القيادات الدنيئة

أحمد مرعان

التسلسل المنطقي لمفاهيم السياسة ومراحل التداخلات من قبل المناهضين وفق معطيات المرحلة، بعيداً عن التصوف والانحياز الفكري والعقائدي الذي يرمي إلى التعنت وفق أجندات ومصالح شخصية وفردية لا يجنى منها سوى الندم، وقلب الحقائق لمصلحة من يريدون تحقيق مصالح بعيدة المنال، للدراسة الايديولوجية، من خلال بعد النظر لمستقبل آت لا محالة، ولو بعد حين ، وما هؤلاء إلا جنود أوفياء للأجندات الفكرية وبيادق تتحرك وفق أهواء وأنانيات لتحقيق المصالح الذاتية، من خلال هامش تركه أصحاب القرار، للنيل منهم بأقصى درجات العطاء الرخيص ، وما هم إلا خونة من جهة البعد السياسي والتاريخي.
 يرمون بأبناء جلدتهم إلى الهاوية، دون دراية وإدراك لما توؤل إليه القضايا في المستقبل المنظور ، وماهم أيضا إلا مطية يستنهضون بوساطتهم لاستدراج المجتمع إلى الخضوع والخنوع لمتطلبات الحياة الاجتماعية واستمرارية البقاء، على أمل أن تتبدل الأحوال إلى ماتتوق إليها أنفسهم التي سرعان ما تتبدل المفاهيم عندهم إلى الاستمرار بالبقاء تحت مظلة التوقيت الزمني ، وهكذا يتوالد لديهم حب المتابعة إلى أن تسيطر التبعات التي يبغيها أصحاب النفوذ ، وتنتشر حالة الفوضى اللامتناهية وتستقر بهم للاستسلام للمفاهيم الجديدة المصطنعة، والدفاع عنها تحت ذريعة شعارات تتبلور هنا وهناك حتى تتمكن منهم ، وبالمقابل تترسخ لتصبح اساسيات لا يمكن الحياد عنها ، وبذلك فقد تدنت القيم وتلاشت القضايا الأساسية بمعطيات ومسميات جديدة ، وليس من نتيجة تحصر ولا تحقيق هدف سوى الرضوخ لمسلمات الواقع المتجدد ، ويبقى سلم التنازلات يحدو بنا إلى الهاوية، من دون هدف يذكر ، وتتلاشى القضية برمتها في براكين الحضارات التي تتوالد لنكون وقودها الذي لا ينضب وهكذا دواليك ..إنها ثورة جديدة بمفاهيم أكثر تأثيرا دون تكاليف وضحايا من قبل من أناطوا بنا لهذا الدور الرخيص ، وتسخير أكبر قدر ممكن من الطاقات البشرية التي ستنتفذ يوما ما، حتى يتمكنوا من السيطرة وفرض إرادتهم وفق المصالح التي يبغونها دون عناء ومناورات جادة كما هو الحال اليوم..
كيف الخلاص من هذه التدخلات الرخيصة ومازالت الآمال قائمة ومعلقة على الغيارى والمغرر بهم الذين يدركون الحقيقة أكثر من غيرهم لإعادة النصاب إلى دفة الموازين وتحقيق ثورة على الثراء اللاشرعي على حساب البلاد والعباد، وطمس القضايا الأساسية وضياعها بمسوغات لا طائل منها ..
لا بد من الوقوف عند استدراج البلاد إلى حروب دائرة في الدول النامية ، ومدى ردود الأفعال في الساحة الإقليمية دون تأثير على تغير مجرى الأحداث سوى للأسوأ مناطقيا ومحليا، وما يتوالد عنها ظهور جماعات متطرفة في ظل الثورات المعلنة ومدى تأثيرها على إطالة الخلافات ، ومناورة الدول العظمى للبقاء ، والحصول على نفوذ متجددة ، وزرعها للفتن بزعم الوصاية وفق قرارات افتعلتها على الساحة للتغطية على استمراريتها ..
خارطات الطرق التي تطرح بين الفينة والأخرى ليست إلا فقاعات ( كلمة حق يراد بها باطل ) تبغى منها إطالة الأزمات حتى تنكشف معالم توزيع الغنائم فيما بينها ، وبالتالي ليس من ضحية إلا الأوفياء من الشعوب المغلوب على أمرهم إذاً .. كنا ومازلنا نعيش بشرائع الغاب ..
وقد طمست المفاهيم الإلهية عبر الأديان السماوية التي أرادت نشر العدالة بين مكونات المجتمع التي ترتكز بجميع معطياتها على سيادة الأخلاق وتوزيع الثروات وفق معاير بعدالة على كافة أفراد المجتمع دون تميز ..
ومانراه اليوم لدى جميع الزعماء المتحكمين بالسلطات ليس إلا من رحم ربي يسنون القوانين لجمع الثروات للتميز عن ممن سبقوهم بالحنكة وتحقيق المكاسب لتخلد أسماؤهم في التاريخ ، وهذا مما أثر على قناعات سادت وأصبحت تتدارس وفق قوانين وقرارات ارتجالية لا تحقق سوى المزيد من التناحرات والضحايا ( انا ومابعدي الطوفان )..
وهكذا تتلاشى القيم والمفاهيم الأخلاقية ، وأصبحت لغة الساسة والسياسة المنظم الأساسي لحياة الشعوب ، مما تتوالد عنه الكثير من الكوارث إلى مالا نهاية..
كيف السبيل إلى إصلاح المفاهيم الجديدة السائدة :
_لو خيرت تلك الدول المتحكمة ، لما تنازلت عن نفوذها وقيادتها ، ما دامت تستطيع تصنيع آلة الحرب وبيعها لتلك المسماة بالدول .
_ولو تنازلت قيادات تلك المسماة بالدول عن امتيازاتها الفردية .
_ ولو اتفق العالم على نبذ الخلافات ووضع دساتير جديدة تحول دون استخدام الأسلحة ومنعها دوليا ، وتوزيع الثروات لأبناء شعوبها لساد العدل والأمان وتضاعفت العطايا( كلٌ حسب جهده ) وتقديم المفيد للعالم ، وتلك لا أظنها تتحقق إلا في زمن المهدي المنتظر ..
إذا لماذا لا نستبق الأحداث ونحقق الغايات مادامت النهايات هي الرحيل بما يسمى الموت .
أيهما أفضل العدل والمساوات أم الحرب والدمار ؟..
ولا أظن هذا يتوارد في خاطر أحد ما ، وهو بعيد كل البعد عن الواقع وربما لا يليق بالتفكير حتى لدى المظلومين منهم لعدم جدوى الحديث به وطرحه على الساحة سوى ضرب من الخيال..
فلتستمر المفاوضات والتناحرات والحروب وتحقيق المكاسب ، لنرى إلى أين المستقر ؟..
وما نحن إلا جنود نستبق الساحات ونحقق الغايات ونرفع الرايات ..
النصر هنا والهزيمة هناك ، الكر والفر عنوان ساحات الوغى ..
ليس إلا ..نهايات فاشلة بحجم الفشل المتلاحق على جميع المستويات ” فالأيام دول ” إلى أن يرث الله الأرض وما عليها ؟!..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…