حين أطالب بمسعود البارزاني رئيساً..

اكرم حسين 
مسعود البارزاني هو احد الاشخاص الذين استطاعوا ان يتفوقوا على ذواتهم حباً وتطوعا وشغفاً من اجل الكردايتي، ففي لقاءاته المتكررة مع وسائل الاعلام استطاع ان يسلط الضوء على المشكلات المزمنة والمستعصية بين الشعبين العربي والكردي في العراق، رغم كل ما بذله الكرد من جهود صادقة لتجاوزها، خاصة بعد سقوط صدام 2003 وحتى اعلان الاستفتاء من اجل حق تقرير المصير في 25 ايلول / سبتمبر الحالي عبر محاولة العيش المشترك والاتحاد الاختياري حيث بدأت الازمة بسبب الطائفية السياسية التي تصر على الانكار ورفض الاخر ولا تقبل الا بنفسها ولا تساوي احداً بها.
فبعيدا عن المشكلات القائمة اليوم بين بغداد واربيل يمكن تلخيص الازمة بديكتاتورية الحقيقة وارهاب الضحية ووهم السيادة كما يقول الدكتور علي حرب.
الواقع يتحول نحو الاسوأ، نتيجة فشل المكونات المتعاقبة على العراق السير به نحو الدولة الوطنية، وتحول العراق الى دولة دينية طائفية بعد قيام فاشيات لاوطنية فيها، كالمالكي الذي افشل المشروع الديمقراطي، وانتج الارهاب الداعشي، وبالتالي فان طرح الاستفتاء هو تجاوز لكل اوهام وحدة العراق التي لم تكن ولن تكون يوما الا بالقوة، فما حصل لم يكن لاحد ان يتخيله يوما بعد سقوط الديكتاتور الذي اسس لكل الازمات، والتي قد تكون نهاياتها كارثية بسبب عدم امتلاك قيادة العراق الحالية الوعي الكافي لوعي الضرورة الذي يجب الامساك بخيوطه وعدم التفريط به.
يحاول قادة العراق استعادة الدولة الشمولية التي دفع الكرد في ظلها مئات الالاف من الشهداء والضحايا، وإعادتهم الى ما كانوا عليه خلال العهد البائد، وهو ما دفع البارزاني الى ان يقف في وجههم، بالحفاظ على الارض الكردستانية وعن الهوية الكردية، وهو عمل يستحق منا ان ندعمه ونقف الى جانبه – لا ان نعاديه ونقف في المحور المعادي – وهو الذي خدم الفكرة الكردية بعيداً عن الفئوية او العنصرية، ويتصدى اليوم للوصاية العراقية لا بل الاقليمية والدولية التي تعارض فكرة الاستقلال، ويحاول ان يراكم وقائع حسية كردية، فكرية وثقافية وعسكرية كي تحتل مكانها في خرائط المنطقة التي نسيت الكرد وناصبتهم العداء.
رهان البارزاني على الشعب الكردي في التعامل مع الوقائع التي يمكن صناعتها وخلقها من جديد، فكل ما يجري سيكون بلغة الرهان على ارادة الشعب الفولاذية الذي لم يتوان يوما في الدفاع وتقديم التضحيات من اجل حريته وكرامته، فلنقف الى جانب البارزاني من اجل صناعة وقائع جديدة، وخلق عالم كردي يكون جزءا من الواقع العالمي عبر دولة كردستان الديمقراطية المدنية التي يتعايش في ظلها ويحظى الجميع بالمساواة والعدالة، ولذلك نحن اليوم امام لعبة وجودية كردية تعيش التهديد المستمر، فلنكن بمستوى الحدث الذي يجري، ولندافع عن هذا الوجود عبر كسرالقوالب الجامدة، وخلق معادلات جديدة اساسها عدم وجود ضحية وجلاد والعيش في عالم يتساوى فيه الجميع  دون ظلم او عدوان، وحل المشكلات وفق منطق الشراكة الوجودية والحوار المثمر، الذي يجب ان يجري تحت عين المواطن، الذي يجب ان يكون هو الاخر في موقع الرصد والمحاسبة والنقد.
معارضو البارزاني لا يعارضون الاستفتاء لأنه غير صحيح، بل لان لديهم جوع لمنطق السلطة، ولذلك يدمرون كل شيء تم انجازه من اجل الوصول اليها وينتهكون كل ما يدعون اليه في العلن، فمثلا المصرح في خطاب كوران حول الاستفتاء لا يعكس حقيقة ما يحتويه الخطاب في باطنه، لأنه يرمى الى تنفيذ اجندة لا يستطيع هذا الخطاب البوح بها، ولذلك نجد بان الشعارات التي اطلقتها كوران انقلبت ضدها، وعجز الاسلاميون عن تحقيق وطن قومي تحت مسمى الشريعة. 
مشكلتنا في العقليات والمفاهيم وانماط التفكير السائدة، فالان نحن امام لحظة تاريخية فارقة لحظة امتحان اقامة الدولة الكردية، فإما ان نجتاز هذا الامتحان بنجاح، واما ان نفشل جميعا في ذلك حتى لو كنا غير موجودين في القاعة، فهذا الامتحان يعبر عن حقيقة الكردي التي يحاول الاخرون نزعها والغائها عنه.
التجسيد الحسي للدولة الكردية قائم اليوم في اقليم كردستان والذي لعب مسعود البارزاني دورا اساسيا فيه، خاصة بعد انتفاضة 1991 وما جرى في كولن وهولير الا احد تجسيدات هذا الوجود الذي يؤسس لتاريخ مرحلة جديدة، وما البارزانية التي يعاديها البعض، الا تعبير عن الظرف التاريخي الذي تبحث عنه الجماهير الكردية بإيجاد رمزها المعنوي الذي يشعرها بان العظمة التاريخية الكردية يجب ان يكون لها ما يوازيها اليوم ايضا ،ولذلك ترى في مسعود البارزاني هذا الرمز الذي تلتف حوله وتنطلق وراءه لتحقيق الحلم الكردي في تجسيد الدولة المفقودة او المغدورة.
ان تصريحات البارزاني بعدم ترشحه او احد اقربائه لموقع الرئاسة موقف نبيل ينطوي على تضحية ونكران ذات، الا ان دولة كردستان الحالية لا يمكنها ان ترى النور وان تقف على قدميها في مواجهة كل هذا الرفض والممانعة، اذا لم يكن الرئيس مسعود البارزاني على رأسها لأنه صمام الامان والضمير الكردي الحي لعبور المرحلة وتجاوز تعقيداتها. وبالتالي اطالب انا الكردي ومعي الملايين من ابناء الشعب الكردي بمسعود البارزاني رئيساً لدولة كردستان الديمقراطية الفيدرالية. 
  صحيفة كوردستان العدد (568)-15-9-2017

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…