مقال قبل ست عشرة سنة للدعوة إلى تأسيس! « مجلس وطني كردي»

 
بينما كنت أراجع أرشيفي وقعت عيني على مقال لي كتبته قبل ست عشرة سنة من الآن، بعنوان “عاجل جداً إلى الحركة الكردية في سوريا: نحو مجلس وطني كردي”، بالرغم من أن المقال لايزايد على أدبيات الحركة الكردية، في تلك الفترة، إلا أنه في الكثير من فقراته يبدو وكأنه قد كتب- الآن- أو عشية تأسيس المجلس، عندما كان لنا، كمجموعة كتاب أو حقوقيين أو ناشطين، مشروع مماثل. مشروع إقامة – مؤتمر كردي- إلا أننا تركنا المشروع، بعد أن بدأ التحرك الفعلي لأجل مشروع المجلس الحالي الذي نراه أحوج إلى بث الروح فيه، باعتباره المظلة المرجوة لتمثيل شعبنا الكردي في كردستان سوريا، وإن كان مجرد بقائه، بعد كل ماتعرض له من محاولات محو، أو تغييب، مأثرة جد كبيرة،  وها هو أمام ضرورة إعادة النظر في علاقاته مع المعارضة المتواطئة، ضمن ما هو ممكن، بعد أن خذلت الكرد! 
أنشرالمقال، كما هو موجود، من دون أي تدخل فيه، وهو يبدو بأنه قد كتب بعيد استشهاد الشيخ معشوق خزنوي، وما ظهر، آنذاك، من تمحورات، نتيجة عوامل يمكن معرفتها، عند قراءة تلك المرحلة الزمنية، بتجرد.مع التنويه بأنه ليس في ما أنشره هنا، إدعاء نبوءة، بل استشراف حاجة ضرورية، من قبل كاتب كردي معني ومتابع، بأدواته المتواضعة في هذا الحقل السياسي.
عاجل جدا ً إلى الحركة الكردية في سوريا :نحو مجلس وطني كردي!
إبراهيم اليوسف
ثمّة شرخ واضح ، بات يشهده المتابع للمشهد السياسي الكردي في سوريا- بكل ّ أسف –وهو: تأزم الهوّة – يوما ً بعد يوم – بين خطابين كرديين- أقول : خطابين كرديين ولو تجاوزا ً، وبغضّ النظر عن إطلاق أيّ حكم قيمة على أيّ منهما، هنا ،وهو – في تصوري – يبقى مسوّغا ً،لو تم ّالاتفاق على الحدّ الأدنى من المتطلبات الملحة، ناهيك عن الثوابت ، وفي التالي الاتفاق على ما هو ثانوي ، قد يتمّ تقديمه ، هنا أو هناك ، في حال وجوده…..!.
ولعلّ هذا الشّرخ الأليم قد بلغ أوجه ،اليوم ، حيث يكفي اللّجوء إلى تقويم المسيرة السلمية في 5 حزيران الماضي، على سبيل المثال ، لا الحصر،ليضعنا أمام رأيين غير متقاطعين البّتة، بل متضادين تماماً، إلى حدّ الصّراع الذي يدعو إلى الحزن ،إذ كلّ طرف ( وأنا أتألم حين الحديث عن طرفين أو أطراف ) يخوّن الآخر…….؟!…
مع إنه-للحقيقة –كان يمكن مناقشة واقع هذه المسيرة، بهدوء ، وتسجيل ما يمكن تسجيله من ملاحظات عليها ،دون استخدام الأسلحة المحرّمة كردياً  في مواجهتها ، لتقويم موقف كلّ طرف في هذا الميدان ،ما دام أن الحقيقة ليست حكراً على أحد الطرفين دون الآخر ،بل وما دام أنه وفي أيذ حوار تنظّمه الضوابطن والثوابت، يمكن الوصول إلى القواسم المشتركة ، ونبذ ما هو خاطىء ، وإقرار ما هو مفيد على المديين القريب أو البعيد….!
حقيقةً ، إن كلّ كرديّ غيور ، وهو ما يقرأ ما ينشر من بيانات وبيانات مضادّة ، بل وكتابات نارّية، وكتابات مماثلة مضادة ، وهي تنتهك أيّة حرمات، شخصية ، أو حزبية ، يحسّ بمرارة في أعماقه ، لأنّ ذلك يخرج – تماما- ًمن دائرة النقد البناء ، إلى دائرة النقد الفتّاك….! .
و أعتقد أن الحركة الكردية في سوريا، لا تزال تفتقد تلك المرجعيّة الوطنّية غير المتأثرة بالحزبيّة الضيقة ، كي تكون عوناً” وفيصلاً” لا” فصيلاً” يعاد إليها –باستمرار-والاستئناس بآراء من فيها ، أثناءوضع البرامج، والخطط الممكنة ، والضرورية ، الآنية منها والستراتيجية ، على حد سواء !..
وفي مظنّتي ، إن مثل هذه المرجعية ينبغي تخيّر أعضائها( وبمعونة مباشرة من مجموع الأحزاب الكردية ) ممّن أسهموا تاريخيا ًَفي خدمة القضية الكردية في سوريا ، بإخلاص ، وتفان ،ولا غبار البتة على مواقفهم ، وهم الآن خارج أسوار – الأحزاب –بل خارج مزالق الأهواء ،والميول الحزبوية، بالإضافة إلى من يمثل – مجموع الأحزاب الكردية مباشرة–ممن يستعان بهم – عند الضرورة أو باستمرار – كأعضاء مراقبين، ويتمّ تمثيلهم في هذه المرجعية التي قد تسمى ب: “المجلس الوطني الكردي” ،على أساس حزبي ، أو إطارويّ ،وبعد الاتّفاق على تحديد مهام مثل هذا المجلس : كرديا ً وسورياً، لاسيّما وإن هناك تحضيرات جدية لمجلس وطني سوري عام، إن كان ذلك تحت رعاية السلطة، أو انطلاقا من دوافع وطنية حقيقية، أيضا في المقابل…؟
طبعا ً ،إن ما يدفعني – هنا –لتقديم مثل هذا المقترح العاجل ، وبروح عالية من المسؤولية ، كما أزعم ،هو جملة أسباب ملحّة ، قد أتطرق إليها ، إذا دعا الأمر للخوض في التفاصيل، أمام أية استجابة جدية ، من قبل المعنيين كرديّا ً، ناهيك عن حساسية وخطورة المرحلة ، لكي يكون الجانب الكرديّ الذي يمثل أكثر من مليوني ونصف كردي ، في أقلّ تقدير، مستعدّا ،ً لخوض أيّ مهمّة مطلوبة على الصعيدين : القوميّ والوطنيّ، وإزاء الحراك متعدّد الوجوه والأغراض، سواء ذلك الذي يدعو إلى الشطب على حقوق وحقيقة الكرد السوريين ،أو ذلك الذي يرى الكرد جزءا ًأساسيا ً من سوريا ، فعلا ً لا قولا ً! ، فحسب..!، لاسيّما إذا وضعنا في عين الاعتبار هذه المحاولات المدسوسة من أجل استعادة دور القبيلة : – وخلق نوى جديدة ، معروفة الدوافع ، مع إنها في المحصّلة تتم ّليس عن سوء طويّة من وراء هذا المشروع اللاوطنيّ ، بل تتم في الوقت نفسه نتيجة سقوط هؤلاء في فخاخ التاكتيك على حساب ما هو استراتيجي ، وعلى عادتهم في كل مرة …
ها أنا أقرع الأجراس
والله من وراء القصد …
الحوار المتمدن-العدد: 1260 – 2005 / 7 / 19 – 10:20

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…