لذلك رغبت بتسليط بقعة من الضوء على مخيم اللاجئين السوريين في تركيا حتى نكون أكثر موضوعية في نقل الخبر بعد السوداوية المبهمة لتلك المخيمات إنَّ مخيم “جيلان بنر” هو أحد المخيمات التركية القريبة من الحدود السورية القريبة من مدينة رأس العين المتضررة من الحرب ، والمخيم كما تبين لنا محصنٌ أمنيا بحراسة مشددة ولا يُسمح لأحد بالدخول والخروج إلا بعد الموافقة والضرورة ، وهو بعيد عن المناطق المأهولة بالسكان ، ولا يُسمح للإعلام بالتغطية ، و هنا يبقى السؤال لماذا تنتشر هذه الإشاعات لظاهرات مرعبة ؟ ومن وراءها ؟ وما أسبابها؟
وهل أصبحت المرأة السورية رخيصة لكي يُمارس عليها شتى أشكال العنف لتصبح مادة إعلانية مثيرة للتقارير التلفزيونية ؟
أفادنا أحد القائمين على تسيير شؤون المخيم وقد رفض ذكر اسمه بالإجابة عن بعض استفساراتنا قائلاٍ : إن غالبية الموظفين الذين يعملون هنا في إدارة المخيم لا يحملون أي شهادات ولم يخضعوا لدوراتٍ تؤهلهم لكيفية التعامل مع اللاجئين وإدارة المخيمات وغالباً هم من العاطلين عن العمل أو من رجالات الدولة المختصين ولهم الريادة في إنجاح هذه الظاهرات.
ومن أكثر الظاهرات انتشاراً في المخيمات أرجأ أحدهم : المشاجرات اليومية بين اللاجئين ، السرقات، الدعارة، زواج الفتيات القاصرات ، هروب الفتيات من المخيم ، حالات مرضية ، مشكلة التعليم ولا يمكن للقائمين على إدارة المخيم ضبط هذه الحالات وإدارة شؤونهم بشكل ناجح. إن غالبية الموظفين من عناصر المخابرات والأمن المركزي والكثير منهم يساهم في تقديم التسهيلات وطبعاً والدافع وراء ذلك لاأخلاقي ومادي على الأغلب ، حيث يقوم بالسمسرة داخل وخارج المخيم والتقاط الزبائن للعمل في الدعارة مثلاً، أو أخذ عمولة في تسيير عملية زواج وغالباً ما تكون للرجل التركي أو حتى عربي بين أعمار غير مناسبة ، و بسبب خوف الأهل على بناتهم من الاغتصاب أو الهروب من المخيم يسارع البعض لتزويج ابنته.
كما حدثني أحد الأطباء الذي يعمل في المخيم ” أ. م” وكانت عيونه مشدودة للسماء من الألم والحزن على ما يعانيه وما يُمارس بحق اللاجئين قائلا: إن الدولة تهتم بجانب الصحة حفاظاً على عدم تفشي الأمراض التي قد تنتقل إلى خارج المخيم أي إلى السكان ، وكذلك لا يُقصر عمال النظافة في عملهم ، وبالنسبة للطعام يأتي جاهزاً على ثلاث وجبات ومن المقرر أن يتم تغيير هذا النظام والتعويض عنه بمبلغ نقدي ، وحتى في مجال الخدمة الطبية هناك اهتمام لا بأس به في تقديم المساعدات واللقاحات .
ولكن بالفعل هناك أمور تحدث مثل الدعارة وزواج القاصرات ، وبدون مبالغة مثلا في إحدى الأيام دخلت فتاة لم تتجاوز السادسة عشر من عمرها وهي تبكي وأرادت تقبيل قدمي حتى أساعدها لأن أهلها أرادو تزويجها عنوةً، اضطررت للتدخل وإقناعهم بأن الزواج قد يؤدي إلى موت الفتاة لأن جسمها غير مهيأ للزواج ، وكذلك ظاهرة الدعارة في المخيم تُمارس وبشكل لافت.
ومن خارج المخيم كان الحديث مع اللاجئين في مدينة “جيلان بنر” حيث
تقول السيدة ” جوهرة من رأس العين” لا نستطيع تحمل عيشة المخيم وقد لاقينا الكثير من الصعوبات في خارج المخيم أيضاً : فمثلاً إيجارات البيوت مرتفعة ، وأسعار المواد كذلك وأمام هذا الغلاء ولهذه الظروف حُرِم أولادي وهم ثلاثة من التعليم واضطررنا للعمل ، ابنتي أخاف عليها لذا لا أرسلها للمدرسة ، والولدان : الكبير عمره 18 سنة يعمل في محل لبيع الألبسة ليساعد في المصروف مع والده ، والثاني 15 سنة عمِل في الفرن وأدى ذلك لإصابته وقطعت أصابع يده تحت آلة العجانة.
ويقول أحد اللاجئين : أعمل في التمديدات الكهربائية ، ولكن نعاني من الاستغلال مرتين : مرة من الكفيل وهو تركي بسبب طمعه ليشاركنا حصةً في رزقنا ، ومرة من صاحب العمل الذي لا يعطينا الأجر المناسب ويستغل حاجتنا .
تقول إحدى اللاجئات السوريات وهي من رأس العين : أعمل في الخياطة لأننا لا نرغب في العيش ضمن المخيم فهي تشبه السجون وبعيدة عن البلد.
المعونات تصلنا أحيانا من الهلال الأحمر أو من الأهالي ولكن ليس دائماً ، في شهر رمضان كان الآسايش في “ypg” يوزعون الإفطار على الناس ووزعوا الطحين وبعض المعونات.
منظمة الهلال توزع كل فترة ولكن هناك أيضاً مشاكل الطابور والانتظار والشجار، لذا لا نحصل عليها باستمرار.
تقول لنا سيدة إدلبيه إجابةً على سؤالنا عن رأيها في الحياة التي تعيشها كلاجئة ولم تستطع إكمال حديثها بسبب البكاء الذي انتابها بسبب الأوضاع السيئة التي يعانون منها.
لدي طفلٌ واحد ونحتاج كثيراً للترويح عن أنفسنا وضاقت بنا الدنيا لأن المخيم سجن ، وحتى إذا اضطررنا للذهاب إلى المستوصف الخارجي العناية ليست كما يجب وخاصة إذا كنت لاجئاً ، لذا الآن ترانا هنا في الحديقة نقضي بعض الوقت ، ونحِنُّ إلى سوريا وأهلنا هناك والحياة هنا لا طعم لهل أبداً.
وبالحديث مع مدير منظمة الهلال الأحمر في نفس المدينة السيد “عبد الرحمن سارجه” صرح قائلاً:
نقوم بتسجيل أسماء العائلات وعدد أفرادها وبعد الانتهاء من تسجيل كافة الأسماء التي تردنا يجتمع اللاجئون ونقوم بالتوزيع دون تفرقة ، وهناك دول عربية مثل الإمارات العربية وقطر وبعض الدول الإسلامية مثل تايلاند وهناك جهات لا تُصرح باسمها ودول أوربية وجمعيات خيرية تقدم الدعم للمنظمة ، وإننا لا نقصر أبداً في توزيع كلِّ ما يصلنا ولكن اللاجئين يثيرون المشاكل فتتم المشاجرات أمام باب الجمعية وتصل أحيانا للضرب و القتال ، وغالبا يبيعون الكثير من الأشياء في الأسواق من المبردات والأدوات الكهربائية والبطانيات التي تصلهم من تلك المساعدات ويعودون ويقولون إننا لا نملكها وبذلك يثيرون الفوضى .
وقد أظهر لنا إحصائية تدل على الأعداد التي ترد وتخرج من المخيم و الكميات التي تصلهم أو تمَّ توزيعها وقال إن السجلات غير مسموح برؤيتها من أحد.