نرى في هذه الأيام كثيراً ما يتردد على لسان أبناء الشعب السوري موضوع انتخابات مجلس الشعب قي سوريا بشكل عام, مما أثار جدلا واسعا بين الأحزاب السورية.
وشمل هذا الجدل كافة الشرائح الاجتماعية والسياسية والثقافية كردياً وعربياً ومسيحياً (آشوريين) وغيرهم من القوميات والانتماءات الأخرى في سوريا.
فمنهم من دعا المشاركة في عملية الانتخابات بحجة أنها فرصة ثمينة لابد من اغتنامها.
وهؤلاء كطائر النعامة عندما يشعر بقرب الصياد إليه يغمس رأسه قي الرمال وهماً منه بأنه قد اختفى عن أعين الصياد وكلابه المدربة على ملاحقة الفريسة المعنية.
ومنهم من هو آلة مسخرة في أيدي السلطة الطاغية وهي إذ توجهه متى شاءت وكيف ما تشاء وذلك حسب مصالحها الآنية المخزية و بشتى السبل الجائرة المتاحة لها ترهيباً وترغيباً مستغلة لصالحها التناقضات الاجتماعية والسياسية والثقافية حينا, والالتفاف على الشارع السوري وذلك من خلال طرحها بعض الشعارات الرنانة اللامعة المعروفة لكسب البسطاء من أبناء وبنات الشعب السوري المقهور حيناً آخر.
وأن مثل هذا الصنف أصبح معروفاً ومفضوحاً لدى الكثيرين الواعين من أبناء وبنات شعبنا منذ زمن بعيد.
إلا أنهم أشد ضرراً على المصالح العليا للشعب السوري.
وإن ما يتطلب من شعبنا العظيم هو أخذ الحيطة والحذر من هؤلاء وعدم الانجرار وراء أضاليلهم الزائفة الداعية لمشاركة الانتخابات المزعومة المقبلة.
وهناك فئة أخرى انتهازية متذبذبة تدعو للانتخابات ترشيحاً واقتراعا.
ومن خصائصها التملق مع النظام الحاكم أو مع أية قوى أخرى سواء كانت تتعارض مع المصالح الوطنية للمجتمع أو لم تتعارض, لا يهمها, وذلك حسبما تقتضي مصالحها فقط .وباستطاعتها أن تتلون بجلدها.
وكيف ما تشاء كالحرباء التي تتلون حسب فصول السنة أي قي كل فصل لون خاص بها.
وأن هذه الفئة تشكل خطراً أكيداً على المجتمع ومصالحه كما أنها تشكل الخطر الأكيد على سياسة الدولة ومصالحها أيضاً.
و أن مثل هذه الفئة موجودة في كل زمان ومكان إلا أنها معروفة ومنبوذة ومكروهة على مستوى العالم أجمع بسبب تذبذب مواقفها السياسية غير المستقرة و سلوكها السياسي السيئ وتصرفاتها اللا وطنية عبر التاريخ.
فلابد من مقارعتها سياسياً وإعلاميا وتعريتها وفضحها بين أوساط الشعب السوري.
وللحقيقة فقط فإن التجارب العديدة و المريرة للشعب السوري مع الأنظمة الحاكمة المتعاقبة في سوريا التي دامت حوالي نصف قرن مضى من الزمن لم تجدي نفعاً ملموساً مع الأنظمة الحاكمة سواء كان على المستوى الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي أو التشريعي.
ففي عام 1959أثناء الوحدة السورية المصرية ألغى عبد الناصر نظام البرلمان في سوريا, وأتى بالإتحاد القومي الذي كان معظم أعضائه من رؤساء القبائل والعشائر الجهلة بديلاً عنه.
وحولهم إلى حفنة من المخبرين والجواسيس على الشعب السوري وربطه بأجهزة مخابراته كحلقات سلسلة بدء ًمن القامشلي أقصى الشمالي الشرقي من سوريا ومروراً بدمشق وانتهاء بالقاهرة في مصر, وهذه معروفة لدى كل من واكب ذلك العهد,وكان من نصيب الشعب السوري السجون والاعتقالات والتعذيب الوحشي بكافة أنواعه وأشكاله.
و أن الشعب الكردي لم يكن بمنأى عنه بل كان للشعب الكردي و نخبته السياسية النصيب الأوفر من تلك السجون السيئة الصيت والمعتقلات والملاحقات الجائرة غير المبررة ناهيك عن الأحكام العرفية والحكم البوليسي و الفردي المستبد كما لا زلنا نشاهده الآن في سوريا علماً بأن الشعب الكردي كان من أوائل من أيد الوحدة العربية , كون الكرد ُمكْتوين بنار التقسيم الاستعماري ولهيبها الحارق أرضاً وإنساناً حتى اليوم .
وفي عام 1961شارك الشعب الكردي انتخابات مجلس الشعب في ظل النظام الانفصالي في سوريا حيث لم يكن هذا الأخير أقل استبداداَ وطغياناً من سلفه من حيث الاعتقالات والسجون والتعذيب و التصرفات المجنونة بحق الشعب الكردي وبالأخص عند ما رأى بأن القائمة الكردية في الانتخابات الأنفة الذكر أعلاه المعروفة بقائمة
د- نور الدين ظاظا قد فازت فوزاً ساحقاً في المعركة الانتخابية.
حينها تدخل هذا النظام عسكرياً في شأن الانتخابات بشكل سافر لم يسبق له مثيل.
من حيث اعتقاله واعتقال جميع وكلاء د- نور الدين الذين كانوا متواجدين في غرف الاقتراع ومصادرة كافة البطاقات الانتخابية والسيطرة على الصناديق ومنع الشعب الكردي من المشاركة الانتخابية للتعبير عن رأيه الحر , مما كشف ذلك النظام المتخلف عن أنيابه القذرة وحقده الدفين للشعب الكردي و استمر هذا النظام أيضاً كسلفه على حكمه الفردي و الأحكام العرفية السابقة وتفعيلها وغيرها من الأعمال البربرية التي استخدمها بحق الشعب السوري.
كل هذا أدى إلى انهيار ذلك النظام السيئ الصيت بسرعة, وذهب إلى دون رجعة.
و منذ أن حكم النظام البعثي على سوريا عن طريق انقلابه العسكري المعروف في عام 1963, ظل متمسكاً بحكمه المطلق على الشعب السوري ومقدراته وسلب إرادته وحجز حرياته الأساسية بالقوة وسدّ أمامه جميع مجالات الحياة الحرة الكريمة ولم يفسح للشعب السوري أي مجال كي يتمتع بإرادته الحرة والسعادة كغيره من الشعوب وظلت أحكامه العرفية كالأغلال المشدودة حول أعناق الناس أما قوانينه الاستثنائية وإجراءاته التعسفية الجائرة بحق الشعب الكردي كالسيف المهدد بقطع الرؤوس البريئة.
وللأسف الشديد لازال هذا السيف قائماً يهدد… وأن الشعب السوري لا زال ينتظر الفرج بفارغ الصبر.
وعلى الرغم من المساوئ العديدة للنظام فإن الشعب الكردي وقواه السياسية قد شاركت انتخابات مجلس الشعب في دوراته العديدة السابقة , إلا أن أجهزة النظام الأمنية كانت تتدخل في كل مرة ضد القائمة الكردية بشتى الأساليب والوسائل المخزية لإسقاطها باستثناء انتخابات “الدور التشريعي الثاني لمجلس الشعب لعام 199.” وأنه كان “لغاية في نفس يعقوب” ؟؟؟؟
لقد أصبح الظلم والاضطهاد القومي يلاحقنا في قعر دارنا وفي كل مكان وفي جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وحتى في حياتنا اليومية على أيدي جلاوزة النظام وجحوشه المرتزقة.
وأصبح الحرمان و التهميش قدرنا نتيجة القوانين الاستثنائية العنصرية الجائرة بحقنا كعملية الإحصاء الاستثنائي المشين في الجزيرة عام 1962ومصادرة الأراضي الكردية الزراعية وبناء المستوطنات العربية عليها وتوزيعها عليهم في بداية السبعينات ورفع يد الفلاحين الكرد عنها وحرمانهم وقد سماها محمد حيدر محافظ الحسكة حينها بـ (الحزام العربي( وكذلك الإجراءات المخزية الأخرى كمنع نقل الملكية من مواطن كردي إلى مواطن كردي آخر وخاصة الأراضي الزراعية في منطقة تواجد الشعب الكردي في محافظة الحسكة إلا بموافقة الأجهزة الأمنية المتعددة وهذا أصبح أيضاً قانوناً لعيناً مطبق بحق الشعب الكردي وحده.
وهكذا في مجال العمل والتوظيف والتجارة والتدريس والتعليم والمعاملات والنقابات العمالية والمهنية والجمعيات الفلاحية…
وبناء على ما تقدم ندعو شعبنا الكردي العظيم بكافة شرائحه الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية والمذهبية إلى مقاطعة الانتخابات الصورية القادمة للدورة التشريعية التاسعة لمجلس الشعب ترشيحاً وتصويتاً وأن عدم مشاركتكم فيها تعتبر صوتاً مدويا ضد الظلم والطغيان.
وأن مقاطعة الشعب الكردي الأبي للانتخابات تعني رفضه القوي والصريح للذل والقهر والحرمان- مقاطعته تعبر عن رفضه للقوانين الاستثنائية العنصرية.
وأن رفض الأمهات والأخوات اللواتي ذرفن الدموع على شهداء الثاني عشرة من آذار المجيد.
للانتخابات يعني تعبيراً صادقاً عن تلك الآلام واستنكاراً لتلك الفواجع الأليمة التي أقدمت على فعلها أجهزة الأمن السورية.
وأن رفض المثقفين والمثقفات للانتخابات يعني تعبيراً حياً ضد الإقصاء والتهميش المبرمج وبرفض الجميع قد يؤدون رسالتهم البليغة التي سيسجلها التاريخ؟؟؟؟؟؟
25 /3/2..7