يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)
لا احد من الأمازيغ سينكر أن كل ما يتعرض له الإنسان الأمازيغي من ضغوطات و إعتقالات و ممارسات و سياسات إقصائية على أنها تتم وفق ما يسمى العنصرية و الحكرة تجاه الإنسان الأمازيغي ليس لشيء سوى أنه أمازيغي.
واقع عشناه و عايشناه حتى اصبح جزءا على وشك أن يكتمل بدره في أجسادنا ،دون أن نعلم لماذا نحن بالضبط و هل خلقنا فقط لنعيش كفئران تجارب على اياد لا تتقن في جمالية اجسادنا و ارواحنا سوى القتل و الدبح و الإعتقال.
الشعب الأمازيغي بأكمله يعيش قمعا و سجنا بطرق تختلف من أمازيغي إلى آخر و بأوجه متعددة لكن يبقى المعنى واحد ،لا يمكن تفسير اسبابه سوى أننا أمازيغ.
الأمازيغ على الرغم من أننا الشعب الاصلي لبلدان شمال إفريقيا ،بالرغم من أننا مستعمرين مضطهدين ،إلا أنني أرى نفسي مرآة لمن هو امازيغي يعيش مثلي هنا ،الأمازيغي ليس ذلك الإنسان الذي تناضل عليه منظمات حقوق الإنسان و اقسم أنني لست أنا ذلك الإنسان ،و ليس الإنسان الذي تمجده المنظمات المنادية بالحرية و الديموقراطية و الأمن و السلام و اقسم لكم أنني لست الإنسان المعني ،بل كل ما تقصده هذه المنظمات العالمية إنسانهم هم و ليس إنساني أنا الأمازيغي.
الأمازيغي هو المنكوب الذي لا يملك صوتا في الأمم المتحدة ،و لا يملك مقعدا في البرلمان الأروبي ،و لا يملك محاميا في مجلس الأمن الدولي ،ولا يملك أدنا صاغية في المجتمع الدولي ،هو الإنسان الذي ولد فقط ليقتل و يعتقل و يضطهد فقط لأنه أمازيغي.
أينما رأى سجنا يبنى تأكد يقينا أنه له ،أينما رأى قوى القمع حس انها عليه ،يعيش جحيم الحياة بين هاتين (السجن،القمع) حتى ينطفئ نوره الخفي بين أحضان ارضه التي تمناها أن تعود إليه واقعا ،لكن يكتفي بإعتناقها ميتا إلى الأبد في صمت أبدي جراء واقع ظالم.
كلنا نرفض القمع و القتل و العنف بإعتباره سلوك لاأخلاقي غير مرغوب فيه ،لسنا من كوكب آخر نفتقر إلى الإنسانية بل نحن من أسسنا تاريخ الإنسانية و التعايش للعالم ،لكن ماذا عن إنسانيتكم المتوحشة يا اعداء الإنسانية ،تقتلون كل جميل فينا لتحيوا به شيئا متوحشا فيكم ،بجمالنا يعيش قبحكم ،و بأخلاقياتنا تتعالى لااخلاقياتكم…
لم نسمع منكم إنصافا بنا عندما هددنا موالوكم و عصاباتكم بالقتل و الدبح و الكراهية و الحقد و الفتنة و الجرم في حراك الريف الذي لم نطالب سوى بحقوقنا الإنسانية الأولية (الصحة،السكن،العمل،التعليم،البنيات التحتية)؟؟
لماذا لم نسمع قط دفاعكم عنا عندما تعرضنا لفتاوي التكفير و القتل من طرف رجالات الدين الرسمية لكم؟؟
لماذا لم نرى طائرتكم تحمل خبزا و غطاءا إلينا في كهوف جبال الأطلس و الريف و سوس ؟؟ لماذا لا نراها سوى في التلفاز تحمل صناديق اصوات الإقتراع؟؟
ألسنا مغاربة تحت صقف واحد و وطنية واحدة و واجب واحد و حق موحد حسب ما هو مكتوب في دستوركم؟؟ نعم نعلم أنه كلنا مغاربة لكن لسنا كلنا عرب و لسنا كلنا أمازيغ ،و لكن ماذنبنا نحن الأمازيغ في هذا الواقع عن باقي العرب؟؟
الأرض أخدتموها و الثروة أكلتموها فماذا تريدون منا بعد ،فلا نملك سوى انفسنا أم مازلتم في حاجة لموتنا لتكتمل مطالبكم و أطماعكم؟؟
إعتقلنا فقط لأننا فسرنا للناس معنى الفتنة الحقيقية ،فإتهمنا بلمس المقدسات ،فأخدتمونا إلى سجونكم التي مازال بقايا آثار أجدادنا فيها لنكمل المسيرة بين الجدران ،واقعنا حولتموه دينا مقدسا لكم ،كلما فسرنا واقعنا إعتبرتم تفسيرنا له مسا بمقدساتكم الشريفة.
لماذا لم تجد “مليكة مزان” قانونا يحميها عندما هددها المتشددون بالقتل و التكفير و العهر و القذف ،اليست مواطنة بسيطة من حق الدستور أن يحميها و يعززها لأنها إنسانة مغربية ،لماذا لم نرى ما انتم تفعلون بها الآن في من هددوها و حرضوا على قتلها قبلا ،إعتقلتموها لأنها لا تملك اية دريعة دفاعية ورائها فقط لأنها امازيغية ،لكن نسيتم أن لها الحق في أن تكره من يكرهها و حرة في ان تحب من يحبها ،أم أن كرهكم لنا إيمان و كرهنا لكم كفر ،كل هذا فقط في قاموسكم.
ألم يشتمنا برلمانيو برلمانكم و صحافيو صحافتكم و خطاب دينكم و أمناء أحزابكم بشتى أنواع الألفاظ الذنيئة كالأوباش و الكرابيز و الخونة و المتوحشين ،لماذا لم يعتقل احد من هؤلاء كما إعتقلتم “مليكة مزان” ،كل هذا ليس لشيء سوى أنها أمازيغية.
إعتقالها نراه جميعا كما يراه قانونكم وفق ما يراه المنطق تعسفيا لكن لماذا أنتم خرقتم قانونكم في حق “مليكة مزان” و لم تطبقوا قانونكم على من إعتقل إنسانا حرا تعسفا ،فقط لأننا أمازيغ يجوز لكم أن تخرقوا قوانينكم على أرواحنا و لا يجوز تطبيقها عليكم.
“مليكة مزان” لم تنهب أموال الشعب و الدولة ،و ليست “بارونة” مخدرات ،و ليست مسؤولة متهمة بالفساد ،و ليست وزيرة تجرأت على املاك الدولة ،و ليست إمرأة اعمال مليالديرة تدير محافل السياحة الجنسية ،ليست خائنة للوطن ،و لم تمس قط بمقدسات الوطن ،هي فقط مغربية بسيطة لا تزاول اي شيء يقتضي عليها ان تكون في السجن بسبب الفساد و النهب و الإحتيال إعتمادا على منصبها ،فقط أمازيغية مضطهدة.
أطلقوا سراح الأبرياء من المواطنين ك”مليكة مزان” ،و خدوا و إعتقلوا كل هؤلاء الذين حدثكم عنهم أقسم لكم بأنهم حقا هم الجناة و المجرمون.