ندوة للمثقفين الأكراد في القامشلي

  جريدة الديمقراطي *

في يوم 3/7/2007 تحدث الرفيق عبد الحميد درويش في الندوة وقال : أرحب بكم كمثقفين كرد ، وكان القصد من هذا اللقاء معكم القاء بعض الضوء على مسألة باتت تتعرض لكثير من التشويه المقصود ، وهي مسألة تأسيس البارتي الذي تحول الى لغط يستخدم للتشويه والإساءة كما حدث مع أبناء معشوق خزنوي ( مراد قال أن حميد يكذب حول التأسيس وحول اسمه وبرنامجه ..

هكذا دون أي رادع ودون توثيق ..

).

لذا اسمحوا لنا بأخذ بعض وقتكم لبعض التوضيح.

فقد كانت الأوضاع العامة والمناخ الديمقراطي الذي ساد سوريا في أواسط عقد الخمسينات من القرن الماضي ،وظهور وانتشار الصحف والمجلات الحرة وكذلك ظهور بعض الأحزاب السياسية دفع بعض الطلبة الكرد الذين كانوا يدرسون في دمشق وبعض الشخصيات الوطنية الكردية إلى تأسيس (جمعية إحياء الثقافة الكردية) في عام 1955 على يد كل من (عثمان صبري ، حميد درويش ، مجيد درويش ، محمد صالح درويش ، خضر فرحان ، وسعدو ايبو ،وانضم فيما بعد حمزة نويران ..)  قامت جمعيتنا هذه بطباعة سبعة كتب
(1 ـ ألف باء اللغة الكردية   2 ـ Derdê me    
 3 ـ Bahoz   4 ـ الكوسموبوليتية .5 ـ صفحات من الأدب الكردي .

6 ـ الأكراد .7 ـ فقرات من مقررات الكونفرانس الثاني للحزب الشيوعي العراقي .
 بعدها طرح اوصمان فكرة تطوير العمل ودعا الى تأسيس حزب وطلب مني مساعدته ، فوافقت ، أما محمد صالح وخضر ومجيد فلم يوافقوا لكونهم كانوا شيوعيين ، أوصمان قال لي : أنت تكفي لمساعدتي ، ثم انضم الينا حمزة نويران ، فقمنا بطباعة برنامج الحزب  ، وكان ذلك في عام 1956 في مطبعة كرم، دفعت أنا تكاليف الطباعة ( 200 ليرة) مقابل 200 نسخة وانضم الينا مباشرة من دمشق ( فيصل دقوري ، عدنان كولك ، محمد ملا أحمد ، معصوم سيدا ، محمد علي ..

، وانتشر نبأ تأسيس الحزب بسرعة فانضم بعدها (داود حرسان ، عبد الرحمن شيخ موسي) ، وعلى اثر ذلك ذهبنا الى الجزيرة وانضم الينا الكثيرون .
بعدها قال لي أوصمان أن بعض الرفاق من حلب يريدون التعاون معنا ، فقد اتصل رشيد حمو مع اوصمان ، وجاء الى دمشق ، فوافقنا ، رشيد قال سأذهب وأشاور رفاقي في حلب ، كانوا شيوعيين مبعدون عن حزبهم ، قلت لأوصمان : يا آبو لينضموا الى الحزب لكن ليس كمؤسسين ، فقال لي اوصمان : لا يهم ، نحن بحاجة اليهم في كرداغ ، وهم لا يقبلون الانضمام الا اذا اعتبرناهم مؤسسين ..

فوافقت أنا أيضا ، كان عمري آنذاك 21 سنة وكان آبو أوصمان هو صاحب المبادرة لتأسيس الحزب ، رفاق حلب جاؤوا في المرة الثانية وتوصلنا الى أن ينضموا وأن يصبح تاريخ التأسيس هو تاريخ اول اجتماع معهم ، حيث عقدنا أجتماعا في حلب حي سوق الخميس في بيت محمد علي خوجة في يوم 14 حزيران 1957 حضره من حلب كل من ( رشيد حمو ، شوكت حنان ، محمد علي خوجة ، خليل محمد ) وأصبحنا بذلك سبعة أعضاء في قيادة الحزب ..في عام 1956 وعند كتابة برنامج الحزب السياسي كان نور الدين زازا يدعمنا لكن دون انضمام لأنه يبدو أنه لم يكن واثقا من خطوتنا ومعروف أن اوصمان لم يكن لديه شعبية كافية ، وللحقيقة لم يكن لي دور في كتابة البرنامج لكني وافقت عليه وقد كتب باللغة الكردية في عام 1956 ..

وفي عام 1957 كتبوا البرنامج بالعربية هذه المرة ، أنا كنت أسكن في ساحة النجمة بدمشق جانب نادي الشرق ، جاء عبد الله اسحاقي ( من كردستان ايران ) ، وعرضنا عليه الفكرة والبرنامج ،وافق وكان ذلك في شباط 1956 .

في سنة 1958 انضم الينا نور الدين زازا ،ثم انضم بعده الشيخ محمد عيسى عندما سمع بانضمام نور الدين زازا ، لأن نور الدين كان له شخصية قوية ، ثم انضم بعد ذلك الشاعر جكرخوين ،وبذلك أصبح حزبنا كبيرا ..
من الذين ساعدونا كثيرا عند التأسيس : جلال طالباني الذي قال آنذاك أنه قادم من عند ملا مصطفى بارزاني وهو يبارك هذه الخطوة ، وتدخل جلال عند بيت جميل باشا ،وبيت حاجو ، ونقل لهم رأي البارزاني ،ليساعدو البارتي الجديد ، وهم فعلوا ذلك .في ذلك الوقت جاء جلال الى القامشلي وأقنع (جمعية الشباب) بالانضمام الى الحزب .
وقد شجع هذه الفكرة بعض الشخصيات الوطنية والقومية الكردية التي كانت متواجدة في دمشق ، مثل الدكتور نور الدين زازا والسيدة روشن بدرخان والسيد جلال الطالباني ( كان آنذاك عضو في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي) والسيد أحمد توفيق (سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ ايران ، والوزير الكردي السابق في حكومة القاضي محمد) ،السيد عبد الرحمن ذبيحي (كان يلقب بـ علما) ، والشاعر هزار (شقيق صادق شرفكندي ,من كردستان ايران), و الشيخ محمد عيسى ..

وقد حث معظم هؤلاء على ضرورة تأسيس هذا الحزب ، ,بالتعاون معهم ، وبتوجيه من الدكتور نور الدين زازا ، وبمشاركة فعلية منه تم كتابة البرنامج السياسي للحزب باللغة الكردية ، تحت عنوان (   Rêzname A bingehî   P.K.D.S ) وتمت طباعة 200 نسخة منه في مطبعة كرم بدمشق عام 1956 ودفعت انا نفقة الطباعة وكانت 200 ليرة سورية .
انا كنت في ذلك الوقت شابا ولم اكن سياسيا لكني كنت نشيطا والناس يعرفون عائلتي وكنت طالبا في الجامعة (كان نادرا وجود طلاب جامعة من الأكراد في ذلك الوقت) ، أما باقي أعضاء القيادة فكانوا سياسيين مرموقين : نور الدين ، اوصمان ، رشيد حمو ، شيخ محمد عيسى ، شوكت حنان ، محمد علي خوجة ..

وجكرخوين الذي كان رمزا كديا بارزا ..

كنت أنا أصغرهم  وأقلهم خبرة
بعد ذلك وعلى اثر الوحدة السورية المصرية  حلت ظروف صعبة  ودخل الحزب في العمل السري ،وحينها غادر كل من جكرخوين ومحمد علي خوجة وخليل محمد الى العراق ، واعتقل حمزة نويران ، ثم جاءت حملة الاعتقال الواسعة النطاق في 12 آب 1960لتشمل غالبية قيادة الحزب والكادر الرئيسي فيه حيث تم اعتقال حوال 90 رفيقا لنا ، لكن ذلك الاجراء أدى الى زيادة نفوذ الحزب ومكانته لدى الجماهير الكردية ، وقد تابعت مع الرفاق الذين نجوا من الاعتقال العمل التنظيمي ولم نرضخ ، ولذا فان محمد طلب هلال قال في كراسه : ان هذا الحزب لايمكن هزيمته سوى بالعمل على تفتيته ..

وباختصار فاني أستطيع القول أن قيادة الحزب في تلك المرحلة كانت قيادة سياسية متميزة وأعتقد أنه حتى بعد 20 سنة أخرى لن تتوفر لحركتنا قيادة مثلها .

بعد ذلك عرض الرفيق حميد نسخة من البرنامج الأول للحزب باللغة الكردية الذي طبع في مطبعة كرم ، وطلب من أحد السادة الحضور تلاوة نصه الذي يبين بوضوح ماذا كان اسم الحزب ، وماذا كان طرحه السياسي .
بعد ذلك : أضاف الرفيق حميد : حول التغيير الذي حدث في اسم الحزب وطرحه السياسي ففي عام 1959 وبدون علم اللجنة المركزية آنذاك ،ولن أذكر تفاصيل ذلك ، فقد أصبح اسم الحزب ( بارتي ديمقراطي كردستان سوريا) وتحول الأمرالى محور خلاف في السجن 1960 ، فالبرنامج الذي كتب بالعربية في 1957 لم يكن مطبوعا وقد اضيف اليه عبارة ( تحرير وتوحيد كردستان في عام 1959 ) اضافة الى تغيير اسم الحزب ..

وبقي كذلك حتى عام 1964 ، حيث تخلى الجميع عن ذلك الاسم وعن الشعار أيضا وعاد اسم الحزب ليصبح كما كان في البرنامج الأول ( الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا) وتم حذف شعار ( تحرير وتوحيد ..)  وكنت قد نشرت كراسا حول هذا الموضوع في 1964 شرحت فيه وجه نظري المعارضة لطرح (التحرير والتوحيد واسم الحزب) .
وفي الختام شكر الرفيق حميد الحضور ،وأضاف بأن الكثيرين يكتبون بشكل متعمد بأن اسم الحزب كان منذ التأسيس (الحزب الديمقراطي الكردستاني) دون أن يعلموا تفاصيل الموضوع ودون الاستناد الى أية وثائق.


—-

* جــريـدة نصــف شهـريــــة يصـــدرها الـحـزب الـديـمـقــراطــــي الـتقــدمــي الكــــردي فـــي ســــوريــا – العدد 503 – أوائل آب 2007م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…