بهزاد عجمو
عندما يكون هناك فساد واستبداد في أي دولة من دول العالم تتحول هذه الدولة إلى مستنقع آسن تتجمع فيها كل الحشرات و الجراثيم لتتغذى على بعضها البعض و لتنشر الأمراض ، هذا هو حال سوريا في العشر السنوات الأخيرة ، فتسابقت كل التنظيمات الإرهابية في العالم إليها و كذلك الدول التي تمارس إرهاب الدولة، و إن الإرهاب هي كلمة مطاطة وذو عدة أوجه فلا تعريف متفق عليه فكل طرف يعرفها حسب أهوائه و مصالحه و أجنداته، أما الشعب السوري فلا حول ولا قوة له في هذا الواقع المرير و أصبح في نظر كل الأطراف المتدخلة في سوريا هو عبارة عن قطعان من الأغنام تأكل و تنام ثم تساق إلى المسالخ لتذبح أما الغير مذبوحة فيعرضونها في سوق الغنم ليبدأ (البازار) عليها، فالأطراف المتصارعة يضعون يدهم بأيدي بعض ويهزونها وكل منهم يقول سعر معين إلى أن يتفقوا على السعر و يبيعوننا لبعضهم البعض
فدول كثيرة قد دخلت في هذا (البازار) ولكن سنسلط الضوء على روسيا وتركيا على سبيل المثال لا الحصر و خاصة في الآونة الأخيرة حيث أمريكا و إيران مشغولتان بالمعركة الإعلامية المحتدمة بينهما مما جعل الساحة فارغة نوعاً ما لتركيا وروسيا ، فتركيا لها مطامع في روج آفا حيث يوجد النفط و الغاز و أشجار الزيتون و بحار من سنابل القمح و المئات من التلال التي تحوي آثاراً أسعارها تقدر بأرقام فلكية من الدولارات، هذا بالإضافة إلى القطن والشعير والعدس و التوابل حيث تعتبر روج آفا كنز من الناحية الاقتصادية و كل الأطراف المتصارعة تريد الاستيلاء على هذا الكنز بما فيها تركيا ، كما أنها تريد أن تستعيد أمجاد الإمبراطوية العثمانية و العودة إلى الميثاق الملي و روسيا أيضاً تريد الاستيلاء على هذا الكنز لتعوض خسائرها الاقتصادية التي خسرتها أثناء معاركها في سوريا بعدما وجدت الفرصة سانحة لها بعد تخبط سياسة أمريكا في العراق وضبابية سياستها في سوريا و انحسار دورها في العالم بسبب السياسة الرعناء التي تتبعها في العالم منذ بداية الألفية الثالثة.
فروسيا تريد أن تملأ الفراغ الذي تتركه أمريكا بسبب الفشل فتتبع سياسة الخطوة خطوة واضعة نصب عينيها استعادة أمجاد الإمبراطورية السوفيتية أولاً وجعل حلف الناتو في خبر كان مثلما أصبح حلف وارسو من الماضي.
من هنا فإن روسيا وتركيا تمارسان مع بعضهما البعض لعبة في غاية الخبث و الدهاء و المكر والخداع و كل منهما يحاولان استعمال كل أوراق الضغط التي لديه ضد الآخر لتحقيق أهدافهما على حساب الآخر .
كما أن روسيا لا تريد أن تفشل في سوريا و تجر خلفها ذيول الخيبة حيث تعلم أن كل المعارك التي خاضتها لمساندة حليفها النظام السوري لم تحقق سوى انتصارات وهمية و زوبعة في فنجان، و أنها تدرك أن الانتصار الحقيقي هو الانتصار الاقتصادي لأنها تكون الأساس لكل الانتصارات و هي على دراية أن النظام يعاني الأمريين اقتصادياً لذا فهي من جهة تلعب مع تركيا لعبة الصفقات لأنها لا تريد أن تخسر تركيا لاستعمالها ورقة ضد أمريكا و ضد أوربا ولتفكيك حلف الناتو إن دعا الأمر و تريد الإبقاء على الإدارة الذاتية لكي يسيطر النظام على شرق الفرات وحسب رأيها فإن سوريا بدون الموارد الاقتصادية لشرق الفرات تعتبر سوريا مثل البطة العرجاء السقيمة الهزيلة.
لذا فإن موقف روسيا لا يحسد عليه وهي أمام معادلة صعبة الحل إن لم تكن مستحيلة الحل فهي لا تريد أن تخسر تركيا ولا تريد أن تخسر في سوريا وهي تعلم جداً أن إدارة بايدن لا تكن لها الود مثل إدارة ترامب وخاصة وزير خارجية بايدن الذي لديه فوبيا تجاه روسيا ونستطيع ان نقول ان الأشهر الستة القادمة من إدارة بايدن ستكون حاسمة في العلاقات التركية الروسية وهل ستسمران في عقد الصفقات على حساب الشعب السوري ام سيكون لإدارة بايدن رآي آخر لأن أمريكا تظل بيضة القبان في الشرق الأوسط رغم ان ترامب بتخبطاته جعل هذه البيضة فارغة ولا وزن لها فهل ستعيد إدارة بايدن لهذه البيضة وزنها وثقلها ام سيكون أسوأ من إدارة ترامب وفي السياسة كل شيء محتمل ومتوقع.