عراق الطوبة ام عراق الحروب ؟

درويش محمى

شأني شأن الكثيرين ممن تابعوا المباراة النهائية لكأس اسيا بين الفريقين العراقي والسعودي، كنت من الغالبية المنحازة بالكامل للفريق العراقي، تماشياً مع قوانين الطبيعة ومسلماتها في الوقوف الى صف المظلوم والتعاطف معه، وأقولها من القلب للعراقيين بمختلف طوائفهم وقومياتهم مبروك فوزكم الكبير بكأس اسيا وعقبال كأس العالم .
المباراة المثيرة انتهت بفوز جدير للفريق العراقي على منافسه السعودي، لكنها لم تكن الا البداية بالنسبة لي، فقد تابعت بشغف معظم ما كتب وقيل عن المباراة، حتى اكتشفت وبمحض الصدفة في الشبكة العنكبوتية، مقطتفات من فيلم وثائقي عراقي اصيل، بالصوت والصورة للسيد مقتدى الصدر حفظه الله ورعاه، يبين فيه موقفه من كرة القدم ولاعبيها، يقول السيد”ايش خلنا نركض ورا الطوبة حبيبي……الغرب واسرائبل خلونا نتلهى بهل طوبة والامور المحرمة……لاتركض ورا الطوبة حبيبي …….هي امور لاعقلائية لايمكن فعلها”.
فوز المنتخب العراقي الكبير اطرب الجميع، وبشكل خاص السادة الكتاب العراقيين، فشهروا عن اقلامهم كالسيوف، للتذكير بعراقة العراق وعظمته وحضارة بابل وسومر وطيبة اهل العراق وتسامحهم وجنوحهم للسلم، وكون النجاح والتفوق مرتبطين دوما بالقسوة والعنف لدى معظم ابناء الشرق وربما بشكل خاص لدى الاخوة العراقيين، يقول احد الكتاب وهو في قمة الفرح والغبطة بفوز فريقه” ان اسود الرافدين يفترسون صقور الجزيرة”، وكاتب اخر لم يكن اقل عنفاً من زميله في وصف المباراة ليقول” ان اسود الرافدين يلتهمون صقور بلاد الحرمين”.
اما عن الالقاب التي اطلقت على اللاعبين العراقيين، فحدث ولاحرج وكانت فظيعة حقاً، وحظي بحصة الاسد اللاعب الموهوب يونس محمود، فوصفه البعض بالمرعب واخرون وصفوه بالسفاح، وهوار حافظ على لقبه المغوار، واللاعب جاسم محمد وصف بالمقاتل الشرس، وسامحهم الله كتابنا الاعزاء، اصروا على ابقائنا في الاجواء الحربية القاسية التي حلت بالعراق واهل العراق لعقود طويلة، وكأننا في ساحة معركة حقيقية .
كاتب كردي عراقي وعلى عكس الجميع، ربما لطيبة قلبه او لفرط تأثره بالنصر المبين، نسي فجاءة ما حل بالكرد من ابناء جلدته، من ماس وويلات في ظل العلم العراقي الحالي، ليطالب حكومة اقليمه الكردي برفع ذلك العلم بعلاماته الفارقة من بعثية ووحدوية عروبية وتحويراتها الصدامية، ولحسن الحظ ان المباراة لم تشهد الا هدف الفوز الوحيد ولو سجلت اهداف اخرى، لربما طالب كاتبنا العزيز بالوحدة الفورية مع كل من مصر وسورية .


طوبى لكم ايها العراقيون وانتم تثبتون انكم الافضل بلعب “الطوبة”، لكن ماذا عن لعبة الحروب وثقافة الدم والاقتتال التي طال امدها في العراق ؟ الم يحن بعد زمن البحث عن مستقبل افضل بدل “الكلاوات” والحديث الفارغ عن الماضي وعراقته ؟ اليس من الافضل رفع علم عراقي جديد لا يحمل الا شارات السلام والامان والازدهار ؟ وبعيداً عن الاستهزاء والسخرية ما رأيكم بعلم يتوسطه كرة قدم ؟؟؟
 
* كاتب كردي سوري
d.mehma@hotmail.com    

     

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…