نجح الروس وتراجع – الائتلاف –

صلاح بدرالدين

   بعد أن ناقشنا قبل أيام في مقالة سابقة جنيف2 بين من ومن ؟ وانتهينا باستخلاص أن وفد – الائتلاف – يفتقر أولا الى تخويل قوى الثورة بعد خروجه على هدفها الرئيسي في اسقاط النظام بكل رموزه ومؤسساته الأمنية – العسكرية والإدارية والاقتصادية وعدم التحاور معه الا في حالة تسليم السلطة واستلامها وثانيا الى تفرده بمعزل عن أطراف – المعارضات – الأخرى بما في ذلك مقاطعة فئات من ضمن صفوفه نعود الآن لنطرح للنقاش المواضيع التي ستكون ضمن جدول أعمال الجولة الثانية من جنيف2 بعد زيارة وفد – الائتلاف – الى موسكو التي وان خلت من أي بيان رسمي للرأي العام سوى تصريحات متقطعة تشير الى أن جفاء الماضي كان عبارة عن سوء تفاهم وزالت أسبابها الا أن كل الدلائل تشير الى اذعان – الائتلاف – لنصائح ! الروس الأخوية ؟ في أربعة أمور جوهرية على الأقل وهي:
 الأمر الأول : اطمئنان روسيا الحليفة الأساسية للنظام السوري والمزودة الرئيسية له لجميع أنواع الأسلحة الفتاكة والخبراء والفنيين على أن – الائتلاف – أو من يسيطر عليه من التيارات السياسية والشخصيات قد خرج نهائيا عن خط قوى الثورة في الداخل ويتقبل تماما مبدأ الحفاظ على كل مؤسسات النظام تحت عنوان صيانة الدولة من الانهيار في حين أن تعريف أية دولة هو أنها تتشكل من الثلاثي : الأرض والشعب والسلطة وفي الحالة السورية المتداولة النظام أو سلطة الدولة.

 الأمر الثاني : واستتباعا للأول سيوافق – الائتلاف – على المشاركة مع مكونات النظام الراهن المقبول وغير المستهدف بالاسقاط في حكومة ائتلافية مشتركة وليس كما يتردد أحيانا في – مجلس حكم – لأن قرارات جنيف1 بهذا الصدد تحمل العديد من التفسيرات المتناقضة ثم أن واضع مشروع – مجلس الحكم في العراق – هو نفسه ( وهو شخصية فكرية مرموقة ) الذي اقترح للحالة السورية صيغة مشابهة وليست مطابقة لأن المشروع في الحالة العراقية جاء في وضع لم يكن هناك وجود لسلطة النظام ولا لاداراته العسكرية والأمنية والحزبية ومؤسساته ورموزه واقتصر – مجلس الحكم – على ممثلي المعارضة الوطنية العراقية من دون منازع بعكس الحالة السورية الراهنة.
 الأمر الثالث : وافق – الائتلاف – على المقترح الروسي بشأن تشكيل لجان فنية مختصة حول مختلف المسائل العسكرية والأمنية والإنسانية وللوهلة الأولى يظهر المقترح الروسي إيجابيا ولكنه في حقيقة الأمر يرمي الى إطالة الوقت لمصلحة النظام وخلط الأوراق والتضييق على القضايا الجوهرية بل اضاعتها بين التفاصيل والأخطر من هذا وذاك هو زج ضباط الجيش الحر في مفاوضات عقيمة بحجة أنهم على دراية بالقضايا الأمنية – العسكرية وتوريط قوى الثورة في عملية لاتجلب سوى الخسائر السياسية إضافة الى زرع الخلافات والتجاذبات بين أطراف الخندق الواحد .
 الأمر الرابع : استجاب – الائتلاف – لنصائح (الأصدقاء الروس !) بضم – هيئة التنسيق – الى وفد الجولة الثانية من جنيف2 وهو يصب شئنا أم أبينا لصالح مشاريع النظام .

 ان الخطوة الأولى والأهم والأسرع التي يجب إنجازها هي وقف هجمات قوى النظام على السوريين العزل وخاصة البراميل المتفجرة وإيجاد خطوط التموين والإغاثة الآمنة للمناطق المحاصرة وخاصة حمص وريف دمشق وغيرهما وذلك حسب آليات تنفيذية بضمانات دولية أما الخطوات التالية التي يجب العمل من أجلها في المستقبل القريب فهي تحقيق مناطق آمنة في الشمال والجنوب والشرق أولا والعمل الجاد لاعادة بناء هياكل الثورة والجيش الحر ومن يمثلهم على الصعيد السياسي وتعزيز قوى الثورة القتالية الدفاعية وتنشيط العمل الاغاثي والإنساني في مختلف المناطق المنكوبة وعند ذلك وبالاتفاق والتوافق يمكن اتخاذ الإجراءات السياسية والتفاوضية مع أية جهة كانت دون تردد لأنها ستصب حينها في مجرى مصالح الثورة والشعب والوطن.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…