حول الأوضاع في جنوب كوردستان إنى أرى (جنود الظلام) تتقدّم

  جان كورد

بداية يجب التذكير بأن مقولة “العدو لا ينام” صحيحة في كل الأحوال، ولكن ما يزيد مشكلتنا نحن الكورد تعقيداً، في صراعنا من أجل الحرية والحياة الكريمة، وبخاصة بالنسبة إلى اقليم جنوب كوردستان الذي يمكن تسميته ب”البرعم الكوردي”، والذي يودّ العدو اقتطافه وتركه ليذبل، قبل أن يتحوّل إلى وردة يانعة، هو أننا نرى أمامنا أعداء متنافسين في أمور ومتفقين على أخرى حيال أرضنا وكياننا، وليس واحداً فقط، يمكننا التغلّب عليه وابعاد شرّه المستطيرعن هذا البرعم.

والأعداء الداخليون لايقلّون شراسة وغدراً وتحيّناً للفرص عن الأعداء الخارجين… بل منهم من ارتدى عباءة “الوطنية”، و”القومية” و”الديموقراطية” بعد أن كان غارقاً في العمالة وشارباً ترياق الجحشنة حتى الثمالة، إلاّ أنه لايزال ذلك الخائن الذي لايهمه سوى جمع المال كما لايهمه ما أريق من دماء كوردية في سبيل أن تعطي الشجرة العريقة هذا “البرعم”.
 وهؤلاء ينتظرون الوقت المناسب للانقضاض على ما تحقّق خلال السنوات القلائل الماضية، ومنهم من هو مستعد لأن يبيع نفسه للشيطان، حتى يسترّد موقعه في التراتب العميل لأعداء الكورد وكوردستان.

هذا العدو الداخلي، أو الأعداء الداخليون، أخطر بكثير من الأعداء الخارجيين الذين نعرف سيماهم ونتلمّس سياساتهم ونرى خط جبهتهم المترامية الأطراف أمامنا، أما هؤلاء فيتلونون بلون الأرض ويحملون يافطات كبيرة كتب عليها “حرية الاعلام” و”حرية الأحزاب”…وهم أبعد الناس عن الايمان بالحرية في الاعلام والسياسة، وغير قادرين على نشر جملة واحدة تتعارض مع ما في عقولهم من خزعبلات…
على الأحزاب الوطنية في جنوب كوردستان وحكومة الاقليم، بل على رئاسة الاقليم أيضاً اتخاذ الحذر من هذه الأفاعي التي لاتنفك عن الفحيح والعض ونفث السموم في كل مناسبة، والتي تستمر في نهجها المعادي والمشكك بالوطن والوطنية وفي كل ما يتّم القيام به وينجز في الاقليم، مهما كان نافعاً وضرورياً للشعب، بل من الضروري جداً سدّ كل المنافذ التي تسلل منها هذه الأفاعي للغدر بشعبنا ولاعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، إلى أحضان نظام مستبّد لايرحم.
وهذا يعني أيضاً التقليل من الأخطاء قدر الامكان، وإنّ أكبر الأخطاء – حقيقة – هو أن تضعف السلطة القضائية وتشلّ حركة البوليس، ويفتقر المجتمع إلى آليات تحسين الوضع الاجتماعي، حيث العدالة الاجتماعية أكبر صمام أمان ضد تسرّبات الجريمة والارهاب والفساد، وأن ينعدم الأمن الصحي والغذائي للكادحين الذين يسقطون بسرعة وبسهولة في أيدي أصحاب النوايا الشريرة الغادرة، بسبب العديد من الظروف الذاتية والموضوعية لشعبنا.
قامت دولة مجاورة للاقليم قبل فترة ليست ببعيدة بدعوة كبرى شركات انتاج البترول في العالم إلى ولائم فاخرة في بلادها واجتماعات بهدف اقناعها بأن لاتعقد عقودها البترولية إلاّ مع الحكومة المركزية ببغداد، وذلك للتضييق على حكومة الاقليم وتجفيف مصادرها المالية الضرورية للبناء والعمران والتطوير، ولكن هذه الدولة تسعى في الوقت ذاته أن يكون لها نصيب من “الحلوى السوداء” في كوردستان، عبر تحقيق مساهمات خاصة في حقل انتاج البترول وتسويقه، فهي من جهة تعمل لتجويع الشعب الكوردي، ومن ناحية تعمل أن يكون لها العرض الأكبر من العروض المطروحة من قبل حكومة الاقليم.

ولا يخفى أن سائر أعداء الاقليم يجهدون على توريط الاقليم في صراعات جانبية وداخلية وفي مشاكل ومهالك للالتهاء بها وبذلك يتوقّف التطوّر المنشود في الاقليم، فتطوّره سيؤدي إلى بناء قوّة اقتصادية وسياسية كوردستانية يخافون منها كمن رأى كابوساً على صدره في المنام.
بالاضافة إلى جيش المرتزقة والعملاء والذين يريدون أن يحققوا لهم مكاسب على حساب الشعب الكوردي، دون أي تضحيات منهم، هناك من هو على استعداد للتضحية بكل الشعب الكوردي من أجل عودة الأعداء إلى حكم البلاد الكوردية، بعد أن خفقت راية الحرية عليها.

وبخاصة أولئك الذين تجنّدوا في “الطابور الخامس” الذي يتقنّع بالعديد من المواقع الالكترونية التي لاهم لها سوى اثارة الكراهية ضد سلطات الاقليم والتزمير والتطبيل لمن يدك أساس الأمن والاستقرار فيه، ولا يكاد أي فرحة تفوق فرحته بظهور مشاكل ضمن تنظيم سياسي من التنظيمات الأساسية في الاقليم، فينشرون أقوالاً ومقالات تهلل بالاحباطات وتشبّه قادة الاقليم بأنظمة بول بوت وعيدي أمين ومجرمي الحرب الصداميين، وينعتون رئيس الاقليم الذي يحترمه العالم الحر الديموقراطي كله ب”الارهابي” ولايكنّون أي احترام للرئيس العراقي مام جلال الذي لايريد العرب ذاتهم التخلّي عن خدماته الكبيرة في مجال تحقيق التوافق الوطني الشاق..
تهمة الارهاب صارت سلعة كاسدة في سوق الإعلام الكوردي مع الأسف، كما صار الفساد الكوردي في هذا الاعلام أشد وطأة مما هو عليه في جمهوريات الموز، بل إن بعض الاعلاميين يهددون الحكومة والبيشمركه والحكومة بألسنتهم السليطة وبخاصة تلك الأقلام المأجورة التي خرجت عن نطاق الاعلام المتزن والموضوعي والمهني المحترف… ولايدرون أن الذين لم يخافوا من الوقوف في وجه أكبر طاغية في التاريخ الحديث، صدام حسين وزبانيته المجرمين، لن يخافوا من قطط يحشر الأعداء في أفواهها ما يريدون من شتائم… وهؤلاء يتناسون بأن هذه الحكومة منبثقة عن برلمان منتخب وهذا الرئيس منتخب من قبل الشعب، وتهويلهم المعادي، بل والسم الزعاف الذي ينفثونه لن يؤذي أحداً غيرهم في نهاية الأمر.


ولكن يجب الاعتراف بأن هذه السموم خطيرة، وهي من جملة تهديدات فلول البعثيين والارهابيين الذين يحلمون بأن يجعلوا كوردستان مقبرة للطموح القومي الكوردي العادل، بعد خروج الأمريكان وبناء امبراطوريتهم أو “امارتهم” التي لاتعترف بالكورد وبكوردستان أبداُ.
الذي يغذّي النار بالحطب هو “العدو الذي لاينام”، بل هم الأعداء المتربصون بالاقليم من كل حدب وصوب، وهم الذين يسخّرون “جنود الظلام” اعلامياً ومادياً ونظرياً، بهدف الانقضاض على منجزات وآمال الشعب الكوردي…
إنها الحرب التي اخذت أشكالاً وأنواعاً جديدة من السلاح… فتيقظوا أيها الكورد!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…