سعيد فرمان
إن إحياء ذكرى إستشهاد القائد الوطني الكردي الكبير قاضي محمد .
رئيس الجمهورية الكردية التي تأسست عام 1946.
والمسماة بجمهورية مهاباد (نسبة لعاصمتها مدينة مهاباد).
يستدعي إستعراض أسباب قيام وإعلان تلك الجمهورية , وكيفية إنهيارها وزوالها.
وذلك من خلال الوقوف على حقيقة أطماع وأهداف الحكومة السوفيتية بإعتبارها كانت هي الدولة التي تسيطر على الاجزاء الشمالية من إيران ( كردستان- آزربيجان ) بشكل ميداني – عسكري مباشر , والكف عن ترديد وتسويق الآراء والتفسيرات الخاطئة والكاذبة بهذا الخصوص, وكلما فتح باب السجال وإبداء الرأي حول هذا الموضوع 0
واللافت في الامر إن قوى كردية سياسية , وفئات وشرائح ثقافية وفكرية إنجرت هي أيضاً للإسهام الى حد ما في الترويج لتلك الآراء الخاطئة , وكعادتها عندما تحاول فتح ملفات التجربة التاريخية للشعب الكردي بقصد التحليل والإستفادة , وأخذ الدروس والعبر منها وذلك لجهل بحقائق التاريخ أو بالواقع الجيوسياسي للمنطقة , أو بقصد تشويه الحقائق والعبث بالتراث والفعل التاريخيين لهذا الشعب كحالة تعبير عن رؤى ايديولوجية معينة والإرتهان لمشيئتها ومنطلقاتها .؟
لقد ركز ذلك الطرح التسطيحي للإمور على الجانب الذاتي المتعلق بطبيعة الانتماءات الاجتماعية القبلية والدينية لقادة ورموز الجمهورية الكردية , وحصر أسباب الإخفاق , وعدم مقدرة الجمهورية الفتية في الاستمرارية والبقاء في تلك الانتماءات, إضافة لمسألة سوء التقدير من جانب القيادة السوفيتية لمدى قدرة الكرد في الدفاع عن انفسهم وعن جمهوريتهم .
؟ إن سبب إنهيار جمهورية مهاباد يعزى وفق هذه الرؤية الى وجود إشكالية بنيوية في التركيبة الاجتماعية- الطبيقة للمجتمع الكردي , مع أخطاء إرتكبها الحلفاء السوفييت من غير قصد , كما يتصورون , تجلت في عدم إدراكهم لقدرات وإمكانيات الجمهورية الكردية الوليدة حديثاً !!!
إن طرح المسألة بهذا الشكل الساذج والمبسط يعكس الى حد كبير رؤية أحادية الجانب , رؤية لا تستطيع النفاذ الى جوهر القضايا والمسائل , أو ملامستها وفك بعض رموزها ومفرداتها , لذا فهي رؤية متخطية لجهة إنتماءها الحقبوي – الزمني , ومدانة أيضاً كونها تصنف في خانة الايديولوجية التي إنتكست عالمياً , وباتت موضع اخذ ورد ؟ إن بطلان هذا الطرح المبتذل للقضية يتجلى لكل من يريد معرفة الحقيقة بوضعها تحت المجهر والتنبيش في ثناياها , وإيضاح واقع تلك المرحلة من خلال0
1 – إن مسألة تركيبة المجتمع الكرديي القبلية والعشائرية والدينية هي مسألة واقعية , ولا يمكن تجاهلها أو القفز عليها , كما انها ليست مشكلة كردية خاصه , ولا ينفرد الكرد لوحدهم بها ؟ فالبنية الاجتماعية والتركيبة القبلية والدينية والعشائرية لشعوب وقوميات هذه المنطقة تتشابه الى حد كبير , ولا توجد قومية بعينها تتقدم على باقي القوميات والامم في الشرق الاوسط , أو تتمايز عنها ؟ وهذا الجانب , أي مسألة التكوين القبلي لم تشكل عائقاً أمام العديد من هذه الشعوب والقوميات لبناء دولها القومية والوطنية ؟ بمعنى آخر عندما تكتمل الشروط والعوامل الجامعة لقيام كيان سياسي أو دولة ما , لا يستطيع عامل التكوين القبلي لوحده وبمفرده إن يمنع قيام تلك الدولة أو ذلك الكيان , وبناء الدول في الشرق الاوسط دليل واضح وأكيد على ذلك0 ؟؟؟
2 – مسألة سوء التقدير من جانب القيادة السوفيتية لإمكانيات وقدرات جمهورية مهاباد , مجافية للحقيقة والواقع ؟ لقد كان الروس هم القوة الوحيدة آنذاك في كردستان , وقد تم الاعلان عن قيام الجمهورية تحت رعايتهم , وبدعم وإسناد مباشر وعلني من قبلهم , وكانوا مطلعين على كل كبيرة وصغيرة , لذا فإن موضوعة عدم إدراكهم أو عدم معرفتهم بقوة الكرد الحقيقية , أو جهلهم بها , يدخل في نطاق الرياء والنفاق السياسيين بشكل سافر ومكشوف ؟ والامر الحقيقي هو إن المصلحة الروسية لم تتقاطع آنذاك وفق حساباتهم مع المصلحة والطموح الكرديين , وترك الكرد نتيجة لذلك ولوحدهم يواجهون مصيرهم أمام القوة الشاهنشاهية المدعومة من قبل القوات البريطانية التي كانت تتواجد أنذاك في الجنوب الإيراني , لقد ساد منطق المصالح على الاعتبارات الاخرى , وحصل الانسحاب بعد إن تلاقت المصالح الروسية والايرانية , وإنهارت الجمهورية الفتية , واعدم زعمائها وقادتها وفي مقدمتهم الشهيد الكبير قاضي محمد , وتعرض الكرد مرة اخرى لعمليات القمع والتنكيل , والتهميش0
– إستناداً لهذه الحقائق التي لا يمكن تجاهلها , أو التغاضي عنها , وللمزيد من الايضاح لخفايا السياسة السوفيتية في إيران عموماً وحول القضية الكردية خصوصاً في تلك المرحلة ,لا بد من التوسع قليلاً في بيان حقيقة الامور والمسائل التي كانت تتفاعل,وترسم دائماً بالإنطلاق من المصالح0
1 – على الصعيد الإيراني العام : مع التواجد العسكري- الميداني الروسي في الاجزاء الشمالية من إيران ( كردستان- آزربيجان) .
كنتيجة لتطور مجريات الحرب العالية الثانية , و حدوث إنعطاف جذري في وجهتها لصالح الحلفاء , حاول السوفييت , وعملوا على خط تغير النظام السياسيي , من خلا دعم الفئات والقوى الراديكالية واليسارية , وعلى وجه الخصوص حزب تودا الذي كان يتبنى أيديولوجية الدولة السوفيتية.
إن مسألة الاستحواذ على السلطة في إيران كانت تدغدغ مشاعر القيادة الروسية , وتسيل لعابها ؟ لذلك إجتهد الروس كثيراً على هذا الصعيد , ولو للسيطرة على بعض المواقع كخطوة أولية , إلا انهم لم يلاقوا أي نجاح في هذا الميدان , لأسباب لسنا الآن بصدد ذكرها أو الوقوف عليها,
2 – المحور الثاني للسياسة الروسية تجلى في العمل على إيجاد كيان أو دولة آزرية في إيران ومن ثم ضمها أو إلحاقها بدولة آزربيجان السوفتية , وعلى الرغم من قيام تلك الجمهورية الآزرية الديمقراطية ذات الحكم الذاتي على غرار وشاكلة جمهورية مهاباد الكردية , لاقى التوجه الروسي بهذا الخصوص أيضاً الممانعة والفشل لأسباب تجسدت بمعظمها في موقف الشعب الآزري من مسألة الانضمام للدولة السوفيتية التي كان يؤخذ عليها الكثير على صعيد الايديولوجيا , والتعامل مع القيم الروحية والاثنية للشعوب والقوميات التي كانت تنضوي تحت لوائها0
3 – المحورالثالث للسياسة السوفيتية تجسد في شكل التعامل مع القضية الكردية , وكيفية التصرف بشأنها , وقد إتخذ منحيين مختلفين0
المنحى الاول : رأت القيادة الروسية في البداية إن مصلحتها تكمن في العمل على تشكيل دولة كردية من الكرد في كل من إيران وتركيا والعراق , لتكون مدخلاً لها للتوغل في منطقة الشرق الاوسط حيث منابع النفط , والموقع الهام الذي تتمتع به على صعيد موازين القوى العالمي , والتوازن الدولي , ولإضعاف الحكومات والانظمة في تلك الدول بإعتبارها كانت أنظمة غير موالية لها , وغير مستساغة من قبلها , إلا إن هذه الرؤية لم تلتمس طريقها الى النور , بسبب تخوف الروس من ان مثل هكذا كيان سيجلب لهم المتاعب والمشاكل نتيجة للطبيعة القبلية لقادة وزعماء الكرد , حسب تصورهم , وان هذه الدولة ستصطف الى جانب العالم الغربي الرأسمالي , مما يؤدي ذلك الى تعقيد الامور أكثر في المنطقة , وفي نهاية المطاف فهي بغنى عن هذه الرؤى والاستراتيجية 0
المنحى الثاني بخصوص القضية الكردية , تجلى في العمل على إيجاد بديل عن الطرح الاول بحيث يكون أكثر إنسجاماً وتوافقاً مع مصالحها , وكانت الاستراتيجية التي تبنته القيادة السوفيتية هو قيام كيان كردي ذات حكم ذاتي (وهو ما قامت به) وضمه الى الجمهورية الآزرية ومن ثم إلحاقهما معاً بجمهورية آزربيجان السوفيتية كحل نهائي للمسألة0 لقد لاقى هذا الحل للقضية الكردية الرفض والمعارضة الشديدة من قبل قادة الجمهورية الكردية وزعمائها , خاصة من قبل الشهيد الكبير قاضي محمد , والحزب الديمقراطي الكردستاني , وأدى التباين في المواقف فيما بعد بين القيادة الكردية والروس الى حدوث شرخ في العلاقات التي كانت قائمة بين الجانبين, ومع إقتناع الروس شيئاً فشيئاً , ومن خلال اللقاءات العديدة التي تمت بين الجانبين من ان الكرد لن يرضخوا لشروطهم وإملاءاتهم , وان انصاف الحلول التي عرضوها على الكرد لم تلاقي الاستحسان والقبول , تحول إهتمامهم نحو تحقيق مكاسب لهم بالتعامل مع المركز , وهذا ما حصل على أرض الواقع , ومع الانسحاب البريطاني من إيران تنفيذاً للإتفاقيات المبرمة بين دول الحلفاء , بدأ السوفييت بالضغط على الحكومة الإيرانية , وحصلوا بذلك على إمتيازات لإستخراج النفط في إيران , والحصول على ضمانات لبقاء جمهورية آزربيجان ذات الحكم الذاتي ,دون أي ذكر لوضع الشعب الكردي أو جمهوريته , ومع تزايد الضغط الدولي , وتنفيذاً للتفاهم الروسي الإيراني , إنسحب الجيش الروسي وتم إدارة الظهر لحلفاء الامس نزولاً أمام إرادة المصالح والمنافع , وتنكراً لما كانت تدعيه وتتشدق به الدولة السوفيتية بخصوص حقوق الشعوب المظلومة والدفاع عنها 0 لقد كان الاعلان عن قيام الجمهورية الكردية برئاسة الشهيد قاضي محمد , ورغم الاسناد الروسي لها بمثابة التتويج للمسيرة النضالية الطويلة للشعب الكردي في المراحل السابقة , وهي ثمرة لتضحيات الامة الكردية في مختلف أجزاء كردستان الاخرى ,وقد تجلى الدم والاسناد الكردستاني لها في افضل الصور , وأرقاها من خلال مشاركة البارزانيين فيها بقيادة زعيم الحركة الكردية المعاصرة الشهيد الخالد مصطفى البارزاني , إضافة للدعم والتأيد المعنوي من بقية أجزاء كردستان , إن جمهورية كردستان لعام 1946 بدروسها والعبر المستقاة منها , وقائدها الخالد في ذاكرة وضمير الشعب الكردي ستبقيان خالدتين الى الابد0 ؟؟؟
1 /4/2007
seid-@fhotmail.com
واللافت في الامر إن قوى كردية سياسية , وفئات وشرائح ثقافية وفكرية إنجرت هي أيضاً للإسهام الى حد ما في الترويج لتلك الآراء الخاطئة , وكعادتها عندما تحاول فتح ملفات التجربة التاريخية للشعب الكردي بقصد التحليل والإستفادة , وأخذ الدروس والعبر منها وذلك لجهل بحقائق التاريخ أو بالواقع الجيوسياسي للمنطقة , أو بقصد تشويه الحقائق والعبث بالتراث والفعل التاريخيين لهذا الشعب كحالة تعبير عن رؤى ايديولوجية معينة والإرتهان لمشيئتها ومنطلقاتها .؟
لقد ركز ذلك الطرح التسطيحي للإمور على الجانب الذاتي المتعلق بطبيعة الانتماءات الاجتماعية القبلية والدينية لقادة ورموز الجمهورية الكردية , وحصر أسباب الإخفاق , وعدم مقدرة الجمهورية الفتية في الاستمرارية والبقاء في تلك الانتماءات, إضافة لمسألة سوء التقدير من جانب القيادة السوفيتية لمدى قدرة الكرد في الدفاع عن انفسهم وعن جمهوريتهم .
؟ إن سبب إنهيار جمهورية مهاباد يعزى وفق هذه الرؤية الى وجود إشكالية بنيوية في التركيبة الاجتماعية- الطبيقة للمجتمع الكردي , مع أخطاء إرتكبها الحلفاء السوفييت من غير قصد , كما يتصورون , تجلت في عدم إدراكهم لقدرات وإمكانيات الجمهورية الكردية الوليدة حديثاً !!!
إن طرح المسألة بهذا الشكل الساذج والمبسط يعكس الى حد كبير رؤية أحادية الجانب , رؤية لا تستطيع النفاذ الى جوهر القضايا والمسائل , أو ملامستها وفك بعض رموزها ومفرداتها , لذا فهي رؤية متخطية لجهة إنتماءها الحقبوي – الزمني , ومدانة أيضاً كونها تصنف في خانة الايديولوجية التي إنتكست عالمياً , وباتت موضع اخذ ورد ؟ إن بطلان هذا الطرح المبتذل للقضية يتجلى لكل من يريد معرفة الحقيقة بوضعها تحت المجهر والتنبيش في ثناياها , وإيضاح واقع تلك المرحلة من خلال0
1 – إن مسألة تركيبة المجتمع الكرديي القبلية والعشائرية والدينية هي مسألة واقعية , ولا يمكن تجاهلها أو القفز عليها , كما انها ليست مشكلة كردية خاصه , ولا ينفرد الكرد لوحدهم بها ؟ فالبنية الاجتماعية والتركيبة القبلية والدينية والعشائرية لشعوب وقوميات هذه المنطقة تتشابه الى حد كبير , ولا توجد قومية بعينها تتقدم على باقي القوميات والامم في الشرق الاوسط , أو تتمايز عنها ؟ وهذا الجانب , أي مسألة التكوين القبلي لم تشكل عائقاً أمام العديد من هذه الشعوب والقوميات لبناء دولها القومية والوطنية ؟ بمعنى آخر عندما تكتمل الشروط والعوامل الجامعة لقيام كيان سياسي أو دولة ما , لا يستطيع عامل التكوين القبلي لوحده وبمفرده إن يمنع قيام تلك الدولة أو ذلك الكيان , وبناء الدول في الشرق الاوسط دليل واضح وأكيد على ذلك0 ؟؟؟
2 – مسألة سوء التقدير من جانب القيادة السوفيتية لإمكانيات وقدرات جمهورية مهاباد , مجافية للحقيقة والواقع ؟ لقد كان الروس هم القوة الوحيدة آنذاك في كردستان , وقد تم الاعلان عن قيام الجمهورية تحت رعايتهم , وبدعم وإسناد مباشر وعلني من قبلهم , وكانوا مطلعين على كل كبيرة وصغيرة , لذا فإن موضوعة عدم إدراكهم أو عدم معرفتهم بقوة الكرد الحقيقية , أو جهلهم بها , يدخل في نطاق الرياء والنفاق السياسيين بشكل سافر ومكشوف ؟ والامر الحقيقي هو إن المصلحة الروسية لم تتقاطع آنذاك وفق حساباتهم مع المصلحة والطموح الكرديين , وترك الكرد نتيجة لذلك ولوحدهم يواجهون مصيرهم أمام القوة الشاهنشاهية المدعومة من قبل القوات البريطانية التي كانت تتواجد أنذاك في الجنوب الإيراني , لقد ساد منطق المصالح على الاعتبارات الاخرى , وحصل الانسحاب بعد إن تلاقت المصالح الروسية والايرانية , وإنهارت الجمهورية الفتية , واعدم زعمائها وقادتها وفي مقدمتهم الشهيد الكبير قاضي محمد , وتعرض الكرد مرة اخرى لعمليات القمع والتنكيل , والتهميش0
– إستناداً لهذه الحقائق التي لا يمكن تجاهلها , أو التغاضي عنها , وللمزيد من الايضاح لخفايا السياسة السوفيتية في إيران عموماً وحول القضية الكردية خصوصاً في تلك المرحلة ,لا بد من التوسع قليلاً في بيان حقيقة الامور والمسائل التي كانت تتفاعل,وترسم دائماً بالإنطلاق من المصالح0
1 – على الصعيد الإيراني العام : مع التواجد العسكري- الميداني الروسي في الاجزاء الشمالية من إيران ( كردستان- آزربيجان) .
كنتيجة لتطور مجريات الحرب العالية الثانية , و حدوث إنعطاف جذري في وجهتها لصالح الحلفاء , حاول السوفييت , وعملوا على خط تغير النظام السياسيي , من خلا دعم الفئات والقوى الراديكالية واليسارية , وعلى وجه الخصوص حزب تودا الذي كان يتبنى أيديولوجية الدولة السوفيتية.
إن مسألة الاستحواذ على السلطة في إيران كانت تدغدغ مشاعر القيادة الروسية , وتسيل لعابها ؟ لذلك إجتهد الروس كثيراً على هذا الصعيد , ولو للسيطرة على بعض المواقع كخطوة أولية , إلا انهم لم يلاقوا أي نجاح في هذا الميدان , لأسباب لسنا الآن بصدد ذكرها أو الوقوف عليها,
2 – المحور الثاني للسياسة الروسية تجلى في العمل على إيجاد كيان أو دولة آزرية في إيران ومن ثم ضمها أو إلحاقها بدولة آزربيجان السوفتية , وعلى الرغم من قيام تلك الجمهورية الآزرية الديمقراطية ذات الحكم الذاتي على غرار وشاكلة جمهورية مهاباد الكردية , لاقى التوجه الروسي بهذا الخصوص أيضاً الممانعة والفشل لأسباب تجسدت بمعظمها في موقف الشعب الآزري من مسألة الانضمام للدولة السوفيتية التي كان يؤخذ عليها الكثير على صعيد الايديولوجيا , والتعامل مع القيم الروحية والاثنية للشعوب والقوميات التي كانت تنضوي تحت لوائها0
3 – المحورالثالث للسياسة السوفيتية تجسد في شكل التعامل مع القضية الكردية , وكيفية التصرف بشأنها , وقد إتخذ منحيين مختلفين0
المنحى الاول : رأت القيادة الروسية في البداية إن مصلحتها تكمن في العمل على تشكيل دولة كردية من الكرد في كل من إيران وتركيا والعراق , لتكون مدخلاً لها للتوغل في منطقة الشرق الاوسط حيث منابع النفط , والموقع الهام الذي تتمتع به على صعيد موازين القوى العالمي , والتوازن الدولي , ولإضعاف الحكومات والانظمة في تلك الدول بإعتبارها كانت أنظمة غير موالية لها , وغير مستساغة من قبلها , إلا إن هذه الرؤية لم تلتمس طريقها الى النور , بسبب تخوف الروس من ان مثل هكذا كيان سيجلب لهم المتاعب والمشاكل نتيجة للطبيعة القبلية لقادة وزعماء الكرد , حسب تصورهم , وان هذه الدولة ستصطف الى جانب العالم الغربي الرأسمالي , مما يؤدي ذلك الى تعقيد الامور أكثر في المنطقة , وفي نهاية المطاف فهي بغنى عن هذه الرؤى والاستراتيجية 0
المنحى الثاني بخصوص القضية الكردية , تجلى في العمل على إيجاد بديل عن الطرح الاول بحيث يكون أكثر إنسجاماً وتوافقاً مع مصالحها , وكانت الاستراتيجية التي تبنته القيادة السوفيتية هو قيام كيان كردي ذات حكم ذاتي (وهو ما قامت به) وضمه الى الجمهورية الآزرية ومن ثم إلحاقهما معاً بجمهورية آزربيجان السوفيتية كحل نهائي للمسألة0 لقد لاقى هذا الحل للقضية الكردية الرفض والمعارضة الشديدة من قبل قادة الجمهورية الكردية وزعمائها , خاصة من قبل الشهيد الكبير قاضي محمد , والحزب الديمقراطي الكردستاني , وأدى التباين في المواقف فيما بعد بين القيادة الكردية والروس الى حدوث شرخ في العلاقات التي كانت قائمة بين الجانبين, ومع إقتناع الروس شيئاً فشيئاً , ومن خلال اللقاءات العديدة التي تمت بين الجانبين من ان الكرد لن يرضخوا لشروطهم وإملاءاتهم , وان انصاف الحلول التي عرضوها على الكرد لم تلاقي الاستحسان والقبول , تحول إهتمامهم نحو تحقيق مكاسب لهم بالتعامل مع المركز , وهذا ما حصل على أرض الواقع , ومع الانسحاب البريطاني من إيران تنفيذاً للإتفاقيات المبرمة بين دول الحلفاء , بدأ السوفييت بالضغط على الحكومة الإيرانية , وحصلوا بذلك على إمتيازات لإستخراج النفط في إيران , والحصول على ضمانات لبقاء جمهورية آزربيجان ذات الحكم الذاتي ,دون أي ذكر لوضع الشعب الكردي أو جمهوريته , ومع تزايد الضغط الدولي , وتنفيذاً للتفاهم الروسي الإيراني , إنسحب الجيش الروسي وتم إدارة الظهر لحلفاء الامس نزولاً أمام إرادة المصالح والمنافع , وتنكراً لما كانت تدعيه وتتشدق به الدولة السوفيتية بخصوص حقوق الشعوب المظلومة والدفاع عنها 0 لقد كان الاعلان عن قيام الجمهورية الكردية برئاسة الشهيد قاضي محمد , ورغم الاسناد الروسي لها بمثابة التتويج للمسيرة النضالية الطويلة للشعب الكردي في المراحل السابقة , وهي ثمرة لتضحيات الامة الكردية في مختلف أجزاء كردستان الاخرى ,وقد تجلى الدم والاسناد الكردستاني لها في افضل الصور , وأرقاها من خلال مشاركة البارزانيين فيها بقيادة زعيم الحركة الكردية المعاصرة الشهيد الخالد مصطفى البارزاني , إضافة للدعم والتأيد المعنوي من بقية أجزاء كردستان , إن جمهورية كردستان لعام 1946 بدروسها والعبر المستقاة منها , وقائدها الخالد في ذاكرة وضمير الشعب الكردي ستبقيان خالدتين الى الابد0 ؟؟؟
1 /4/2007
seid-@fhotmail.com