ويرحل معارض سوري آخر

سليمان يوسف يوسف

لم تمض سوى أيام قليلة على رحيل الشخصية الوطنية السريانية المرحوم(كبرو تازة)، القيادي في حزب العمال الثوري العربي، أحد الأطراف الأساسية في (التجمع الوطني الديمقراطي) المعارض ومن مؤسسي “اعلان دمشق” للتغير الديمقراطي، حتى فجعت الحركة الوطنية السورية برحيل المعارض الوطني البارز وأحد رجالات الحركة الكردية السورية، الاستاذ( اسماعيل عمر)،رئيس حزب الوحدة الديمقراطي الكردي(يكيتي) في سوريا، المنضوي في “اعلان دمشق”،الذي وافته المنية في مدينة القامشلي صبيحة يوم الاثنين 18 تشرين الأول الجاري اثر نوبة قلبية حادة.
عرفت الراحل عن قرب، من خلال العمل في حقل السياسة والحراك الديمقراطي المعارض الذي شهدته سوريا في السنوات الأولى من عهد الرئيس بشار الأسد.وقد تراجع هذا الحراك وكاد أن يختفي من الحياة السياسية في سوريا بعد عودة السلطات الى سياسة تضييق الخناق على المعارضة الوطنية وتشديد القبضة الأمنية على المجتمع السياسي والحراك الديمقراطي.
عرفته مناضلاً كردياً سوريا وطنياً..

محباً لشعبه الكردي ومخلصاً لوطنه السوري..

يعتز بهويته الوطنية السورية مثلما كان يتفاخر ويعتز بقوميته الكردية… سعى الى التقارب والتعاون بين الحركة الكردية والحركة الآشورية، لأيمانه العميق بوحدة المصير والمستقبل بين الشعبين الآشوري والكردي في سوريا.
رغم وضعه المعيشي المتواضع استقال من مهنة التدريس في المدارس الحكومية ليتفرع الى العمل السياسي وللدفاع عن الحقوق القومية والديمقراطية للأكراد السورين ولإعادة الجنسية السورية لمن حرم منها بموجب الإحصاء الجائر في محافظة الحسكة لعام 1962.والراحل لم يبخل في الدفاع عن حقوق الانسان السوري بغض النظر عن انتمائه القومي أو السياسي أو الديني.
بإعلان المناضل (اسماعيل عمر) عن حزب كردي جديد في تسعينات القرن الماضي، وان جاء نتاج حالة انشقاقية عن حزبه الأم (الحزب الديمقراطي الكردي(البارتي) في سوريا، لم يكن مجرد إضافة رقم حزبي الى الخريطة السياسية الكردية في سوريا، وانما كان مشروعاً سياسياً،أرسى في الساحة الكردية نهجاً سياسياً وطنياً ديمقراطياً،استقطب قطاعات مهمة من الشارع الكردي، أكثر الشوارع السورية حيوية ونشاطاً.انطلق الراحل في خطه السياسي الجديد من رؤية وطنية شاملة للقضية الكردية في سوريا، مؤمناً بالحل الوطني الديمقراطي لها على قاعدة العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع الشعوب والقوميات والأقوام السورية، عرباً وكرداً وآشوريين وأرمن وغيرهم..

عمل الراحل على تعزيز وتعميق قيم التآخي والتعايش والاندماج الوطني بين مكونات المجتمع السوري.

تميز خطابه القومي بالواقعية والموضوعية والاعتدال والابتعاد عن التطرف والمبالغة في طرح الشعارات السياسية.

كان يتطلع ويعمل للانتقال بسورية الى دولة مدنية ليبرالية ديمقراطية (دولة المواطنة الكاملة) لكل أبنائها ومواطنيها.

آمن بالتحول الديمقراطي السلمي في سوريا لأنه الضمانة الوحيدة لاستقرار البلد وصيانة وحدته الوطنية وتماسك جبهته الداخلية..
بفضل نهجه الوطني نال ثقة واحترام مختلف القوى الوطنية في سوريا، من عربية وآشورية وكردية وليبرالية وسلامية ومنظمات المجتمع المدني ولجان حقوق الانسان..

نجح الراحل الى حد كبير بأن يكون عاملاً توفيقياً في الساحة الكردية التي تعاني من التشرذم الفكري والسياسي بسبب التعددية الحزبية المفرطة…
برحيل المناضل الكردي والمعارض السوري البارز(اسماعيل عمر) خسرت الحركة السياسية الوطنية السورية عموماً والحركة الوطنية الكردية خصوصاً أحد رجالتها البارزين، لما كان يمثله الفقيد من وجه كردي ووطني ديمقراطي منفتح على الآخر ..

معرفتنا بحزب الوحدة الديمقراطي الكردي (يكيتي) في سوريا تعطينا الثقة بأن الحزب سيكمل المسير التي بدأها الراحل وسيبقى أميناً لخطه السياسي ونهجه الوطني.

كما وكلنا ثقة بقدرة حزب الوحدة والحركة الكردية عموماً على تجاوز هذا المصاب الجلل وعلى ملء الفراغ السياسي والنضالي الذي تركه الراحل الكبير في الساحة الكردية والوطنية….


الأعزاء في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي(يكيتي) في سوريا…العزاء عزائنا جميعاً في الحركة السياسية السورية بكل طيفها الحزبي والقومي والفكري.

لكن أخلص العزاء لأسرة الفقيد، ومناصريه، وأصدقائه، على امتداد ساحة الوطن السوري الكبير..
للفقيد واسع الرحمة ولأسرته وذويه الصبر والسلوان.

آشوري سوري
shosin@gmail.com

موقع إيلاف

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…