زهرة أحمد
البارزانية في مسيرتها الحافلة بالثورات خلدت تاريخا نضاليا وإرثا ثوريا أصبحت مرتكزات للشعب الكردي عبر التاريخ. جينوسايد السلطات الدكتاتورية الحاكمة في بغداد وحتى المؤامرات الدولية والاقليمية لم تتكمن من إجهاض الحلم الكردي. من شموخ الجبال إلى برلمان كردستان قصة شعب رسمت ملامحه بالدم وحفرت ثوابته الكوردستانية بالثورات لتبنى عليها أركان الدولة المستقلة.
بعد القرار التاريخي للرئيس مسعود البارزاني بإجراء استفتاء على استقلال كردستان في 25 أيلول، والتي كانت بمثابة الصاعقة التي أحرقت العقول اليابسة في أتون شوفينيتها، لتتسابق دول الجوار في نسج اتفاقيات ثنائية أو ثلاثية ضد إرادة الاستفتاء نقطة التقائها الوحيدة ضمن سلسلة خلافاتها السياسية، استغلت تمزيق خارطة كردستان من قبل اتفاقيات دولية لتمارس دكتاتوريتها، جمعها العداء العنصري للمشروع الكردي بالرغم من خلافاتها التاريخية التي أبعدتهم وجدانيا.
ايران ذو التاريخ السيء بمجال حقوق الإنسان، الآثمة في تدخلاتها بشؤون البلاد والعباد، مفتتة بسياستها المؤامراتية كياناتهم واستقرار أمنهم، تجاهد بشتى الأساليب اللامشروعة والمقززة لإجهاض الحلم الكردي سواء بالتآمر مع دول تقتسم أجزاء كردستان الاخرى أو بتحريك أذرعها الأخطبوطية في العراق وتهديداتها المستمرة بكل اللغات والتي سقطت أمام الدعائم الكردستانية. «زيارات التأجيل» لم تكن موفقة: وهي زيارات ممثلي الدول الى اقليم كردستان ومطالبتها بتأجيل الاستفتاء بحجج واهية تتلخص بتأثير الاستفتاء على الأمن القومي لتلك البلاد أو بأولوية محاربة الإرهاب على الاستفتاء وغيرها من الحجج التي رفضها الكُرد وسيتناثر صداها في فضاءاتهم المعتمة ولن تزيد الشعب وقائدها إلا إصرارا على إجرائه في وقته المقرر. فمن غير المعقول أن تؤثر زيارات التأجيل تلك على قرار يتعلق بمصير شعب أراد أن يعبر عن إنسانيته في ظل دولة تسودها السلام والأمان. والرئيس البارزاني بسياسته الحكيمة يدرك بأن التأجيل سيساهم في ضياع الحق الكردي في متاهات من التجاذبات الدولية والاقليمية ووفق مصالحها وتوازناتها حتى اذا كان ذلك على حساب مصير شعب بكامله، لذلك قال كلمته التاريخية : “لا ضمانات حقيقية لحقوق الشعب الكردي سوى الاستفتاء على استقلال كردستان”. وما رفض العقول الشوفينية في العراق للاستفتاء إلا محاولة لإقصاء الحقوق ومحو الوجود، ونتيجة حتمية لثقافة الدكتاتورية المنقرضة، ومحاولة التباكي على أطلال الاستبداد الصدامية، وبالتالي إنكار الاستحقاقات المصيرية التي أثبتت وجودها بالدم والقانون.
إرادة البارزاني التي طبعت الجبال بشموخها، من نضاله كبيشمركة لم يترك جبهات القتال منذ سنوات عمره الأولى وحتى بعد أن أصبح رئيسا للإقليم ،وكسياسي حكيم ودبلوماسي حريص كل الحرص على شعبه مؤمن بمشروعية حقوقه القومية، تلك الارادة ستقود البلاد الى الاستقلال. تستمد هذه الارادة مشروعيتها من الشعب أولا ومن الدستور الاتحادي والمواثيق الدولية ثانيا، وتتجلى إرادة الشعب في العيش بكرامته الانسانية بعد أن لوثتها الكيماوي وعقود الاستبداد أمام صمت المجتمع الدولي الذي جاهد لرسم خارطة حقوق الانسان وترسيخ أسسها وغضت النظر عن انتهاك الانسانية في كردستان. دكتاتورية الأنظمة الحاكمة في العراق تتصدر قائمة أبشع صور لحكم البشرية، وتنكر الحكومة الاتحادية للحقوق والدستور ساهمت في تحطيم جسر التواصل مع بغداد ومهدت الطريق أمام الشعب ليقرر مصيره بنفسه، الجينوسايد لم ينل من إرادة الحرية، وبطولات البيشمركة تصدرت عناوين البطولات في العالم، التعايش السلمي المشترك والديمقراطية التي ينعم بها المواطن الكوردستاني بالإضافة الى توافر مقومات الدولة الحديثة وفق القانون الدولي، كل ذلك رسخ شرعية الاستقلال أمام كل محاولات اليائسة لشرعة الاستعباد، ليشرق في الأفق القريب ملامح دولة قادمة.
إرادة الاستقلال ستمضي الى الاستفتاء، ستتجاوز حواجز المؤامرات وكل التحديات، ليقول الشعب الكردي في يوم 25 أيلول كلمته التاريخية “بلى”.
مسعود البارزاني الذي ولد تحت راية مهاباد يرسم الآن مع الشعب الكردي ملامح دولة كردستان مستقلة.