتلة لكردستان لتمزيق المجتمع الكردي أكثر بدعم من مؤسسات الأمم المتحدة، وسط ظهور مؤشرات قوية لتشكيل (الإبراهمية) الدينية، في سعي لإيجاد تقارب بين أديان (العائلة الإبراهيمية)، المسيحية واليهودية والإسلام (السني) بدعم مصري وخليجي وإسرائيلي، إضافة إلى أنها دعوة منسجمة منذ زمن مع بعض القناعات الدينية السائدة في أوربا.
أما (الإبراهيمية) السياسية، فيحظى بدعم أمريكي وربما أوربي وروسي أيضا، وهي وسيلة لتبديد حالة العداء والصراع العربي الإسرائيلي.
 مع التأكيد أن (الإبراهيمية)، بجانبها السياسي والديني أيضا ليست موجهاً ضد الكرد، وبخاصة اذا ما أخذنا بالاعتبار الأصل الكردي للنبي إبراهيم عليه السلام، ولكن من المحتمل أن تسبب (الإبراهيمية) في ظل عدم وجود دولة كردية، تشوهات أخرى تمزق النسيج الكردي الممزق أصلا.
الإبراهيمية؛ هي مشروع شبه أممي لترسيخ حضور إسرائيل في المنطقة لخلق أرضية متينة للسلام والاعتراف بالقدس (أورشليم) عاصمة لإسرائيل وربما لاحقا سيتم إعادة اعتبار لليهودية والمسيحية على الضفة الغربية وعزل قطاع غزة وكذلك لتخفيف حدة الاختلافات الدينية بين اليهودية والمسيحية والإسلام، وأيضا لإيجاد مصالحة بين الأقباط والمسلمين في مصر وبالتالي ستكون لهذه المصالحة أثر كبير في الحد من نفوذ حركة الأخوان المسلمين المتطرفة، وسيمكن مصر من لعب دور أفريقي هام، وللحفاظ على مصالحها الحيوية في ((مياه النيل)) وبخاصة مع إثيوبيا وجنوب السودان، والإبراهيمية خليجيا هي أيضا لفتح باب السلام مع إسرائيل ودرء دول الخليج من مخاطر التمدد الشيعي الايراني وكذلك لوضع حد للطموح التركي، المنافس للدور السعودي في زعامة العالم الإسلامي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…