بصدد اعتراف التجمع القومي بحق تقرير المصير للشعب الكوردي

  محمد محمد ـ ألمانيا
 
حقيقية, انها خطوة جريئة موضوعية ومنصفة، أن يعلن تجمع سوري معارض لايستهان بدوره وبالقوى والأنصار المنضوية في اطار عمله المعارض في الداخل والخارج، بالاقرار على حق تقرير المصير للشعب الكوردي المضطهد في سوريا في هذا الظرف الموءاتي لطرح وتبني مثل هذه الحقوق المشروعة المتناسبة مع المواثيق والقوانين الدولية ذات الصلة، والتي باتت القوى الدولية الديموكراتية وخصوصا في السنوات الأخيرة تدعم وتشجع سياسيا وحتى عمليا أيضا لهذه المبادئ النبيلة ولمسائل نشر الحريات والديموكراتية والاستقرار ومكافحة الارهاب في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط خاصة.
لاشك أن تطبيق  مبدأ حق تقرير المصير للشعوب المضطهدة يعتبر هو الأسلوب الموضوعي الحاسم والأنسب لحل مسألة القوميات في الدول المتعددة الشعوب والأديان والمذاهب مثل سوريا، وذلك بتقرير هذه الشعوب مصيرها بنفسها على قاعدة الاتحاد الاختياري الحر في التعايش معا ضمن الدولة الاتحادية المنشودة.

وهنا لا بد من القبول بأن ايجاد الحلول الديموكراتية والعادلة لهكذا مسائل، هو الذي يقوي ويسهل الوصول الى التلاحم والتطور الاجتماعي والاقتصادي الوطني، ويبعد احتمال الانقسام والتدخلات الخارجية.

وبهذا الخصوص، يمكن الاشارة الى الجوانب السلبية لرؤية بعض المجموعات والنخب السورية والمعارضة الأخرى التي لاتزال تنظر بمنظار ضيق وأحيانا شوفيني لحل المسألة الكوردية هناك، والتي ينطلق البعض منها بازعاجها وشوفينيتها حتى من منطلقات القومية التركية المتعصبة اتجاه الملف الكوردي في سوريا أيضا، رغم أن بعضا من هؤلاء لايزالون يختفون أنفسهم, منذ اندحار القوات العثمانية على الأيادي الأوروبية الناصعة وطردها من سوريا سابقا, تحت العباءة القومية العربية السمحة أو تحت الخيمة الاسلامية الكريمة.

فهم يزعمون دوما فقط على الهوية العربية والاسلامية للشعب السوري، وينكرون ببساطة ودون تأنيب الضمير الهويات والأديان الأصلية الأخرى للمجتمع السوري، بل والبعض منهم لايريد حتى تذكير مدلول الشعب الكوردي في دساتيرهم ومواثيق برامجهم السياسية.

غير أنه ومن حسن الشنص، هو أن الظرف الذهبي الحالي وبوجود العديد من القوى السورية المؤمنة بقضايا الحريات والعدالة الاجتماعية، أصبح أكبر بكثير من أولئك وحتى من ورثة أسيادهم الطورانيين العثمانيين ومن السلطة البعثية الدكتاتورية الشوفينية معا.

فان الظرف هو زمن احقاق الحق وازهاق الباطل، مهما تورن وتهستر هؤلاء أصحاب القلوب السوداء والذهنيات الاستبدادية.

وهذا ما تجلى واضحا على الأقل، خلال التبجح والتهديد التركي الشوفيني الأخير باجتياح أقليم كوردستان العراق تحت ذريعة الهجوم على “ب ك ك”، فكان العديد من القوى الدولية والأقليمية أن وقفت بالمرصاد أمام ذلك التبجح والتهديد الشوفيني، وذلك من خلال قيام الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الروسي ) أيضا هذه المرة، فمن حسن الشنس أن روسيا هي مهتمة دوما بممارسة الضغوط على السلطات التركية)، الأمانة العامة للأمم المتحدة، الفاتيكان وحتى جمهورية ايران أيضا، بتحذير السلطات التركية من ارتكاب الاجتياح المذكور، بل حضها على استخدام الأساليب السياسية والدبلوماسية لتلك الازمة المصطنعة أصلا تركيا, وبالتالي ليتم ارباك وفرملة ذلك التبجح والغرور لأولئك الذين هم من بقايا وورثة بعض القبائل الرحل التي هاجرت هربا من شحة وسائل العيش في براريها الأصلية وامام التوغلات المغولية هناك, والتي قدمت من أواسط براري آسيا منذ بدايات القرن العاشر الى شمال شرق ايران ومنها الى آسيا الصغرى وبلاد الشام والرافدين وغيرها، لترتكب وتقوم بتخريب وتدمير أسس حضارات شعوب هذه البلدان، ولاحقا حتى حضارت بعض الشعوب الأوروبية أيضا بغياب توفر الأسلحة النارية التقنية آنذاك.

وفي اطار اعلان التجمع القومي الموحد هذا، عن اعترافه بمبدأ حق تقرير المصير للشعب الكوردي في سوريا، ورغم الأهمية الكبيرة لهذا الاعلان مؤخرا، فانه من الأهم أيضا، أن يتم لاحقا ادراج ذلك المبدأ في مواثيق وبرامج التجمع السياسية، بعد انجاز عملية المناقشات والتصديق على ذلك عبر المحطات التنظيمية الشرعية للتجمع، وخصوصا خلال مؤتمره العام القادم، وليشكل ذلك  مبادرة كريمة لدى فصائل أخرى للمعارضة والنخب السورية المؤمنة بحق الآخر وبسوريا تعددية ديموكراتية مستقبلا، بأن تتبنى هي الأخرى أيضا هذا المبدأ المشروع في برامجها وأهدافها السياسية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…