تحرير كُردستان دون نداءات تطوع ممن لا يمتلك حتى صوته

حسين جلبي

بينتُ خلال الأيام الماضية الخطأ الجسيم الذي وقع فيه الحزب الديمقراطي الكُردستاني ـ سوريا عندما وجه نداءً الى “المُهجرين الكُرد السوريين في اقليم كُردستان” للتطوع عبر مكتبه في هولير للدفاع عن اقليم كُردستان في وجه “داعش” كما جاء في النداء الذي جاء في بعد يوم واحد فقط من احتفال العالم بيوم اللاجئ العالمي المُصادف للـ20 من حزيران من كل عام حسب قرارٍ للأمم المتحدة، و قد كتبت بأن النداء يُخالف عدداً من الاتفاقات و البروتوكولات الدولية و توصيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تدعو الى حماية اللاجئين و توفير ظروف العيش الكريم لهم و تمنع استغلالهم و تجنيدهم.
و قد تبين لي من خلال عدة وقائع جهل من وضع النداء بألفباء القانون، خاصةً عندما راح بعضهم يتحدث عن أخطاء نحوية و املائية فيه، و تبين لي بأن هؤلاء سيقومون بتوريط سلطات اقليم كُردستان، بسبب جهلهم و مزاوداتهم في مشاكل قانونية مع المنظمات الدولية هو بغنى عنها في هذه الظروف الحساسة الحالية، و ذلك بعد أن اثقلوا كاهله بسبب سياساتهم الفاشلة و تقاعسهم عن تحمل المسؤولية منذُ البداية بجملة من المشاكل خاصة بعد بدء الثورة السورية و لعل أسوئها اغراق الاقليم بموجة لجوء ضخمة أفرغت منطقتنا في سوريا من أهلها، حتى تغيرت بالنتيجة ديموغرافيتها.
من جهةٍ هناك واجب قومي و انساني مُلقى على عاتق كل كُردي بنصرة اخيه عندما يتعرض للظلم، شرط أن يكون في مركز قانوني يجعلهُ مؤهلاً لتقرير مصيرهُ بنفسه و ليس في موقعٍ ضعيف يجعل منهُ عبئاً عليه، و اللاجئ كما هو معروف هو شخصٌ فرَّ من بلاده بسبب عدم قدرته على مقاومة الظلم الواقع عليه فيها أصلاً، لذلك فمن الأولى تفهم وضعهُ و عدم احراجهُ و استغلال ظروف اللجوء لتوريطه فيما لا طاقة لهُ به.
الطامة الكُبرى هنا هي ان سلطات الاقليم لا علاقة لها بالنداء الذي أصدرهُ الحزب الكُردستاني السوري و قد لا تعلم عنهُ شيئاً و قد لا يشكل شيئاً في حساباتها، و لكن نشر المزيد عن الموضوع و اثارته من خلال التقدم بشكوى ضد الجهة مصدرة النداء قد يساهم في توريط تلك السلطات من حيثُ لا تدري بقضايا هي بغنى عنها، ذلك أن الحزب الكُردستاني السوري يحرص دائماً على اظهار نفسهُ محسوباً على الحزب الديمقراطي الكُردستاني لدرجة قد يظن معها المرء ان مكتب التجنيد الذي افتتحهُ في مقره بهولير يحظى بمباركته، و يا ليت تعرض الاقليم لتبعات قانونية محتملة كان مساوياً للفائدة التي يمكن ان يجنيها من تسجيل بعض انصار الحزب السوري أسمائهم كمتطوعين على وقع النداء العالي النبرة، و الحزب لم يكن للأسف ذو جدوى في منطقته خاصةً في هذه الظروف التي تعرضت فيها القضية الكُردية السورية للتصفية، فكيف سيكون ذي فائدة للاقليم، هذا مع العلم بأن البشمركة لم يوجهوا نداءً لطلب متطوعين من كُرد سوريا في أدق الظروف التي مرت بها كُردستان عبر تاريخها.
في لقاء مشترك على قناة “روداو” قال عضو في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكُردستاني ـ سوريا بأنهم و بعد ان اطلعوا على مخالفة ندائهم للقانون الدولي فانهم لن يقوموا بقبول اللاجئين الذين يحملون فورمات لجوء من الأمم المتحدة، الأمل أن لا يكون هذا الكلام ارتجالياً كالنداء، و الأفضل هو التراجع عن النداء بشكل تام و ترك أمر كُردستان لبشمركتها و أبنائها، فقد مرت عليها امتحاناتٍ أصعب من فقاعة “داعش” و قد اجتازتها بنجاح، و لكي لا تأخذ الأمور مناحي أُخرى فانني أتوقف عند حد توضيح المسألة و استجابة ممثلي الطرف المعني بالأمر لها.
و هنا فان الأكيد هو أنهُ لا يمكن لكُردي ذو ضمير أن يُفكر بايذاء اقليم كُردستان أو بالامتناع عن تقديم المساعدة لهُ، و لا يمكن لكُردي ان يمنع آخر عن مد يد العون لأخوته في اقليم كُردستان التي هي خط دفاعنا الأخير.
اقليم كُردستان لم يكم معنياً من قريبٍ أو بعيد بالتهديد باتخاذ قانوني اجراء ضد الحزب الديمقراطي الكُردستاني ـ سوريا، و اذا كانت هناك انتقادات لسياسة سلطات الاقليم فهي تتم بشكل مُباشر دون حاجة الى تورية أو توجيهها عبر آخرين، و ككُردي فانني اتطلع الى ذلك اليوم الذي يتم فيه الإعلان عن قيام دولةً كُردستان و عاصمتها هولير من خلال نصرٍ نقي لا تشوبه شائبة يُحققه تحت الشمس بشمركتنا الأبطال و على رأسهم قائدنا مسعود البارزاني.
حسين جلبي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…