استغلال الدين في صناعة الإنتحاريين

مروان سليمان


إن ظاهرة الإرهاب المنتشرة في هذه الفترة ما هي إلا حرب حقيقية ضد الأبرياء و المدنيين و تهجيرهم  واغتيال أحلامهم التي يحلمون بها في استغلال واضح للمجتمعات البسيطة و الفقيرة و هذا ما يجمع بين كل هذه التنظيمات التكفيرية التي تكفر الناس و تخرجهم من الملة حسب المزاجية و الأهواء الشخصية مستنداً في ذلك على بعض السور القرآنية و حتى بات يسيطر على عقولهم الأوهام (كدخول الجنة و الحوريات )و أصبح هؤلاء يعيشون في واقع منفصل عن الحياة الواقعية و بما أنهم لا يقبلون  مناقشة الأمور و فهم الحقائق و تبني الفكر الغيبي الخاص بالعدوانية و الإرهاب و التسلط و السادية فتصبح الحياة لديهم بلا طعم و معنى و يشعرون بأنهم عالة على المجتمع و حتى يثبتوا أنفسهم يسلكون العدوانية و الحقد و الإرهاب تجاه محيطهم الإجتماعي و الحياتي  و ابتداءً من هذا الفكر المستبد و المنغلق على نفسه تمارس الجرائم البشعة في كل يوم حتى أصبح الإرهاب من أبرز التحديات التي تواجه العالم أجمع، فكيف نعمل على تحصين مجتمعاتنا من الإرهاب المتفشي في الحياة اليومية و فضح جرائمه الوحشية ؟
و بما أن الإرهاب لديه متنورين و مثقفين و مؤيدين و ممولين بالمال و السلاح فإنه يصبح كل متكامل لا يمكن تجزئته و خاصة  في مجتمع شرقي يؤمن بالفكر الغيبي فإنه يشجع من يتبنى هذا الفكر بأن يكون إرهابياً و مخرباً و سفاحاً و قاتلاً في ظل المساحة المفتوحة للفتاوي الدينية التي ليس لها حدود و في ظل خطاب ديني يعتمد على الآيات من القرآن التي تدعو للتحريض و القتل و تقدم لهم المغريات سواء في الحياة اليومية كسبي النساء و السلب و النهب وحز الرقاب و التمتع  أو في الآخرة في جنان الخلد و توفير كل ما يخطر على البال في تلك الجنة المزعومة.
هناك دعوات خجولة لتغيير مناهج التعليم في منطقتنا الشرق أوسطية التي تربي الأجيال على أساسها، كما أنه هناك أيضاً دعوات لتجديد الخطاب الديني و لكن إلى أي حد تحمل هذه الدعوات من الجدية و المنطق و هل هذه الدعوات هي من قبل أصحاب القرار أم أنها من قبل أناس يريدون فقط تغيير وجوه الأنظمة في محاربة هذه الظواهر في العلن و تبنيها في الخفاء، و الجواب الشافي و المنطقي هو إن كل ما نقرأه في مدارسنا و كل ما نسمعه و نتلقاه في مساجدنا و كل ما نتعلمه في دراساتنا يصب في صالح التطرف و الإرهاب و الفكر السلفي الذي يعتبر من الأفكار المتقدمة في صناعة و تربية الإرهاب الفكري و العملي الممارس من قبل الدعاة أنفسهم مستفيدين من الأموال النفطية التي يتلقونها باسم الجمعيات الخيرية أو من خلال أعلامهم الحر مستغلين بذلك حرية الرأي و التعبير مستفيدين من شعارات حقوق الإنسان مثالاً أو الديمقراطية في حالتهم الفوضوية.
و لكن لماذا يجري الناس خلف هذا الفكر المتهور و المتزمت، فهل نجد فيه الأمل بالخلاص من الديكتاتوريات لنستبدلها بأسوأ منها و هل نتأمل من المجرم أن يكون لنا قدوة في الحياة ليكون لنا بشيراً و نذيراً و منظراً اجتماعياً وقاضياً وحاكماً يحكم بالعدل بين الناس؟
و هل نتأمل من الذي يتخذ من الغزوة و سبي النساء و استعباد الناس و بيعهم في سوق النخاسة  و قتل الناس أن يكون أميناً يجلب لنا الأحلام الوردية و الحياة السعيدة و يجعلنا نعيش بأمن و استقرار و رفاهية بعيدأ عن العنجهية و التسلط و قطع الرقاب؟
و هل هناك أمل في السفاح و بائع النساء و قاطع الرقاب و مخرب الديار و سارق القوت و الحلال أن يكون مسعفاً لنا و سبباً في سعادتنا المستقبلية التي نحلم بها؟
أم أن هؤلاء الإرهابيين هم شركات أمنية تدفع لهم بعض الدول الرواتب و تقدم الأموال و العتاد في سبيل تحقيق أهدافهم في المنطقة يشترك فيها اصحاب النفوذ مع الذين يتبنون الفكر السياسي السلفي المختلط  داخل الأنظمة في المنطقة نفسها و هي معروفة للجميع يعادون كل من لا يتبنى فكرهم  وكما يقال دائما في فلسفة الحياة (ان من يجهل الشيء يعاديه).
03.11.2014 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود منذ تأسيس كثير من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي أُسّست نتيجة اتفاقية سايكس بيكو وخرائطها المفروضة بمبضع بريطاني فرنسي تركي، والأنظمة التي تكوّنت على إثرها عانت وما تزال تعاني من عقدة مركّبة بين هوية الدولة وأزمة نُخَبِها السياسية والثقافية ومفهوم المواطنة والانتماء، ومن أبرز ظواهرها التغييرات الدموية في الأنظمة السياسية التي حكمتها منذ منتصف القرن الماضي وحتى…

بدعوة من لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، التامت الندوة الافتراضية الموسعة الثانية ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري بمشاركة نحو أربعين شخصية وطنية مستقلة ، من بنات وأبناء شعبنا الكردي السوري ، من الداخل وبلدان الشتات ، ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، وناشطي المجتمع المدني ، الذين تحاوروا بكل حرية ، وابدوا…

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….