يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)
لا أدري كيف يمني الكوردي النفس في جامعة الأزهر من تقبل قرار الإستفتاء ،علما أن موقف الأزهر لم يكن صادما بل متوقعا بشكل لا يدعو للشك ،إعتمادا على سيرورات و تراكمات الفكر الإسلامي الإخواني عبر عقود من الزمن في عصر النهضة الإسلامية خصوصا بالمجتمعات الليبرالية المتفتحة ،و تسلسل الأنساق الفكرية بسبب التغيرات الجيوتاريخية بما تفرضه حركة المجتمع السياسي.
مقولة “لولا الإخوان المسلمين لكان المسلمون إخوة” تحمل في طياتها مجموعة من حقائق خفية مازال العالم يعيش تحت جحيم هذا النوع من الإرهاب المنظم في كل مناحي الحياة ،نشأة قديمة العهد إبان امجاد الدولة الإسلامية في أرض الحجاز و الغزو الإسلامي في الشرق الأوسط و المغرب الكبير ،دعوة تقوت على أجساد المستضعفين (من الخطاب إلى القوة) ،لتعارض فيما بعد بنفس الفكرة المضادة بأسلوب معاكس (بالقوة إلى الدعوة) ،أي ما يمكن تفسيره عسكريا بحرب العصابات الغير كلاسيكية.
لنتمعن قليلا بداية نشأة فكر التشيع على يد الداهية “عبد الله بن سبأ” الملقب بٱسم “إبن السوداء” ،هذا المتعمق في فهم الثوراة و الإنجيل و القرآن الغير المرغوب فيه على أرض الحجاز في حقبة “عمر بن الخطاب” بعد أن بدأ في نشر افكاره التي نسبت له بما يسمى حاليا التشيع ،فر من الحجاز إلى الشرق الأوسط بالضبط إلى “دمشق” لكن تم مطاردته ايضا هناك ،ليتم لجوءه في آخر المطاف إلى “مصر” و إستقر فيها مدة طويلة ،هناك بدأ مشروعه الديني و السياسي في الكتابة و التفسير و الفتاوي وفق كل ما يخدم مشروعه و أمميته إلى بلاد الحجاز و الشرق الأوسط و المغرب الكبير ،إلى أن نجح فيما كرس حياته لأجله ألا وهو الإطاحة بالدولة الإسلامية العربية.
ذكاء هذا الإنسان لا يقل شأن على من إستولى على بلدان الغير بالدين و القوة ،افكاره ادت إلى زرع إنشقاقات فكرية و سياسية و دينية مما خولت الصراع على الخلافة و السلطة من عهد “عمر” إلى يومنا هذا.
نشأة الفكر الإسلامي الإخواني كان تحت بيئة ليبرالية علمانية (أروبا) مما جعل منه إلى حد ما معارضا للفكر الوهابي أنذاك في السعودية ،على الرغم من أنهما يتبنون السنة قاعدة معا ،لكن في الحقيقة هناك عدة أمور خفية لم تظهر إلا بعد ظهور تنظيم “داعش” ،هذه التجربة الحالية اعطت عدة إجابات كثيرة لتساؤلات و إستفهامات جعلت أصحابها ضحايا التكفير و القمع و القتل إلى أن كشفت حقيقة الإخوان و غير الإخوان من التنظيمات الإسلامية السنية و الشيعية.
أتذكر في منشور لي شككت في سنة حركة حماس و إعتبرتها غير سنية لمواقفها الحالية من الانظمة السنية و عملها تحت مشروع و مخطط إيراني واضح ،لكن تلقيت عدة شتائم و إهانات رغم أنني فقط ناقشت الأمر بمواقف واقعية ملموسة أراها حسب معرفتي الشخصية كإنسان عادي بسيط لا متخصص و لا أكاديمي و لا فلسطيني و لا إسرائيلي و لا عربي…،موقف بنيته بعد وضوح إنهزام العرب في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جعل من إيران تستغل وهن العرب و إعادة إرساء حركة حماس لكن بلون طائفي شيعي جديد ،كما أنه مستقبلا سيكون صراع إيراني_إسرائيلي على فلسطين (على فلسطين) ،كما هو الحال نفسه في لبنان مع “حزب الله” و إسرائيل.
لنفترض جدلا أننا اخطأنا في تأويلاتنا بما نراه في الواقع ،و لنبني افكارنا على ما يروجه علماء و قاداة الإخوان المسلمين مرفوقين باحقية التساؤل على اي شيء نريد له تفسيرا ملموسا ،لقد بدأنا بالفكر الإخواني السني كما أن حركة “حماس” هي إمتداد للفكر الإخواني السني ،لكن بماذا يمكن نحن ان نفسر كأناس بسطاء واقع حماس السياسي الذي ينصب بالكامل في مشروع إيران علما أن إيران ليست سنية ،إذا ما إفترضنا على أن هدف حماس يتطابق مع إيران بحكم المصالح فلماذا إيران تعترف على أن حماس تنظيم عسكري فقط دون إعطائه صبغة قومية عربية!! و إعتبار إيران اكبر ممول لجبهات حماس من العرب أنفسهم!! و ماهو تفسير تركيا الإخوانية الأردوغانية (السنية) من غضبها و موقفها البارد الحالي من حماس (السنية) بعد الإرتماء في حضن إيران ،أليس الأجدر من حماس ان تكون في تنسيق انظمة سنية كتركيا حتى و إن ملت من الأنظمة العربية إعتمادا على مرجعيتها الفكرية؟؟ أسئلة نستخلص منها إجابتين الأولى هي إما أن حماس إنشقت من تنظيم الإخوان المسلمين و الثانية إما أن حماس في حقيقة نشأتها مجرد قاعدة عسكرية خارجية (الأجدر إيرانية أو تركيا) ،و وجود حشود حماس تحت قيادة إيران في حرب سوريا دليل أثبت يقين كل الشكوك و الأسئلة العالقة في معرفة أي المصب تقع حماس ،علما أن حماس ذات علاقة طيبة دائمة مع إيران منذ النشأة إلى يومنا هذا ،كما أن رفض و عدم إعتراف القادات الفلسطينية (حماس) بالإستفتاء الكوردي هو بمثابة نفس وجه إيران من الإستفتاء ،معادلة تعطينا (حماس=إيران).
موقف جامعة الأزهر كبؤرة لفكر الإخوان الإسلامي من الإستفتاء لن يكون سوى طبق اصل موقف تركيا الإخوانية الأردوغانية ،مما نفسر بأن الإخوان المسلمين في حالة تنافر بين الوهابية السعودية بشكل ملحوظ و ملموس ،ما يمكن تفسيره بأنها حالة من الإنشقاقات التي لم تكن مكشوفة ابدا إلا بعد ظهور تنظيم “داعش” ،داعش كشفت كل شيء كان غامضا لعقود من الزمن أهمها أن الجميع كان منشقا من اصله فقط طبيعة العمل السياسي هو من كان يعطي نظرة سطحية مقربة شبه متشابهة.
عدم إعطاء جامعة الأزهر اي موقف من “داعش” و مليشياتها كالحشد الشيعي (الشعبي) و جبهة النصرة و غيرها ،لم يترك لنا اي مجال سوى ان داعش صناعة إيرانية_تركيا ،كمعادلة رياضياتية (داعش=إيران+تركيا).
خلاصة مضمونها وجوب الإنسان الكوردي ألا يتوقع خيرا في كل من تلون بألوان تركيا و إيران أو كان من صنعهما.
إستنباط شخصي: حسب تجربة الإخوان المسلمين في مصر و تركيا و السودان (تهديداتهم للسعودية) أرى هذا التنظيم الإسلامي لا يختلف على التنظيم الشيعي الإيراني في شيء ،مما يجعلني إلى حد ما متيقنا بشكل كبير على أنهما ينصبان في نفس الواد ،زيادة على يقيني بعدم إقتناعي مطلقا على أن تنظيم الإخوان المسلمين كان سني النشأة علما أن الأنظمة السنية بدورها إرهابية كذلك ،بل فقط تكتيك شيعي بقناع سني مزيف من أجل خلخلت الأنظمة السنية و التي مازالت تعطي أكلها في الواقع الملموس كسقوط انظمة سنية و إعادة اخرى شيعية في كل من (سوريا،العراق،لبنان،اليمن….) و الزحف تجاه الخليج العربي.