من المعلوم إن التغيير نحو الأفضل هو سمة كافة شعوب الأرض في مسيرتها التاريخية، وما تدشّنه الثورات العربية اليوم لن تفارق هذه السنة، بل تصنف في هذا الإطار، فعجلة التاريخ لن تعود إلى الوراء، هذا ما ينبغي أخذه بالحسبان، ووجوب أن يعيه كل واحد منا..
أما من جهة أداء الوفد الكوردي فقد جاء الأداء متواضعا، ربما يعود هذا إلى ضعف القدرات لدى المشاركين الكورد في وفد الائتلاف، والضعف في التعاطي لما يقتضيه أدب الحوار، كنا نتمنى أن يستغل الوفد الكوردي هذه المناسبة ليكشف ما تسمح به الظروف من معاناة شعبنا الكوردي كل هذه الحقبة المديدة، وحرمانه من أبسط حقوقه، حتى منعه من التكلم بلغته على سبيل المثال لا الحصر..
رغم كل ذلك يبقى قرار المشاركة في وفد الائتلاف المفاوض قرارا صائبا وجريئا، فالقرار قد اتخذ رغم اللغط الكبير واعتراض الكثيرين على المشاركة حتى داخل الأحزاب الكوردية المشاركة في المجلس الوطني الكوردي، وهنا أسجل نقطة إيجابية للسيد عبد الحميد درويش الأمين العام للحزب التقدمي لدخول الائتلاف، وهذا ما يشد من أزر الحركة السياسية الكوردية، لكن ثمة من يسأل: هل جاءت مشاركته مزاجية، أم نتيجة قراءة سياسية واعية لما يسفر عنه الوضع مستقبلا.؟ فثمة من يقول ما اللهجة التصالحية التي عبر عنها في الساعات الأخيرة من الجولة الأولى في مؤتمر جنيف2 ليس سوى دليلٍ على تردده وقراءته الحائرة لما يجري، أما استمراره على موقفه الجريء هذا، يبقيه محط احترام، وتقدير الجميع، وأنه على وعي من أين تؤكل الكتف، إن القضايا المصيرية تتطلب مواقف مدروسة، صحيحة وجريئة، مواقف ترتكز على القناعة بعيدة عن التسرع والموسمية والمزاجية..
أريد هنا أن أثير نقطة جوهرية أخرى اختلف معي حولها الكثيرون إزاء تطلعات شعبنا الكوردي في رسم مستقبله، قلت أني مع حق الشعب الكوردي فيما يرسم هو لنفسه حتى في حلمه بكردستان الكبرى موحدة، لكن دوما كنت أستدرك فأقول علينا التعامل في هذه المسألة بوعي، وأخذ الظروف بالحسبان، أقول أن مؤتمر جنيف2 خاص بتناول واقع النظام والمعارضة، وكيفية الاتفاق وتشكيل هيئة حكم انتقالية، وسينصب الحديث على من يحكم سوريا ويديرها مستقبلا، وسيطول الحديث ويحتدم النقاش حول شكل الإدارة الانتقالية، من هنا فالحديث سيكون عن الجانب الديمقراطي والتعددية، وضمن هذه التعددية سيأتي الحديث عن المكون الكوردي، وربما يتقدم وفد الائتلاف بتصوره في المسألة الكوردية وفق اتفاق أولي بين المجلس الوطني الكوردي والائتلاف، وقد يجري الحديث عن سائر المكونات الأخرى كالآثوريين مثلا، حول حقوقهم لكن المسألة لن تعالج ولن تتخذ قرارات جازمة نافذة حول ذلك، بل سيؤخر على ما يرجح ليقر في الدستور القادم لدى التعديل أو صياغته من جديد، علينا أن ننظر إلى كيفية تعاطي وفد الائتلاف المعارض كطرف واحد، وأي مكسب للنضال الوطني من قبل وفد الائتلاف هو مكسب للقومي الكوردي، ونجاحه يكمن في مدى قدراته إلى جذب واكتساب العناصر العربية للوقوف إلى جانب حقوقه القومية المشروعة، وتبقى الديمقراطية هي البلسم التي تهيء أجواء ومناخات ينعم في ظلها السوريون جميعا بالأمن والحرية فضلا عن حقوق كافة المكونات السورية ومن ضمنهم شعبنا الكوردي..