بيان مشترك حول الذكرى العاشرة لانطلاقة الثورة السورية

 

للمرة العاشرة تعود هذه الذكرى على السوريين ولم نصل بعد لما طمحنا لتحقيقه من هذه الثورة؛ فما أردناه كسوريين لم يكن قليلاً أبداً فقد حبس العالم أنفاسه عندما بدأت الانتفاضة السورية بشجاعة منقطعة النظير، ولا نظن أن أي ثورة في العصر الحديث احتاجت لتلك الدرجة من الشجاعة التي احتاجها السوريون للبدء بانتفاضتهم؛ فالثورة على نظام حكم استثنائي بحاجة لعوامل كثيرة لكي تنتصر، أقلها القيادة المركزية والهدف والبرنامج والرافعة المجتمعية والأدوات.
على باب العام الحادي عشر، مازلنا نعتقد أن الانتقال السياسي وفق بيان جنيف الأول والقرار 2254 لعام 2015 كأساس للحل والاعتماد الكلي لمواثيق الأمم المتحدة في الحوكمة والإقرار بحقوق المرأة والطفل والمكونات القومية وحرية الاعتقاد ورفض التمييز على أساس العرق أو الجنس أو العقيدة أو اللون إنما تشكل الأسس لحل مشاكل الشعب السوري، وهي بمجموعها المدخل الوحيد إلى فضاء الحريات العامة والخاصة والمساواة في الحقوق والواجبات وفي الديمقراطية وفي فصل السلطات وفي حقوق المكونات القومية وغيرها من المهام المطلوبة لرفع الحيف والظلم عن كاهل السوريين، كما نعتقد أن حل القضية القومية للكرد السوريين وغيرهم من الأقليات على أساس وطني ديمقراطي هو الحل الذي يحقق الديمومة ويقر بحقوق جميع السوريين بالمواطنة المتساوية.
خلال السنوات العشر الماضية عانى السوريون بغالبيتهم الساحقة من جميع أشكال القتل والتعذيب والتهجير على يد السلطة الطغمة وبحالات أقل بكثير من حيث الكم على يد الفصائل الجهادية والإسلامية، لذلك نعتبر هذه الأطراف شركاء مع النظام في معاداة الثورة والشعب السوري الطامح للحرية والكرامة ولذلك أيضاً نعتبر أن البرنامج السياسي الوطني الديمقراطي هو البرنامج المطلوب لكل القوى الوطنية السورية الطامحة للانتقال السياسي من عصر الاستبداد والتمييز إلى عهد جديد يسوده الوفاق والديمقراطية والمساواة في الحقوق والواجبات.
عبر السنوات العشر الماضية، ربطت السلطة الطغمة والفصائل الجهادية مستقبل سوريا بمصالح القوى الإقليمية كإيران وتركيا وقطر وبعض الدول العظمى كروسيا وبرؤيتهم للسلطة القادمة على مقاس طموحات عمامات ملالي إيران أو عمامات مشايخ الفتنة والتطرف، وبذلك فقد الشعب السوري ثقة المجتمع الدولي بعد أن تحول إلى مجتمع يسوده التطرف والنزعات المعادية للمجتمع الدولي والقيم الإنسانية. لكل تلك الأسباب نرى أن من واجبنا السعي إلى إقامة أوسع تحالف ديمقراطي على قواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة المعتمدة في الدول الديمقراطية المتقدمة.
وبالرغم من الأثمان الفادحة التي دفعها الشعب السوري فإن النتائج حتى الآن لا ترقى أبدأً إلى مستوى تلك التضحيات فمازال النظام يرزح بكل ثقله الكارثي على صدور السوريين، وما يزال يمارس أشد أنواع السياسات المعادية لمصالح الغالبية الساحقة من السوريين بربطه مصيرهم ببقاء الجسم الحالي للنظام وربط سوريا بالمشاريع الإيرانية والروسية وبمحاولاته المستمرة لإعادتهم إلى حظيرة سيطرته وإحكام قبضته الأمنية على أعناقهم. وبالرغم من كل الجرائم التي ارتكبتها المعارضة الإسلامية بحق المبادئ التي انطلقت من أجلها الثورة وتخويف المجتمع الدولي من المستقبل الذي ستؤول إليه الأوضاع في سوريا في حال سقط النظام فإننا نرى أن خطر السلطة- الطغمة لازال الخطر الأكبر ولاتزال المهمة المركزية للمعارضة السورية هي إنجاز الانتقال السياسي على جثة النظام القائم إلى فضاء الكرامة والحرية ونحن ندرك خطر الإسلاميين، لكنه محكوم، إقليمياً ودولياً، برفض قاطع لوصولهم إلى السلطة في سوريا أو في غيرها من دول المنطقة.
بعد كل هذه السنوات وكل هذه التضحيات، لم ترق المعارضة بكل أطيافها إلى مستوى الأداء المطلوب؛ فمازالت مفككة تنظيمياً وبرنامجياً وتفتقد للاستراتيجية وتختبئ خلف الشعارات الشعبوية والمشوهة ولا تعطي الأهمية المناسبة لمسألة التحالفات وتشكيل الجبهات وتعزيز روابط الاتفاق وتنظيم الاختلاف والخلافات. كما تفتقد للخطاب الإعلامي الموحد للسوريين والمقنع للرأي العام المحلي والدولي والمستند إلى الوقائع والحقائق وما أكثرها، بدون اللجوء إلى الفبركة والتزييف والإشاعة.
إننا في تيار مستقبل كردستان سوريا وتيار مواطنة ومجلس إيزيديي سوريا، نجدد في الذكرى العاشرة للثورة السورية التأكيد على مطالب الانتقال السياسي والإقرار الدستوري بحقوق الكرد السوريين وحلّ قضية الأقليات وفق مواثيق الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق المواطنة للأفراد والأقليات، ونشدد أيضاً على ضرورة إطلاق سراح المعتقلين والمختفين قسراً والكشف عن مصير المفقودين وإقرار العدالة الانتقالية من خلال تعميم مبدأ الولاية الدولية في ملاحقة المجرمين كجزء أساسي من آلية الحل السياسي وخاصة لمرتكبي جرائم الإبادة الجماعية كاستخدام الأسلحة الكيماوية. كما نجدد مطالبة المعارضة الوطنية الديمقراطية السورية بضرورة التكتل والعمل المشترك من خلال تشكيل الجبهات والتكتلات والاندماجات لإعلاء البرنامج الديمقراطي فوق البرامج الفئوية والضيقة. ويبقى المطلب الملح الآن في مطالبة جميع الدول الفاعلة برفض الانتخابات الرئاسية المقبلة في هذا الصيف واعتبارها تكريساً للأزمة والمأساة السورية.
تحية للسوريين في ذكرى ثورتهم.
الحرية للمعتقلين والمختطفين والمختفين قسرياً.
 
تيار مستقبل كردستان سوريا
مجلس إيزيديي سوريا
تيار مواطنة
١٤ آذار ٢٠٢١

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…