زيور العمر
نظراً لإجتماع الرأي , و خاصة في الوسط السياسي الكردي السوري , على الحل السياسي و الديمقراطي للقضية الكردية في سوريا , فإن الحوار في شأن هذه القضية , و سبل إيجاد حل لها , يرتدي مع مرور الوقت إهتماماً متزايداً, من قبل الأوساط السياسية و الثقافية .
و من أجل تعميق هذا الحوار , و توجيهه في المسار الصحيح , و خاصة مع شركاءنا في الوطن , كان لا بد من طرح وجهة نظر سياسية أخرى , تنسجم أكثر مع خصوصية القضية الكردية في سوريا , و تسهل فرصة الوصول الى تقاطعات مشتركة حولها , بما يؤدي الى صياغة تصور واقعي لشكل و إطار الحل , يحظى برضى و إستحسان جميع أطياف و مفردات العمل الوطني و الديمقراطي في سوريا .
و من أجل تعميق هذا الحوار , و توجيهه في المسار الصحيح , و خاصة مع شركاءنا في الوطن , كان لا بد من طرح وجهة نظر سياسية أخرى , تنسجم أكثر مع خصوصية القضية الكردية في سوريا , و تسهل فرصة الوصول الى تقاطعات مشتركة حولها , بما يؤدي الى صياغة تصور واقعي لشكل و إطار الحل , يحظى برضى و إستحسان جميع أطياف و مفردات العمل الوطني و الديمقراطي في سوريا .
و حرصاً منا على تبديد مخاوف شركاءنا في الوطن , من المطالب القومية الكردية , نجد من الضروري طمأنة الفعاليات السياسية و الثقافية و الإجتماعية , الوطنية و الديمقراطية في البلاد , حول حقيقة التصور الكردي العام حول قضيته , لأن من شأن ذلك , ان يبعد الشكوك و الإرتياب من على طاولة الحوار.
و من المهم هنا الإشارة إلى أن الكرد في سوريا , كانوا ضحية سياسة سلطوية , لم تتصف بالعدل و الإنصاف , و لم ينظر إليهم على أنهم , مواطنون سوريون , يعيشون في مناطقهم التاريخية , منذ آلاف السنين , و يشكلون جزءاً تاريخياً , من النسيج الوطني و الإجتماعي في البلاد , و إلا لما تعرضوا لسياسة الطمس و الإنكار , و لما أقدمت الحكومات السورية على تغيير الطابع الديمغرافي لمناطقهم , و تجريدهم من حقوقهم المدنية و إلتزاماتهم الوطنية , و منع لغتهم و ثقافتهم .
ففي هذه الظروف و الأجواء , ظهرت الحركة التحررية القومية في سوريا , كحاجة و ضرورة تاريخية , من أجل الدفاع عن حق الوجود لشعبها , منذ منتصف القرن الماضي .
الحركة القومية الكردية , لم تعبر في برامجها , عن أية نوازع إنفصالية تقسيمية , تجاه حدود و سيادة الدولة , و إنما كانت حركة وطنية إنسانية , تناضل من أجل رفع الحيف عن شعبها , بالوسائل السلمية.
بيد أن سياسة النظام القائم , تجاه مواطني الدولة , عربا و كردا و أشوريين / سريان , من جهة حرمانهم من المشاركة في رسم مستقبل البلاد , و العمل على تفرقة مكونات المجتمع القومية و الدينية , و منع إقامة روابط وطنية إجتماعية طبيعية , فيما بين أبناءها , كانت كفيلة بعزل القومية الكردية , عن باقي أجزاء النسيج الوطني الإجتماعي , و حرمانها من التفاعل مع قضايا الوطن , الأمر الذي حشرها في زاوية ضيقة , من الأفق و هامش الحركة , فبدت الحركة السياسية الكردية مع مرور الوقت , حركة مناطقية قومية معزولة عن هموم و شجون الوطن السوري .
و عندما نجحت سياسة النظام هذه , القائمة كما قلنا , على عزل مكونات المجتمع السوري عن بعضها البعض في سياق سياسة فرق تسد داخلية , عمد النظام الى تجزئة المقسم و تقسيم المجزء في الحركة السياسية الكردية .
وعندما عجزت الأحزاب الكردية المنقسمة على مواجهة سياسة النظام , و إستصعبت على نفسها , إيجاد إرادة التحرر من الأغلال التي تكبلت بها , إستسلمت للأمر الواقع , و قبلت بشروط الإستذلال , فشرعت في فتح أبواب أحزابها لكل أشكال الإختراق و العبث بإرادة أعضاءها و مؤازريها من قبل أجهزة القمع السلطوية .
القيادات الكردية التي قبلت الوضع المهين كان عليها , ان تجر الشارع الكردي , الى معارك و خصومات جانبية , و إستخدمت فيها كل أشكال الشعارات السياسية البراقة , حتى توحي للشعب الكردي , انها تناضل من أجل إنتزاع الحقوق , و دفع الظلم عنه .
لذا كانت تلك الشعارات أقرب الى الغطاء السياسي لتلك المناكفات و الخصومات , منها الى الرؤية المبدئية و الواقعية لشكل الحل السياسي للقضية الكردية في سوريا .
لذا فإن القضية الكردية في سوريا , لا يجب أن ينظر إليها من زاوية الشعارات المهيمنة في المشهد السياسي الكري الراهن , و إنما من زاويتها التاريخية , و تطوراتها اللاحقة من جهة سياسات النظام تجاهها .
فالقضية الكردية في سوريا , ظهرت في الأساس , بسبب أنكار الهوية القومية للشعب الكردي , و ثقافته و لغته الحية .
لذلك لا يشكل أي تصور , بمعزل عن هذه الحقيقة , مقاربة موضوعية و صحيحة , لحل القضية الكردية و جذر المشكلة الماثلة أمامنا.
إن المجتمع الوطني السوري , القائم عل التنوع و التعدد , القومي و الديني , حقيقة لا يمكن إغفالها .
و التفاهم و التكامل بين مكوناته , يشكل الحالة الأمثل , لبلوغ دولة متراصة البنيان .
و الإعتراف المتبادل بينها يعتبر ضمان بناء و تجسيد السيادة و الكرامة الوطنية .
و لا يمكن بأي حال من الأحوال تعزيز هذه السيادة و الكرامة الوطنية إلا في أجواء الحرية و العدل و الإنصاف , في إطار نظام وطني ديمقراطي , قائم على التنوع و التعدد , و ليس في إطار الدولة الواحدة و الشعب الواحد و القومية الأحادية و الحزب الواحد و غيرها .
إن الحوار بين مكونات الشعب السوي من خلال ممثليها , أمر ضروري , ليس بسبب إختلاف المواقف , أو تناقض المصالح فحسب , و إنما بسبب الشكوك المتبادلة فيما بينها .
إن الإصرار على الحوار , و تبادل الأفكار , هو الكفيل بتبديد الشكوك و الإرتياب في مواقف الأطراف و القوى الوطنية الديمقراطية في البلاد .
موقف نخبة المجتمع الثقافية و الفكرية و دورها في إطلاق هذا الحوار , مركزي , و تجاوب القوى السياسية معه , حاسم , من جهة الوصول الى نتائج و تقاطعات وطنية ديمقراطية مهمة , بشأن جميع القضايا التي تهم مواطني الدولة , و من بينها القضية الكردية في سوريا .
و حتى نتوصل مع شركاءنا في الوطن الى هذه النتائج و التقاطعات عبر الحوار , لا بد أولا من حسم الحوار المسدود كردياً .
فالمشهد السياسي الكردي ليس مأزوم في جانبه التنظيمي الفصائلي الذي لا يفضي الى خطوات عملية فحسب , و إنما منغلق و محصور في تابوهات نمطية , من التفكير و المقاربة , بحيث يجعل من كل حوار مع الأخر الوطني صعب و مرهق , في ظل تباين المطالب و الرؤى بين القوى الكردية من جهة , و إختلاف هذه القوى على هوية المخاطب السياسي في الداخل من جهة أخرى .
إن حسم هذه الإختلافات , و الإتفاق على تصور عام موحد حول القضية الكردية في سوريا و سبل حلها , كرديا ً , مهم و ضروري جداً , ليس من منطلق أن في الوحدة قوة كما يقال , و أنما لأهميتها في إطلاق الحوار بين المكونات الوطنية في البلاد , على أساس تصورات محدودة .
كما أن إزاحة القوى الديمقراطية لأوهام و أفكار تشكك في نوايا الكرد تجاه الوطن السوري مهم بدرجة لا تقل أهمية عن الشرط السابق المتعلق بالشأن الكردي , و لا بد من التأكيد هنا على أن الشعب الكردي مكون أساسي و أصيل في سوريا , و قضيته مرتبط بمطالب عادلة و مشروعة , لا بد من تحقيقها , حتى يتحقق الثقة و الإحترام .
لا شك أن ما نطالب به ليس سهل المنال , و هو كذلك بالفعل , نظرا ً لأن الحوار الداخلي الكردي , على قاعدة الإتفاق على رؤية سياسية و إستراتيجية كردية موحدة , أمر لا يقبل به النظام , ويخالف قواعد اللعبة السياسية و حدودها المرسومة لاكثر من أربعة عقود .
و لا نقلل كذلك من الصعوبات التي تعترض جهود النخب السياسية الديمقراطية , من جهة إنفكاكها من إرث و تراكمات عقود من سياسات التضليل و التشويه التي تعرضت لها القضية الكردية في سوريا , و التصورات التي ترسخت في ذاكرة المواطن العربي و غيره حيال نوايا و أهداف الكرد .
و مع ذلك نجد أن حوارا وطنيا ً ديمقراطياً شفافاً بين النخب الثقافية أمر ممكن و ضروري , قد يمهد الأرضية لاحقا ً لحوار سياسي مجدي بين القوى السياسية في البلاد, من أجل التوصل لى تصور عامل و شامل للحل السياسي للقضية الكردية في البلاد .
و من المهم هنا الإشارة إلى أن الكرد في سوريا , كانوا ضحية سياسة سلطوية , لم تتصف بالعدل و الإنصاف , و لم ينظر إليهم على أنهم , مواطنون سوريون , يعيشون في مناطقهم التاريخية , منذ آلاف السنين , و يشكلون جزءاً تاريخياً , من النسيج الوطني و الإجتماعي في البلاد , و إلا لما تعرضوا لسياسة الطمس و الإنكار , و لما أقدمت الحكومات السورية على تغيير الطابع الديمغرافي لمناطقهم , و تجريدهم من حقوقهم المدنية و إلتزاماتهم الوطنية , و منع لغتهم و ثقافتهم .
ففي هذه الظروف و الأجواء , ظهرت الحركة التحررية القومية في سوريا , كحاجة و ضرورة تاريخية , من أجل الدفاع عن حق الوجود لشعبها , منذ منتصف القرن الماضي .
الحركة القومية الكردية , لم تعبر في برامجها , عن أية نوازع إنفصالية تقسيمية , تجاه حدود و سيادة الدولة , و إنما كانت حركة وطنية إنسانية , تناضل من أجل رفع الحيف عن شعبها , بالوسائل السلمية.
بيد أن سياسة النظام القائم , تجاه مواطني الدولة , عربا و كردا و أشوريين / سريان , من جهة حرمانهم من المشاركة في رسم مستقبل البلاد , و العمل على تفرقة مكونات المجتمع القومية و الدينية , و منع إقامة روابط وطنية إجتماعية طبيعية , فيما بين أبناءها , كانت كفيلة بعزل القومية الكردية , عن باقي أجزاء النسيج الوطني الإجتماعي , و حرمانها من التفاعل مع قضايا الوطن , الأمر الذي حشرها في زاوية ضيقة , من الأفق و هامش الحركة , فبدت الحركة السياسية الكردية مع مرور الوقت , حركة مناطقية قومية معزولة عن هموم و شجون الوطن السوري .
و عندما نجحت سياسة النظام هذه , القائمة كما قلنا , على عزل مكونات المجتمع السوري عن بعضها البعض في سياق سياسة فرق تسد داخلية , عمد النظام الى تجزئة المقسم و تقسيم المجزء في الحركة السياسية الكردية .
وعندما عجزت الأحزاب الكردية المنقسمة على مواجهة سياسة النظام , و إستصعبت على نفسها , إيجاد إرادة التحرر من الأغلال التي تكبلت بها , إستسلمت للأمر الواقع , و قبلت بشروط الإستذلال , فشرعت في فتح أبواب أحزابها لكل أشكال الإختراق و العبث بإرادة أعضاءها و مؤازريها من قبل أجهزة القمع السلطوية .
القيادات الكردية التي قبلت الوضع المهين كان عليها , ان تجر الشارع الكردي , الى معارك و خصومات جانبية , و إستخدمت فيها كل أشكال الشعارات السياسية البراقة , حتى توحي للشعب الكردي , انها تناضل من أجل إنتزاع الحقوق , و دفع الظلم عنه .
لذا كانت تلك الشعارات أقرب الى الغطاء السياسي لتلك المناكفات و الخصومات , منها الى الرؤية المبدئية و الواقعية لشكل الحل السياسي للقضية الكردية في سوريا .
لذا فإن القضية الكردية في سوريا , لا يجب أن ينظر إليها من زاوية الشعارات المهيمنة في المشهد السياسي الكري الراهن , و إنما من زاويتها التاريخية , و تطوراتها اللاحقة من جهة سياسات النظام تجاهها .
فالقضية الكردية في سوريا , ظهرت في الأساس , بسبب أنكار الهوية القومية للشعب الكردي , و ثقافته و لغته الحية .
لذلك لا يشكل أي تصور , بمعزل عن هذه الحقيقة , مقاربة موضوعية و صحيحة , لحل القضية الكردية و جذر المشكلة الماثلة أمامنا.
إن المجتمع الوطني السوري , القائم عل التنوع و التعدد , القومي و الديني , حقيقة لا يمكن إغفالها .
و التفاهم و التكامل بين مكوناته , يشكل الحالة الأمثل , لبلوغ دولة متراصة البنيان .
و الإعتراف المتبادل بينها يعتبر ضمان بناء و تجسيد السيادة و الكرامة الوطنية .
و لا يمكن بأي حال من الأحوال تعزيز هذه السيادة و الكرامة الوطنية إلا في أجواء الحرية و العدل و الإنصاف , في إطار نظام وطني ديمقراطي , قائم على التنوع و التعدد , و ليس في إطار الدولة الواحدة و الشعب الواحد و القومية الأحادية و الحزب الواحد و غيرها .
إن الحوار بين مكونات الشعب السوي من خلال ممثليها , أمر ضروري , ليس بسبب إختلاف المواقف , أو تناقض المصالح فحسب , و إنما بسبب الشكوك المتبادلة فيما بينها .
إن الإصرار على الحوار , و تبادل الأفكار , هو الكفيل بتبديد الشكوك و الإرتياب في مواقف الأطراف و القوى الوطنية الديمقراطية في البلاد .
موقف نخبة المجتمع الثقافية و الفكرية و دورها في إطلاق هذا الحوار , مركزي , و تجاوب القوى السياسية معه , حاسم , من جهة الوصول الى نتائج و تقاطعات وطنية ديمقراطية مهمة , بشأن جميع القضايا التي تهم مواطني الدولة , و من بينها القضية الكردية في سوريا .
و حتى نتوصل مع شركاءنا في الوطن الى هذه النتائج و التقاطعات عبر الحوار , لا بد أولا من حسم الحوار المسدود كردياً .
فالمشهد السياسي الكردي ليس مأزوم في جانبه التنظيمي الفصائلي الذي لا يفضي الى خطوات عملية فحسب , و إنما منغلق و محصور في تابوهات نمطية , من التفكير و المقاربة , بحيث يجعل من كل حوار مع الأخر الوطني صعب و مرهق , في ظل تباين المطالب و الرؤى بين القوى الكردية من جهة , و إختلاف هذه القوى على هوية المخاطب السياسي في الداخل من جهة أخرى .
إن حسم هذه الإختلافات , و الإتفاق على تصور عام موحد حول القضية الكردية في سوريا و سبل حلها , كرديا ً , مهم و ضروري جداً , ليس من منطلق أن في الوحدة قوة كما يقال , و أنما لأهميتها في إطلاق الحوار بين المكونات الوطنية في البلاد , على أساس تصورات محدودة .
كما أن إزاحة القوى الديمقراطية لأوهام و أفكار تشكك في نوايا الكرد تجاه الوطن السوري مهم بدرجة لا تقل أهمية عن الشرط السابق المتعلق بالشأن الكردي , و لا بد من التأكيد هنا على أن الشعب الكردي مكون أساسي و أصيل في سوريا , و قضيته مرتبط بمطالب عادلة و مشروعة , لا بد من تحقيقها , حتى يتحقق الثقة و الإحترام .
لا شك أن ما نطالب به ليس سهل المنال , و هو كذلك بالفعل , نظرا ً لأن الحوار الداخلي الكردي , على قاعدة الإتفاق على رؤية سياسية و إستراتيجية كردية موحدة , أمر لا يقبل به النظام , ويخالف قواعد اللعبة السياسية و حدودها المرسومة لاكثر من أربعة عقود .
و لا نقلل كذلك من الصعوبات التي تعترض جهود النخب السياسية الديمقراطية , من جهة إنفكاكها من إرث و تراكمات عقود من سياسات التضليل و التشويه التي تعرضت لها القضية الكردية في سوريا , و التصورات التي ترسخت في ذاكرة المواطن العربي و غيره حيال نوايا و أهداف الكرد .
و مع ذلك نجد أن حوارا وطنيا ً ديمقراطياً شفافاً بين النخب الثقافية أمر ممكن و ضروري , قد يمهد الأرضية لاحقا ً لحوار سياسي مجدي بين القوى السياسية في البلاد, من أجل التوصل لى تصور عامل و شامل للحل السياسي للقضية الكردية في البلاد .
22/02/2010