منذ شهر او اكثر تجري نقاشات كثيرة بين السورين بمختلف اطيافها وخاصة الكرد حول مشاركة الانتخابات او مقاطعتها ، حتى ان الكثير من الاحزاب الكردية والمعارضة العربية قد اقروا بالقطيعة وعدم المشاركة في الانتخابات بحجج قدموها في بياناتهم التي نشروها بشكل فرادى او بشكل جماعي
، ولكن الغريب في الامر هو ان هذه القوى وخاصة المقاطعون للانتخابات بدلاً من ابداء الروح الرياضية في شرح اسباب مقاطعتهم ، يبدون الانفعالات ويوجهون الاتهامات يميناً ويساراً للمشاركين وهذا ما سيزيد من الشراخ الموجود في جسم الحركة بعد ان كان بوادر الاقتراب والاتفاق تلوح في الافق .
ومن اجل هذا اردنا ان نبحث عن ماهية الانتخابات ومحاسن ومساوئ المشاركة والمقاطعة من اجل ان لا يحكم على الامور باحكام مسبقة قبل ان يدرسوها دراسة علمية موضوعية .
فالانتخابات هي وسيلة من اجل صنع الخيار السياسي من خلال عملية التصويت ، لاختيار الجماهير ممثليهم عندما لا يتمكنون من حكم انفسهم بانفسهم مباشرة ، وبالتالي هي فرصة لمن يريد الخوض في هذه المعركة سواء من الاحزاب السياسية او الشخصيات المستقلة ، ليختبروا انجازاتهم وممارستهم امام الجماهير ، وبالتالي عبارة عن منتديات تناقش فيها الكثير من المسائل الحيوية والمصيرية التي تهم الوطن والمجتمع ، وتولد المزيد من التلاحم السياسي بين اعضاء المجتمع .
وهو من دعائم الاساسية للديمقراطية ، التي ظهرت اولى بذورها الاولية عند السومريين ومن ثم كانت تطورها الاصلي في اليونان في اثينا والتي عرفت ب (ديمقراطية اثينا ) ولكن الانتخابات في تلك المرحلة لم تكن تشارك فيها جميع المواطنون ، بل كان لاصحاب القوة التي يتم تعينهم مسبقاً ، ورغم العيوب والنواقص التي تكتنف هذا النظام الديمقراطي الذي تطور الى يومنا هذا ، لكن يتم تقييمه على انه افضل نظام عرف حتى الان .
واظهرت التجربة الاوربية ان الديمقراطية المعتمدة على الانتخابات الشرعية نظام يمكن ان يتطور اكثر من غيره ، ويصبح مؤسسة حضارية ديمقراطية معاصرة تصبغ العصر بصبغتها .
لذلك فان الديمقراطية المعتمدة على الانتخابات هي من القضايا الحياتية التي تهم الانظمة والمجتعات ويتطلب ان يتم التوقف عليها بشكل جيد والعمل على ترسيخها وازالة العيوب والنواقص منها ، علماً انه لا يمكن الخلاص من جميع العيوب الموجودة دفعة واحدة ، لانها عبارة عن صراع ومعركة سياسية طويلة الامد لايصال الديمقراطية الى معناها الحقيقي ومن ضمنها عملية الانتخابات ، وهذا سيتم بالمشاركة الفعلية الايجابية لرؤية الاخطاء والنواقص والسلبيات التي تظهر خلال المشاركة .
اماٌ المقاطعة لا تعطي امكانية الاختبار العلمي الدقيق لمعرفة ماهية النواقص الحقيقية والعملية ، لان المنطق العلمي هو المنطق التجريبي الذي يتخذ التجربة اساساً ومن خلالها يصل الى نتائج صحيحة حول كيفية دفع عجلة الديمقراطية والانتخابات .
وبعد هذا السرد القصير حول الديمقراطية والانتخابات نعود الى وضع الانتخابات في سورية لنناقش محاسن ومساوئ المشاركة والمقاطعة مع اخذ طبيعة النظام السوري المعروفة بعيوبه ونواقصه وسلبياته بعين الاعتبار .
محاسن المقاطعة :
– الاعلان للراي العام باننا لا نشارك الانتخابات لان المشاركة لا تفيد ولم تتغير في النظام شيء .
– تشهير النظام وفق منظورهم .
– العمل على التاثير على الشعب من اجل التعبير عن رايهم بشكل سلبي من الانتخابات .
مساوئ المقاطعة :
– ترك الشعب في حيرة من امره دون ان يتعرف على حقيقة ممثليهم الحقيقيين .
– فقدان فرصة الجانب التدريبي التجريبي للعملية الانتخابية .
– عدم امكانية اظهار زيف الانتخابات ان وجدت لانهم ليسوا في صلب المشاركة الفعلية .
– الهروب من المعركة السياسية وهذا يكثر من الشكوك حول مدى قوتها وقدرتها .
– ابعاد ولو قسم من الجماهير عن استخدام صوته الايجابي .
– ترك الفرصة للاشخاص المقربين من السلطات او المشبوهين للتحرك والدعاية بين الجماهير .
– ضياع فرصة التمرس والتجربة والاحتراف التي هي ثمرة المشاركة والتجربة العملية .
– زيادة الشكوك لدى الجماهير على قدرة المقاطعين في خوضهم للمعركة وجدراتهم في وضع البرامج الواقعية وتمثيلها العملي .
– انتقال اصوات الجماهير التي ستذهب الى الصناديق الى الاخرين وان تم العمل على منعهم من الذهاب والمقاطعة لانها لا يمكن منع الجماهير كلها من المقاطعة .
– الانزواء والتقوقع والتقزم بدلا من الانفتاح والتقدم لان المشاركة هي الممارسة الفعلية والعملية والانفتاح نحو جميع الفئات والشرائح .
– خلق ضبابية لدى الجماهير لوجود مواقف متناقضة في الحركة وتدعي الاثنين انهم يمثلون مصالح الشعب .
– اعطاء الفرصة للاخرين بنشر الدعايات لهم تجاه الحركة بانها لم تتجرء الى خوض المعركة كونها تعرف الحقيقة جيداً انها لن تفوز ولن تكسب الاصوات كما تدعيها نظرياً .
– عدم امكانية معرفة قدرتها وامكانياتها الحقيقية على ارض الواقع دون النظرية .
– مساوئ المشاركة :
– عند عدم الفوز بالانتخابات شعور المنتخبين بخيبة امل والاقتناع بانه لا جدوى من الانتخابات .
– اعطاء المشروعية للسلطات كما يقال المقاطعين هذا اذا كانت الانتخابات غير نزيهة .
– استثمار السلطات للمشاركة في الانتخابات من اجل تمتين وتعزيز كلمتها في الخارج بالدعاية الديمقراطية .
محاسن المشاركة :
– تجسد قيمة ومنزلة الفرد كمواطن وانسان .
– تعبير عن ارضاء وجدانه وشعوره واحترام ذاته لانها تمنحه قول كلمته باعتباره عضواً له اهميته في المجتمع
– خوض المعركة السياسية واكتساب التجربة والدروس والاحتراف كونها بمثابة مدرسة عملية .
– خلق قاعدة جماهيرية مسيسة محترفة قادرة على مناقشة جميع الامور والقضايا التي تخص الوطن السوري .
– يمكن كشف الالاعيب والتزيف بالدلائل والوثائق ويعلنها للراي العام لان النتائج والاصوات معروفة .
– عند الفوز سيكونون ممثلي الشعب في البرلمان وتحت طائلة المسؤولية تجاه الشعب
– اكتساب الجماهير والكوادر والحزب التجربة السياسية وتحقيق المزيد من التقدم والتطور على الصعيد النضالي في المعارك السياسية .
– التعرف على الجماهير ومدى تجاوبهم الفعلي معهم من خلال البرامج التي قدموها وما يمثلونها ويمارسونها في الممارسة العملية .
– بمثابة قفزة كبيرة في الانفتاح والوصول الى جميع الشرائح المجتمعية وتعبئتهم السياسية والنضالية
– اظهار للسلطة التمثيلية الحقيقية للجماهير من خلال ممثليهم المنتخبين والاصوات التي اكتسبوها .
– زيادة اللحمة بين المجتمع الكردي من جهة والمجتمع السوري من جهة ثانية من خلال تفعيل النشاطات التي تصل الى مستوى مناسبة وطنية عامة .
– تشكيل ارضية صلبة ومتينة للمراحل المقبلة من اجل استنتاج العبروالدروس من التجربة الماضية .
– التحكم بنبض الجماهير وعدم سنح الفرصة للمتطفلين والتجار للتظاهر باسم الجماهير .