بلاغ: يجب طي ملف «رفع الدعم» كلياً..

اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين

أحدثت التصريحات الرسمية الأخيرة التي أكدت «أن مقترحات إعادة توزيع الدعم لن تكون موضع التطبيق خلال الأيام أو الأسابيع القادمة», ارتياحاً نسبياً في صفوف الجماهير الشعبية ولدى القوى الوطنية، وشكلت كابحاً لتوجهات وطروحات الفريق الاقتصادي في الحكومة الذي ما يزال مصراً على انتهاج سياسات اقتصادية أبعد ما تكون عن مصلحة الناس وتطلعاتهم، وعن المصالح الوطنية بشكل عام.
لكن هذه التصريحات كما هو واضح، لم تحسم المسألة بشكل نهائي، فهي اكتفت بتأكيد استمرار «الحوار التشاركي والتفاعلي» مع الناس للوصول «إلى الصيغة الملائمة والحل الأمثل الذي يرضي كافة المواطنين»، وبالتالي فإن الفريق الاقتصادي سوف يحاول في الفترة القصيرة القادمة دفع أساليب وآليات «الحوار» بالطريقة والوجهة التي يريدها، من خلال إغفال دور ورأي القوى الوطنية، وإبعاد كل الفعاليات النقابية والشعبية والأكاديمية الوطنية عن المساهمة الجدية بهذا الحوار، وسيستغل كل ما هو متاح لديه من إمكانيات ومنابر إعلامية للمناورة والالتفاف للوصول إلى غايته، وهي رفع الدعم، وقد بدأ بذلك عملياً، ومن تابع الصحافة الرسمية وغير الرسمية في الأيام القليلة الماضية، وقرأ تصريحات بعض المسؤولين البارزين في الحكومة، وكذلك مقالات بعض الإعلاميين يدرك مدى خطورة ذلك.

وعليه فالمعركة من أجل إبقاء الدعم والحفاظ على المكتسبات الاجتماعية ما تزال مستمرة، وستكون في الأيام والأسابيع المتبقية من هذه السنة أكثر حدة وجدية، وتتطلب تضافراً حقيقياً لجهود كل القوى النظيفة في جهاز الدولة، وفي المجتمع، من أجل طي الموضوع نهائياً وحسمه لصالح الجماهير..
ومما يبعث على التفاؤل في هذا الإطار، التوجيهات الواضحة للسيد رئيس الجمهورية في اجتماع القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية الذي انعقد مؤخراً، حيث أكد على ضرورة «أن ينعكس أي إجراء يتم اتخاذه بصورة إيجابية على حياة أبناء الشعب وأسرهم، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة التي تلبي مصالح المواطنين وتمنع استغلالهم، وتأمين الاحتياجات الأساسية لهم..».


إن الحكومة الحالية ما تزال بكل أسف، تستسهل الحلول للأزمات الاقتصادية – الاجتماعية التي ساهمت هي وسابقاتها في خلقها، وما تزال تتغافل وتشيح ببصرها عن كل الاقتراحات المقدمة لها المتعلقة بالمطارح المناسبة لتأمين موارد إضافية للخزينة، فهي لم تقم بأية إجراءات حقيقية لمكافحة التهرب الضريبي، كما لم توجه حرابها لمراكز ومواقع الفساد الكبير في جهاز الدولة وخارجه لاستعادة الأموال المنهوبة إلى الخزينة العامة، كذلك لم تتخذ أية إجراءات فعالة لإيقاف عمليات التهريب المنظمة للمازوت التي لا يستطيع القيام بها سوى المتنفذين، بالإضافة لذلك، ما انفكت تتبّع تعليمات ووصفات صندوق النقد والبنك الدوليين في سياستها الاقتصادية المجحفة بحق الناس والشرائح الأكثر فقراً منهم، وهؤلاء باتوا يشكلون الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا، وهو ما أدى ويؤدي لفوضى عارمة في الأسواق، وتردّ شديد في مستوى الخدمات العامة من سكن وكهرباء ونقل وتعليم وصحة وغيرها، وارتفاعات غير مسبوقة في أسعار العقارات والأراضي والمواد والسلع الأساسية.

فإذا كان الحال كذلك قبل نفاذ خطة الحكومة لـ«إعادة توزيع الدعم» التي هي عملياً رفع كلي للدعم، فكيف سيكون الحال إذا ما نجحت في رفع الدعم؟
إن تعويض الأجور بزيادة بنسبة 15 -20 %، أو إعطاء كل فرد 12 ألف سنوياً كما تطرح خطة الحكومة لن يغطي نتائج وتداعيات ارتفاع مادة المازوت وحدها، حيث أن تأثير رفع سعر هذه المادة حسب إحصاءات علمية، سيكون بين 30 و50 % على مستوى الأسعار العام، هذا في حال ضبط الأسعار، ولكن مع غياب الرقابة السائد حالياً والذي من المتوقع انعدامه كلياً بعد رفع الدعم، عندئذ سيصل ارتفاع أسعار معظم المواد والسلع إلى 100%!!، وهذا ما لا يجب أن يتم، وعلى جميع الشرفاء في هذا الوطن التصدي للسياسات التي قد توصل إليه، حفاظاً على أمن البلاد وسلامتها، وصوناً لكرامة الناس والوحدة الوطنية..
دمشق  4/9/2007
     
        اللجنة الوطنية
لوحدة الشيوعيين السوريين

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…