توفيق عبد المجيد
لاشك أن الحالة الفلسطينية الراهنة باتت غير مقبولة بكل المقاييس ، لأن التطورات الدراماتيكية الأخيرة التي عصفت بها ووضعتها على المحك ، ألزمتها بالاستجابة لاستحقاقات عديدة يأتي في مقدمتها إعادة النظر في هذا الانقسام اللامبرر والمستمر في الصف الفلسطيني والذي كشف للأعداء قبل الأصدقاء مدى التفكك والتبعثر بل الانشطار فيه إلى درجة يصعب تجسير الهوة وتضييق الفجوة التي يحاول المتربصون بأجنداتهم المختلفة والمتصارعة والمتناقضة أحياناً النفاذ منها إلى داخل الصف الفلسطيني مستغلين هذه الظاهرة المرضية المستعصية ، وهذا الجرح الفلسطيني الملتهب في غزة أبشع استغلال.
ويبدو أن هذه الظاهرة الشاذة قد خرجت من النطاق الإقليمي والعربي ليتناوب على الساحة لاعبون آخرون أدلوا بدلوهم في هذا المجال ، فاعتلوا موجة الأمزجة المختلفة في الشارعين الفلسطيني والعربي والمتعاطفة مع القضية الفلسطينية ، والمستنكرة لهذا الواقع اللامقبول في غزة المحاصرة , والمعاناة الإنسانية لسكانها الأبرياء المحرومين من شتى مستلزمات العيش بل من مستلزمات الحياة الضرورية.
اللاعب التركي ممثلاً بشخص رئيس وزرائه رجب طيب أردوغان ، الوريث الدستوري للإمبراطورية العثمانية ، وللعلمانية الأتاتوركية ظهر بقوة على الساحة وتصدر قائمة الغيورين على الشعب الفلسطيني والوضع البائس الذي يعيشه سكان غزة ، ناسياً أو متناسياً أن دولته تركيا العظمى كانت خارج السرب العربي والإسلامي لعقود عديدة ، وأنها اعترفت بإسرائيل بعد أمريكا مباشرة وبعد خمس عشرة ساعة من قيامها ، والعلاقات بين تركيا وإسرائيل موغلة في القدم بل ضاربة ومتشعبة في أعماق التاريخ ، ونحن نقصد بذلك العلاقات العلنية والمكشوفة وربما يكون ما خفي من هذه العلاقات أعظم ، ناهيكم عن العلاقات الاستخباراتية والخدمات اللوجستية التي لم تبخل بها تركيا على إسرائيل يوماً ما ، وكمثال عليها قصف الطائرات الإسرائيلية مروراً بالأجواء التركية منشآت سورية في دير الزور.
أما أهداف تركيا التي باتت معروفة لكل متتبع للسياسة فلم تخرج عن خدمة أجنداتها المختلفة ويأتي في مقدمتها هذا الخوف التركي من التمدد الإيراني (من آسيا الوسطى إلى شواطئ لبنان وغزة مروراً بالعراق والخليج) والذي بات (يشكل تهديداً لدورها ومصالحها وعلاقاتها الإستراتيجية التي نسجتها طوال السنوات الأخيرة في «الشرق الأوسط» الكبير) ، فحاولت إبعاد الإيرانيين عن الساحة الملاصقة لها ، وكان الصوت التركي الرسمي عبارة عن ظاهرة صوتية أخرى رددتها الصحف والفضائيات والمايكرفونات على لسان مسؤوليها الكبار ، ومن حقنا أن نسأل هذا السؤال (هل تركيا جزء من المحور الإيراني أم أنها جزء من خطة لإقصاء الإيرانيين) عبد الرحمن الراشد – الشرق الأوسط 5 حزيران 2010 .
وكان نائب رئيس الوزراء التركي واضحاً وصريحاً عندما قال : (قد نعتزم خفض علاقاتنا مع إسرائيل إلى الحد الأدنى لكن افتراض إنهاء كل العلاقات مع دولة أخرى على الفور والقول إننا حذفنا اسمكم تماماً فإن ذلك ليس من عادة بلدنا ) فليسمع المراهنون على الموقف التركي هذا التصريح .
أما الموقف الإيراني فكان دون المستوى المطلوب والمتوقع حيث كان الصمت سيد الموقف طالما أن النيران بعيدة عن البيدر الإيراني ، وأن مسرح المناوشات والمعارك هو الأرض الفلسطينية وغزة المحاصرة ، وما أحوج إيران في هذا الوقت بالذات إلى مثل هذه الحوادث المتفرقة هنا وهناك لإلهاء الرأي العام العالمي عن برنامجها النووي وكسب المزيد من الوقت للمضي قدماً في إنتاج الأسلحة النووية (لتحرر بها القدس وتمحو دولة إسرائيل من الوجود) ، وقد كان هذا الموقف مطابقاً للموقف الإيراني عندما تعرضت غزة للعدوان الإسرائيلي .
أما في الداخل الفلسطيني فقد أدرك المعنيون بالحدث وأسبابه وتداعياته الحاجة أكثر من ذي قبل إلى مداواة الجراح والإسراع بخطوات مستعجلة إلى لملمة الشتات الفلسطيني ووضع حد لحالة الانقسام والانشطار وقد ورد ذلك على لسان الرئيس محمود عباس في رد واضح على الموقف الإسرائيلي الذي شهد توحداً بين كافة أطيافه وتياراته من يسار ويمين ووسط ومعارضة عندما قال (لا أعتقد أن هناك فرصة أهم وأكبر من هذه الفرصة ، نحن مفرقون ، لماذا لا نتوحد ؟ وهذه فرصة علينا أن نستغلها)
ونقول في نهاية المقال – والكرة صارت ولازالت في المرمى الفلسطيني – إن أفضل رد برأينا هو إنهاء هذه الحالة اللاطبيعية في البيت الفلسطيني ، ووضع حد للانقسام في الصف والموقف والعمل على كسر هذا الحصار الظالم المفروض على أبناء غزة ، وعدم الاعتماد على التضليل والتهويل والديماغوجية ، لأن وحدة الموقف خير من الاعتماد على النفاق والمنافقين ، فلكل منهم أجنداته المختلفة ، ولكل منهم مشاكله الداخلية وأزماته المستعصية ، وعليهم أن ينصرفوا إلى شعوبهم ، ويعالجوا معاناتها قبل أن يتاجروا بالدم الفلسطيني ، ويروجوا لبضاعتهم الكاسدة على المسرح الفلسطيني ، وتبقى دائماً وأبداً ورقة المصالحة الفلسطينية / الفلسطينية هي الرابحة الأقوى .
اللاعب التركي ممثلاً بشخص رئيس وزرائه رجب طيب أردوغان ، الوريث الدستوري للإمبراطورية العثمانية ، وللعلمانية الأتاتوركية ظهر بقوة على الساحة وتصدر قائمة الغيورين على الشعب الفلسطيني والوضع البائس الذي يعيشه سكان غزة ، ناسياً أو متناسياً أن دولته تركيا العظمى كانت خارج السرب العربي والإسلامي لعقود عديدة ، وأنها اعترفت بإسرائيل بعد أمريكا مباشرة وبعد خمس عشرة ساعة من قيامها ، والعلاقات بين تركيا وإسرائيل موغلة في القدم بل ضاربة ومتشعبة في أعماق التاريخ ، ونحن نقصد بذلك العلاقات العلنية والمكشوفة وربما يكون ما خفي من هذه العلاقات أعظم ، ناهيكم عن العلاقات الاستخباراتية والخدمات اللوجستية التي لم تبخل بها تركيا على إسرائيل يوماً ما ، وكمثال عليها قصف الطائرات الإسرائيلية مروراً بالأجواء التركية منشآت سورية في دير الزور.
أما أهداف تركيا التي باتت معروفة لكل متتبع للسياسة فلم تخرج عن خدمة أجنداتها المختلفة ويأتي في مقدمتها هذا الخوف التركي من التمدد الإيراني (من آسيا الوسطى إلى شواطئ لبنان وغزة مروراً بالعراق والخليج) والذي بات (يشكل تهديداً لدورها ومصالحها وعلاقاتها الإستراتيجية التي نسجتها طوال السنوات الأخيرة في «الشرق الأوسط» الكبير) ، فحاولت إبعاد الإيرانيين عن الساحة الملاصقة لها ، وكان الصوت التركي الرسمي عبارة عن ظاهرة صوتية أخرى رددتها الصحف والفضائيات والمايكرفونات على لسان مسؤوليها الكبار ، ومن حقنا أن نسأل هذا السؤال (هل تركيا جزء من المحور الإيراني أم أنها جزء من خطة لإقصاء الإيرانيين) عبد الرحمن الراشد – الشرق الأوسط 5 حزيران 2010 .
وكان نائب رئيس الوزراء التركي واضحاً وصريحاً عندما قال : (قد نعتزم خفض علاقاتنا مع إسرائيل إلى الحد الأدنى لكن افتراض إنهاء كل العلاقات مع دولة أخرى على الفور والقول إننا حذفنا اسمكم تماماً فإن ذلك ليس من عادة بلدنا ) فليسمع المراهنون على الموقف التركي هذا التصريح .
أما الموقف الإيراني فكان دون المستوى المطلوب والمتوقع حيث كان الصمت سيد الموقف طالما أن النيران بعيدة عن البيدر الإيراني ، وأن مسرح المناوشات والمعارك هو الأرض الفلسطينية وغزة المحاصرة ، وما أحوج إيران في هذا الوقت بالذات إلى مثل هذه الحوادث المتفرقة هنا وهناك لإلهاء الرأي العام العالمي عن برنامجها النووي وكسب المزيد من الوقت للمضي قدماً في إنتاج الأسلحة النووية (لتحرر بها القدس وتمحو دولة إسرائيل من الوجود) ، وقد كان هذا الموقف مطابقاً للموقف الإيراني عندما تعرضت غزة للعدوان الإسرائيلي .
أما في الداخل الفلسطيني فقد أدرك المعنيون بالحدث وأسبابه وتداعياته الحاجة أكثر من ذي قبل إلى مداواة الجراح والإسراع بخطوات مستعجلة إلى لملمة الشتات الفلسطيني ووضع حد لحالة الانقسام والانشطار وقد ورد ذلك على لسان الرئيس محمود عباس في رد واضح على الموقف الإسرائيلي الذي شهد توحداً بين كافة أطيافه وتياراته من يسار ويمين ووسط ومعارضة عندما قال (لا أعتقد أن هناك فرصة أهم وأكبر من هذه الفرصة ، نحن مفرقون ، لماذا لا نتوحد ؟ وهذه فرصة علينا أن نستغلها)
ونقول في نهاية المقال – والكرة صارت ولازالت في المرمى الفلسطيني – إن أفضل رد برأينا هو إنهاء هذه الحالة اللاطبيعية في البيت الفلسطيني ، ووضع حد للانقسام في الصف والموقف والعمل على كسر هذا الحصار الظالم المفروض على أبناء غزة ، وعدم الاعتماد على التضليل والتهويل والديماغوجية ، لأن وحدة الموقف خير من الاعتماد على النفاق والمنافقين ، فلكل منهم أجنداته المختلفة ، ولكل منهم مشاكله الداخلية وأزماته المستعصية ، وعليهم أن ينصرفوا إلى شعوبهم ، ويعالجوا معاناتها قبل أن يتاجروا بالدم الفلسطيني ، ويروجوا لبضاعتهم الكاسدة على المسرح الفلسطيني ، وتبقى دائماً وأبداً ورقة المصالحة الفلسطينية / الفلسطينية هي الرابحة الأقوى .
8/6/2010