في العاشر من شهر كانون الأول من كل عام يحتفل العالم جميعاً باليوم العالمي لحقوق الإنسان ، وهو اليوم الذي صدر فيه عام 1948م وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، باتفاق جميع الدول والأمم ،والتي تُقرّ الحقوق العامة والأساسية لكل إنسان مهما كان لونه أو جنسه أو عرقه أو ديانته أو عقيدته.
ومنذ ذلك اليوم , وبعد 66 عاماً , قطعت البشرية مراحل هامة في مجال حقوق الإنسان , وتوسيع ما نتج عنها من حقوق تفصيلية شملت حقوق الطفل والمرأة وحق التعلم وحقوق المعتقلين والأسرى واللاجئين والمهجرين وحرية الصحافة والتعبير إلى ما هنالك من تفرعات ، كما أرست قواعد وآليات لمراقبة مدى احترام الحقوق المنصوص عليها في تلك الاتفاقيات.
إلا أنه , وعلى الرغم من هذه الاتفاقيات القانونية , إلا أن البشرية ما تزال تئن تحت وطأة الظلم والانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان في الكثير من دول و أصقاع العالم , هذه الانتهاكات النابعة من خلفيات عنصرية وعرقية و دنية وجنسية ..الخ , فما زال المجتمع الذكوري هو سمة أغلبية مجتمعاتنا , وخاصةً في الشرق الأوسط , حيث تعاني المرأة العديد من صنوف التمييز والاضطهاد , كما أن اضطهاد الشعوب على أساس القومية باتت سمة سائدة في العديد من الدول , والأمر نفسه بالنسبة للطائفة والدين , كما أنّ الأطفال لهم نصيبهم الوافر من هذه المظالم فهم يعانون الأمرين في ظل ما تشهده مناطق كثيرة من ويلات الحروب , وهم أولى ضحاياه حيث حرموا من التغذية الصحية , ومنعوا من التعليم وباتوا عرضة للتجنيد والتحرشات , وكذلك الصحفيين والأسرى والمعتقلين يتعرضون لأبشع أنواع الانتهاكات الفظيعة التي تقشعر منها الأبدان …
وسوريا اليوم , وبعد ما يزيد من ثلاث سنوات ونصف , باتت مرتعاً خصباً لانتهاك حقوق الإنسان , حيث كانت ضحية ذلك مئات آلاف القتلى والجرحى والمعتقلين و والأطفال المشردين والمحرومين , وملايين اللاجئين والمهجرين , الذين يعانون مختلف صنوف التعذيب والحرمان و الظلم .
وكردياً , فالقومية الكردية هي إلى الآن القومية الأكبر من حيث التعداد والجغرافية المحرومة من حقوقها القومية , وعانى الويلات على أيدي الأنظمة المغتصبة لحقوقه حيث تعرض لحملات إبادة جماعية بالأسلحة الكيماوية وتدمير للقرى والبلدات بشكل ممنهج …الخ , كما تعرض شعبنا الكردي في سوريا لحرمان مضاعف في ظل أنظمة مستبدة , فكانت هناك محاولات حثيثة لصهره في بوتقة القومية العربية , حيث طبق بحقه المشاريع والإجراءات العنصرية الشوفينية , كمحاولات التعريب و تغيير أسماء البلدات والقرى الكردية , وكذلك مشروع الحزام العربي , والإحصاء الاستثنائي الجائر , وفصل الموظفين والطلاب , والآن يتعرض شعبنا لأعنف هجمة بربرية من لدن الجماعات التكفيرية الإجرامية وعلى رأسهم التنظيم الإرهابي (داعش) , الذي يتحرك وفق عقلية عنصرية دينية متطرفة .وهنا كان البارتي والحركة الوطنية الكردية مثابرون في النضال من أجل نيل شعبنا الكردي في سوريا لحقوقه القومية , ومقاومة هذه المشاريع العنصرية الشوفينية التي طبقت ضده .
وعليه فإننا في الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان ندعو جميع منظمات حقوق الإنسان في العالم وكذلك الجهات المعنية و السلطات الحاكمة في العالم إلى التدخل سريعاً لوقف ما تتعرض له الإنسانية جمعاء من انتهاكات سافرة و جسيمة لحقوق الإنسان , وخاصة في بلدنا سوريا , وكذلك ما يتعرض لها شعبنا الكردي من اضطهاد كبير وحرمان لحقوقه القومية , ليسود العالم , رغم كل الاختلافات الطبيعية فيه , بالعدالة والمساواة , ينعم فيه كل الشعوب بالكرامة والحرية والأمان .
القامشلي في 10 / 12 / 2014م
اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)