هل من جديد في الانتخابات القادمة….؟

داوود جيجك

سبعة اعوام وشعبنا السوري ينتظر وبفارغ الصبر مسيرة التحديث والتطوير ، الشعار الذي أطلقه الرئيس الأسد في أول خطاب له ، والذي اعتبره الشعب السوري نقطة البداية لرئيس شاب صعد على كرسي الحكم ، والشعب السوري تحرك في عام 2003 أثناء المعركة الانتخابية لإختيار نوابه وممثليه ، رغم أنه جرت الإنتخابات كما كان مقررا ومتعودا عليها في السنوات الثلاثين الماضية ، وكان قد تم الحكم على نتائجها قبل فتح الصناديق اوشمعها ، لأن هناك تجربة ثلاثين عام  وخبرة عظيمة في هذا المجال ، حيث أصبحت قائمة الظل التي تظهر في اليوم الأول من الإنتخابات ، وقبل ذهاب الجماهير الى صناديق الإقتراع معروفة لدى الجميع، وفي كل الأحوال فأنه حتى إن أعطت الحكومة المجال للمرشحين المستقلين لإنتخابهم بشكل حر ، فانها لا تمثل ارادة الشعب السوري بشكل لا ئق ، لأن هذا المجال يأتي بعد موافقات أمنية .

ولكن سير العملية الإنتخابية في البلد لم يتم حسب المعايير الديمقراطية ولا الحقوقية ، فما دام هناك حزب واحد قدير و جدير لتمثيل كافة أطياف الشعب السوري ألا وهو حزب البعث ؟ ويؤكد للمجتمع الدولي بأن هناك أحزاب ذات إرادة سياسية والمتمثلة بالجبهة الوطنية التقدمية -اللا ارادية – إنما لا تمثل هذه الجبهة الا حزب البعث ذاته ، لكن إعلاميا يقول النظام بأن هناك ممثلين للأحزاب السياسية في البرلمان السوري المتشكلة من 250 مقعدا ، ولكن الذين يشغلون هذه المقاعد لا يمثلون أي طيف من أطياف المجتمع السوري ، بل يستغلون الفرصة للبحث عن المصالح الشخصية ، وان كان هناك بعض رؤساء العشائر من النواب المستقلين الذين لا يمثلون الا عشيرتهم أو قبيلتهم ، أو بعض الشخصيات التي لا تمثل الا النظام نفسه .

ولكن النظام السوري يرى بأن مسيرة تطوير وتحديث المجتمع عبر شبكة الاتصالات ونشر الحاسوب وإنشاء الشبكات المعلوماتية في البلد ؟ فأنه بهذا يبتعد عن متطلبات المجتمع الاساسية، لان المجتمع السوري بحاجة الى الصوت الذي يمكن ان يعبر عن نفسه من خلال تمثيله في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتمثيل الارادة السياسية وحقوقه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، والتعبير عن رأيه بحرية المواطن الكريم  .
ينتظر السوريين الربيع القادم ، حيث المعركة الانتخابية ، على أمل تغيير حقيقي في اسلوب وقانون الانتخابات ، وفسح  مجال المشاركة أمام كافة الأحزاب السياسية وممثلي كافة الاطياف وممارسة حق الانتخاب بحرية الإقتراع وحسب القوانين الدولية ، والخوض في التجربة الديمقراطية بشجاعة ومهما كانت النتائج كما حدث في الاردن ومصر وفلسطين والعراق .
أما إذا كان اختيار النواب كالمعتاد ، فلا حاجة الى الأحزاب أن تتعب نفسها في صراع فاشل ، بل على العكس عليه مقاطعة هذه المسرحية الإنتخابية كليا ، وليذهب البعثيون ويملؤوا الصناديق بالقوائم الجاهزة ، فبهذا الشكل الصوري و الروتين لا أمل في التغيير ، لأن قائمة البعث والجبهة التقدمية موجودة حصرا في كافة القوائم (الزرقاء والخضراء والحمراء والصفراء ) ، وإن كانت هناك نية حسنة لدى النظام والحكومة لتغيير سلوكها؟ عليها أن تعطي المجال للجماهيرالشعبية لممارسة حقها بحرية عبرالصندوق الانتخابي.
الديمقراطية هي حكم الشعب نفسه بنفسه ، وتمثيل أطيافه وشرائحه في مجلس النواب للتعبير عن نفسه ، وصيانة حقوقه السياسية والاجتماعية والإقتصادية والثقافية ومتطلباته ، و ليس النائب هو الذي يقوم بتعبيد طرقات قريته وتأمين علب السمنة لعشيرته وأقاربه فحسب، أو لأجل الحصول على امتياز يستغله في مصالحه ورفاهيته الشخصية بتملكه حصانة وصاحب بطاقة حمراء .
وحتى قائمة المستقلين من فئة (أ) أو (ب)- يحرم الشعب من حريته في اختيارها ، فيتم تغطيتها بقائمة ظل ، ويتم الاختيار من الاعلى ، كون هؤلاء المستقلين أزلام للنظام .
أوحتى بالنسبة لإنتخابات رئيس الجمهورية والقائمة التي تحتوي على (نعم) أو (لا) فمن يجرؤ أن يقول لا ؟ لأنه خط أحمر وخطرعلى امن الدولة ، والنتيجة يجب أن تكون 99.99 بالمئة والواحد المتبقي الذي لم يدلي بصوته هو الرئيس نفسه – انه استفتاء شكلي فحسب-، إذا ..

لا حياة في هذا الوطن لا للتقدم ولا للتطور ولا هم يحزنون
لذا على جميع المنظمات الشعبية والمدنية من الحقوقية والقانونية والثقافية والاقتصادية، إعلاء صوتها ، والضغط على النظام عبر هيئات ومنظمات دولية وتشكيل لجان دولية للاشراف والرقابة على هذه الانتخابات، للحفاظ على حق المواطن في سير العملية الانتخابية وفق الدساتير والقوانين الديمقراطية ووفق المواثيق والعهود الدولية ، او مقاطعة هكذا عملية انتخابية كما تجري على عادتها ، وإن دل هذا على شيء إنما يدل على حدة الازمات التي تعاني منها النظام ، والسير في الطريق الوعر، ولن يكون هناك تغيير لا في السلوك ولا التحديث ولا التطوير ويُساق البلد الى التهور، وتعتبر هذه الانتخابات والعملية الديمقراطية اخر مسمار في نعش النظام وزرع العوائق في القضايا الاساسية والحريات في الوطن الحبيب سوريا.
أظن رغم ان بعض الظن إثم ، بان النظام الان يقوم بتحضير ديباجة جديدة لتسيير هذه العملية ليظهر للراي العام بانه هناك تغيير في اجراء هذه العملية الديمقراطية بشكل نزيه ، ولكن جوهريا لا يتعدى كونه انتاج الذات في نفس الاسلوب والسلوك القديم ونفس النتيجة لذلك يتطلب الحذر ،  وكما قال الشاعر :
صف الحقيقة للشبان يا قلمي
فكل ظني ان الوقت قد حانا
30/1/2007

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…