مُرافعـة بائسة في قضيـة ساقطـة بالتقـادم الشعبي

 ديـــار ســـليمان

 قد يكـون وقوف البعض على أبواب مؤسسات الضمان الاجتماعي في أوروبا للحصول وضمن شروط معينة على المساعدات الاجتماعية موقفآ غير مستحب، لكنه ليس أسـوأ وبأي حالٍ من الأحوال من قيـام أحد السماسرة الذين يرتدون رداء المحاماة بالوقوف على باب قاضٍ مرتشٍ في مؤسسـة قضائية مشهـودّ لها بالفساد و هو يحمل في جيبه مبلغ الرشوة الذي كُلف من موكله بايصاله ثمنآ لقرارٍ غير منسجم مع الحقيقة، في حين ان أصابعه تتحين الفرصة لمغافلة طرفي الرشوة لسرقة جزء منها والأحتفاظ بها لنفسه.
 ومن نافلة القول أن هناك بونـآ شـاسعآ بين تربية الطيـور و ممارسة القانون إذ إن لكـلا المهنتين أصولها التي تميزها عن الأخرى، و لكن يبدو أن الأمر قد اختلط على البعض الذين بسبب معاشرتهم الطويلة للحجل، ومواظبتهم على مراقبته و تقليد مشيتهِ، قد أصبحت قوانين (نقابة الحجّـالـين) تلقي بظـلالها على حياتهم، التي تاهت بين قفصين: قفص الطائر و قفص الاتهام، و راحوا يطبقون قواعدها من أصول و قفزات (حجليـّة) على الدعاوى القضائية و ذلك بحرق مراحـلها والذهاب فورآ من مرحلة الاتهام بالخيانة الى إصدار القرار المترتب على ذلك أي بالقفز فوق مراحل مهمة من الدعوى كتبادل اللوائح بين المتخاصمين مع إعطـاءهم الفرصة لتقديم دفوعهم، كل ذلك مع لعب دور الخصـمُ و الحكـمُ مآ.
وإذا كان رقص الحجل على باب ذلك القاضي و ضمن تلك الظروف ينتج أوضاعآ شاذة أصبحت للأسف قاعدة في سورياـ الحسكة و غيرها، حيث ينقلب الحق الى باطل والباطل الى حق، فان التسول على أبواب أوروبا قد انتج على الأقل أول فضائية ناطقة بالكوردية (و لست أدري إن كان ذلك فألآ حسنآ)، اضافة الى أشياء أخرى منها طبقة جديدة من (رجال الأعمـال) الكـورد الذين يقومون بتوظيف الأموال المكتسبة بتلك الطريقة في مشاريع استثمارية في المدن التركية الغنية، بعد أن أصبحت تلك قضيتهم الكبرى طالما أن هناك من يتبنى قضية الوطن بدلآ عنهم، و تشكل تلك الاستثمارات الى جانب تحدثهم باللغة التركية و تحاشيهم التحدث بالكوردية حتى ضمن نطـاق العائلـة أسلوبآ مستحدثآ لحل القضية ومحاولة للشـفاء من عقدة النقص التي يشعرون بها تجاه الترك.

 نعم يجب أن يشكل الكورد في أي جزء من الأجزاء الأربعة من كوردستان عامل تضامن مع مطالب أخوتهم الكورد في  جزءٍ آخر وحسب ما يرتأيه أصحاب الدار، و لكن لا يجوز بحالٍ من الأحوال للكورد في أي جزء أن يكونوا مـلكيين أكثر من الملك وبذات القدر متأخرين عن تأييد مطالب أخوتهم، فالكورد في كوردستان سوريا يتضامنون مع أخوتهم في إقليم كوردستان بشأن الفدرالية التي يطالبون بها و لكنهم لا يقومون و ليس مطلوبآ منهم أن يقومـوا بتجييش الجيوش وإشعال الحروب مع العراق لاقامة دولة كوردية هناك طالما أن الحركة الكوردية في إقليم كوردستان لا تطرح ذلك حاليآ في برامجها، و بذات القدر يتضامنون مع الكورد في كوردستان تركيا أو ايران في مطالبهم، و يطالبونهم بالمقابل بابـداء القدر الممكـن من التضامن مع مطالب الحركة الكوردية في سوريا و ليس طرح برامج لا تنسجم و تطلعاتهم أو إرسال مقاتلين اليهم أو (سـرقة) شبابهـم أو أي شيء آخر يلحق الأذى بأيٍ من الطرفين و بالقضية عمومـآ، و بما أن موضوع الساعة هو التهديدات التركية باجتياح اقليم كوردستان فأعتقد أن كورستان تركيا هي الوحيدة التي تأخرت حتى الآن عن التحرك في ابداء أي نوع من التضامن مع الاقليم الكوردي.
 و عودة الى موضوع القانون مرة أخرى، فطالما أن بعض المحامين الكورد و كما يتضح من تنظيراتهم يمتلكون من الحماسة ما يمكنهم به أن يبزوا الدهاء القانوني لنظائرهم الترك، فلماذا لا يلجأ هؤلاء إعتبارآ من اللحظة الى إغلاق مكاتبهم و الدخول في إضراب مفتوح عن تلقي الدعاوي للمطالبة بتنحي المحامين الترك عن قضية رئيس حزب العمال الكوردستاني للتوكل فيها بدلآ عنهم علهم يجدون فيها (ثقبآ قانونيآ) ينفذون منه و ينجحون في إطلاق سراحه بكفالة هي عن تعهد عناصر الحزب بالقاء السلاح وصولآ الى مقايضة كوردستان بهذا الأمر، أو على الأقل ينقلون رسائله و تكتيكاته التي نعجز حتى الآن عن فهمها و خاصة فك شيفرة الجمهورية الديمقراطية التي يدعو اليها و فيما إذا كانت تعني شيئآ آخر يجاوز حدود ادراكنا كبشـر.

و ما دام الشئ بالشئ يذكر اذ سنفترض أن هؤلاء (قول وفعل) فهل يمكنهم أن يرسموا لنا مخططـآ يبينون لنا فيه مكان تواجدهم يوم 2.11.2007  في دوار الهلالية في  قامشلو و أين كانوا بالضبط ساعة وقوع الجريمة عندما تلقى الشهيد عيسى رصاصة الغدر تلك و ما المسافة التي كانت تفصلهم عنه، و ما هو مصير الدعوى التي أقاموها وكالة عن عائلته المكلومة على الحكومة السورية و المتسببين باستشهاده أم إنهم لا زالوا بانتظار أتعابهم في القضية ليتحركوا.
و بمناسبة الحديث عن الخيانة الذي يتكرر هذه الأيام و يستدعي الى الذاكرة رموزهما من الساحة الكوردستانية و هما الجحوش و القوروجي، إذ يقال إن القسم الأول قد إنضم الى صفوف البشمركة عندما دقت ساعة الحقيقة في حين لا زال الغموض يكتنف الآخرين و ظروف تشكلهم ، ورغم محاولاتي إيجاد تسمية مشابهة أستطيع بها وصف من عاش و بصورة غير شرعية في أحضـان المخابرات السورية لعشرات السنين إرتكبوا معآ خلالها من الأعمال المُشينة ما يعجـز قانون العقوبات السوري لا بل جميع القوانين منذ حمورابي و حتى الآن عن الإحاطة بها، فقد عجزت عن إيجاد التسمية المناسبة لهم و كذلك الأمر بالنسبة لبقايا تلك العلاقة الغير مشروعة الذين لا زالوا يبحثون في قانون الوراثة عما يمكن أن يثبت نسبهم الى تلك الفترة عل ذلك يكسبهم بعضـآ من سـقط المتـاع.
التاريخ هو لعبتي المفضلـة حتى اني قد أبحث احيانآ في ركامه علنـي أجد حجـرآ كريمآ أحرك به مياهـآ راكـدة، فالأفضل أن يحفز المرء العقل على طـرح أسئلة على ان يقدم أجوبة جاهزة و معلبة، و اليوم تصادف و أنا أقلب صفحات التاريخ أن أرى المناضل الأفريقي نيلسـون مانديلا في اليوم الأول من القاء القبض عليه، أنه رابط الجـأش لم يدعي أن أمه من العـرق الأبيض حتى يستدر عطف سجانيه البيض العنصريين و يتجنب شرورهم،  بل يرفض أن يكون عبدآ لهم يقوم على خدمتهم رغم نظرتهم الفوقية اليه.

لقد كسب معركته بعد سبعة و عشرون قضاها رجلآ صلبـآ بين إضراب و إحتجاج دون تأفف أو تذمر للمطالبة بحقوق شعبه، نتيجة صموده أصبحت بريتوريا تسمى اليوم أفريقيا.

و لماذا أذهب بعيـدآ هاهو الشيخ سعيد بيران يكتم آلامـه و يرفض رغم وقوفه أمام المشنقة أن يفتح فمه أمام جلاديه لفحصه، يفتح فمه فقط ليقول و هو مرفوع الرأس: أتمنـى أن لا تخجل منـي الأجيال القادمة، رحم الله الشيخ الشهيد، لم يترك إرثآ ثقيـلآ فحسب بل أصبح عبئآ ثقيـلآ على مناضلي الفيديـو كليـب (بتوع اليومـين دول) و الذين رغم كل ما يمتلكونه من تقنيات و خدع سينمائية يحاولون بها خداعنا، إلا انهم يفشلون في ذلك.

 17.11.2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…