التصريحات الكردية والحماقات التركية

إدريس سروجي

يخطئ من يقول : (إن تصريحات السيد مسعود البر زاني رئيس إقليم كردستان الأخيرة بشأن الكرد الشماليين ، هي السبب وراء التهديدات والأحقاد التركية ، وهي التي جعلتهم يطلقون العنان لعنجهياتهم وحماقاتهم التهورية) ، فتركيا التي لم ولن تهدأ منذ إقامة تلك المنطقة الآمنة في السابق في إقليم كردستان العراق ، لن تستطيع التزام الصمت وضبط النفس أمام إقامة كيان كردي فدرالي في نفس الإقليم المذكور
وهي تحت أية حجة واهية تحاول إيجاد ثغرة ولو بسيطة بهدف اجتياحه والقضاء عليه ، فحتى ولو طرد الكرد العراقيين أخوتهم لاجئي المخيمات الفارين من الآلة العسكرية التركية ، ولو رضخوا لما تطالبهم تركيا به بشأن مزاعمها حول وجود معسكرات تدريب لحزب العمال الكردستاني ، فإن الغاية التركية لن تهدأ عند ذلك أبداً بل ولن يسلم كردستان العراق من المحاولات التركية الحثيثة بغية القضاء التام عليهم وعلى أي أمل كردي كان ، فالغاية الكامنة خلف تلك التهديدات القديمة المتجددة هي تدمير الأحلام والطموحات القومية الكردية من مهدها وهذا ما أكده المسؤولين الترك السابقين وفي أكثر من مناسبة حين قالوا (سنقضي على أية محاولة كردية حتى ولو كانت في جنوب أفريقيا) .
إذاً نحن أمام عقلية أستهدافية عدائية لكل ما هو كردي وتعتبره عدواً لدوداً ولا تعرف لغة الحوار ولا الاعتراف بالآخر مهما كان متواضعاً وإنسانياً في مطالبه ، فكلنا نتذكر تلك الحشود التركية الغفيرة والجرارة على الحدود العراقية التركية إبان سقوط العاصمة العراقية بغداد على يد قوات التحالف ، فلم تكاد الدورة الحولية تكمل دورتها حتى بادرت تركيا المتحينة للفرص المبادرة إلى الاصطياد في المياه العكرة ، وأخذت تلوح بورقاتها الضاغطة على النظام الأمريكي بهدف إجباره على السماح لها بدخول العراق وتدمير الكرد هناك دون تمييز ، إلا أن الإدارة الأمريكية ولأسباب تتعلق بمصالحها لم توافق ولم تعطيها إشارة خضراء وبالتالي لم يستطع أحفاد أتاتورك تحقيق أحلامهم الطورانية التوسعية التي لا يحدها سوى كسر جماجمهم الخاوية وبتر أياديهم التي لم تتعلم سوى الضغط على الزناد وحصد الأرواح البريئة تحت أية أسباب كانت .


وما غايتهم من المطالبة بمدينة كركوك إلا جزء من تلك السياسة الطورانية القديمة وليس خوفاً على الأقلية التركمانية العراقية كما يدعون ، فهل يعقل أن يتحول الذئب إلى راعي ؟  وهل نسي التركمان تلك الأعمال التركية الشنيعة التي ارتكبتها تركيا بحقهم في الأمس البعيد ؟ فلو تطلبت المصلحة التركية سحق كل القوميات والأجناس البشرية المتعايشة في المنطقة بغية تحقيق أهدافها فأنا على يقين تام أنها لن تتردد لحظة عن تنفيذها ، وما عقوبة الخازوق التي طبقها العثمانيين على مستعمريهم من (العرب والكرد وغيرهم) إلا دليل صارخ على ما يمكن للعقلية التركية أن ترتكتكبه من أهوال .


لذا نجدهم يصابون بين الفينة والفينة بنوبتهم الهستيرية المجنونة بمجرد تحسن الأوضاع الكردية واستقرارها ولو نوعياً ، ويبادر قادتهم إلى إطلاق تصريحات عنيفة تعبر عما بداخلهم من شوفينية وكره تجاه الأكراد الآمنين .


أمام هذه الحالات المهددة المتكررة أليس من حق الكرد التحالف حتى مع الشيطان بهدف حماية أنفسهم ؟
أليس من حقهم التكاتف والتلاحم مع بعضهم البعض ، خاصة وأنهم جميعاً مدانون بانتمائهم الكردي أولاً وأخيراً ؟
وأخيراً ، طالما أن الكرد جميعاً أرقاماً على فاتورة المقصلة الإقليمية لو أستطاع الترك تحقيق مآربهم تلك ، فأرى أن على الكرد جميعاً تقع مسؤولية الدفاع المستميت عن أخوتهم في كل شبر من كردستان دون استثناء ويجب على المقاتلين والتنظيمات الكردية المبادرة إلى تفعيل دورهم الوطني الكردي واتخاذ القرارات المناسبة بهذا الشأن حتى تبين للجميع أن اجتياح المدن الكردية الآمنة لن يحدث إلا عبر أجساد جميع الكرد .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…