طغاة إيران: سباق مع الزمن

 سعید عابد*
إن عقارب الساعة تدق بالنسبة للحكام الاستبداديين في إيران، حيث يجدون أنفسهم معزولين بشكل متزايد ومحاصرين في مواجهة السخط المتزايد والاقتصاد المنهار.
لقد أثبت لنا التاريخ مراراً وتكراراً أن سقوط الأنظمة الدكتاتورية ليس حدثاً مفاجئاً، بل هو تتويج لسنوات من القمع والفساد وسوء الإدارة. وفي أعقاب انهيارهم، ظهر سيل من الأدلة، يكشف مدى فظائعهم والمعاناة التي ألحقوها بشعبهم. وهذا هو الحال مع النظام في إيران، حيث سيطرت الفاشية الدينية لعقود من الزمن، مما أدى إلى خنق المعارضة ونهبت ثروات البلاد لصالح قلة محظوظة.
وتجد إيران نفسها على حافة انقسام طبقي عميق، تفاقم بسبب الانتخابات البرلمانية الصورية الأخيرة التي لم تؤد إلا إلى تعميق الغضب والاستياء الشعبي. ولم تؤد محاولات النظام لإضفاء الشرعية على نفسه من خلال المهزلة الانتخابية إلا إلى زيادة عزلة الشعب، الذي يرى حقيقة هذه المسرحية ويرفض المشاركة في نظام مزور.
ومن ناحية أخرى، أصبحت محنة الإيرانيين العاديين أكثر خطورة من أي وقت مضى، حيث أصبحت الخدمات الأساسية في حالة من الفوضى والضروريات الأساسية بعيدة المنال على نحو متزايد. ويتجلى هذا الأمر بشكل أوضح في بلوشستان، حيث تجتاح الفيضانات المنطقة بينما تقف الحكومة مكتوفة الأيدي، غير مبالية بمعاناة مواطنيها. وينعكس هذا الإهمال المتعمد في أجزاء أخرى من البلاد، حيث تلوح في الأفق حالات الإفلاس والانهيار والأزمات الاجتماعية.
وترسم الإحصائيات الأخيرة صورة قاتمة للتدهور الاقتصادي في إيران، حيث تشهد السلع الأساسية معدلات تضخم مذهلة، ويعيش نصف السكان تحت خط الفقر. ولم يؤدي الانخفاض السريع في قيمة العملة الوطنية إلا إلى تفاقم المشكلة، مما جعل الحياة غير قابلة للتحمل على نحو متزايد بالنسبة للإيرانيين العاديين الذين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم.
ولكن ما الذي يكمن في قلب هذا السخط المتزايد؟ ويريد المدافعون عن النظام أن يجعلونا نعتقد أن ذلك مجرد نتيجة للصعوبات الاقتصادية، ولكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. إنه شعور عميق بالظلم والخيانة، تغذيه سنوات من الفساد والقمع والقمع السياسي. لقد سئم الشعب الإيراني من الوعود الفارغة والخطابات الجوفاء؛ إنهم يطالبون بتغيير حقيقي وهم على استعداد للقتال من أجله.
ويشكل الانخفاض الأخير في المشاركة في الانتخابات علامة واضحة على خيبة الأمل المتزايدة هذه. وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي يبذلها النظام للحفاظ على وهم الدعم الشعبي، فإن عدداً متزايداً من الإيرانيين لا يرغبون في إضفاء الشرعية على نظام فاسد وغير شرعي. وبدلاً من ذلك، خرجوا إلى الشوارع للاحتجاج، مطالبين بوضع حد لاستبداد النظام وإقامة حكومة ديمقراطية حقيقية وشاملة.
لكن أيام النظام أصبحت معدودة، وهو يعرف ذلك. إن الشعب الإيراني، إلى جانب حركة المقاومة ووحدات المقاومة، يسيرون بثبات نحو ثورة أخرى، ثورة ستطيح بالنظام القديم وتبشر بعصر جديد من الحرية والديمقراطية. إن محاولات النظام لتأخير ما لا مفر منه غير مجدية؛ إن تيار التاريخ ضدهم، وسقوطهم مؤكد.
وقد بدأنا بالفعل نرى علامات يأس النظام وهو يلجأ إلى تكتيكات وحشية على نحو متزايد لقمع المعارضة والتشبث بالسلطة. ولكن الشعب الإيراني لا يمكن أن يخاف؛ إن تعطشهم للحرية والعدالة لا ينطفئ، ولن يهدأ لهم بال حتى يستعيدوا بلادهم من قبضة الطغيان.
وفي كل ركن من أركان إيران، يردد الشباب المتمردون صرخة الاحتجاج: “لقد حان وقت الثورة”. وبالفعل، حان الوقت الآن. إن أيام النظام أصبحت معدودة، ولن يتوقف الشعب الإيراني حتى يحقق النصر الذي طال انتظاره. يراقب العالم بفارغ الصبر التاريخ يتكشف في شوارع طهران وخارجها، مدركًا أن النضال من أجل الحرية في إيران هو نضال من أجل الإنسانية جمعاء.
*سعيد عابد عضو لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ ناشط في مجال حقوق الإنسان، وخبير في شؤون إيران والشرق الأوسط

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…