كردستان … والاستعجال في إعلان الاستقلال

توفيق عبد المجيد
قد لا أرى دولة كردستان محررة ، ولكن جيلاً سيأتي
 ويبصر دولة كردستان – نلسون مانديلا
يتبادر إلى الذهن سؤال أعتقده جوهرياً ومشروعاً وأنا أكتب هذه المقالة ، والسؤال هو : هل وجد الكرد ليدافعوا دوماً عن النفس ، ويواجهوا التحديات والمؤامرات التي تحاك ضدهم في السر والعلن ، علماً أن الدماء التي أريقت على أرض كردستان تكفي لإقامة عشر دول ؟ فإذا كنا نتوقع أن التحديات التي واجهت وتواجه وستواجه الكرد لها نهاية ، فنحن أمام واقع جديد يفرض نفسه على القيادة الكردستانية ويضع على عاتقها  الاستعجال في تحقيق الحلم الكردي ، وإعلان الدولة الكردية اليوم قبل الغد .
فإذا استعرضنا المعيقات التي واجهت الكرد خلال مسيرتهم النضالية للتحرر والتوجه نحو الاستقلال نجدها أكثر من أن تحصى ، وكانت آخرها وليست أخيرتها داعش وملحقاته ومفرزاته وتداعياته ، ولا أعتقد أن التحديات والمعيقات ستنتهي ، بل ستفكر الأدمغة التي تحيك المؤامرات للكرد بصناعة واختراع إرباكات ومعطلات أخرى أمام التوجه الكردي نحو الهدف الجوهري ألا وهو الاستقلال ، وقد يكون موضوع النفط الكركوكي وتصديره عبر الأراضي الإيرانية والذي أثير مؤخراً مؤشراً قوياً على أن المعترضات على التوجه الكردي لن تنتهي بانتهاء داعش .
وانطلاقاً من مؤتمر ميونخ الأخير والحضور الكردي المميز فيه برئاسة السروك البارزاني ، نلاحظ بوضوح الاهتمام الكبير الذي حظي به الوفد ، والذي عبر عنه البارزاني بقوله : ” إن الحضور الفعّال لإقليم كوردستان في مؤتمر ميونخ للأمن، والحوارات الثنائية التي أجراها الوفد مع الزعماء والشخصيات العالمية البارزة حول وضع المنطقة ومستقبل اقليم كوردستان، أكد الثقل الكبير لكوردستان في المعادلات السياسية العالمية الهامة ” ومروراً بالزيارة التي قام بها الرئيس البارزاني لفرنسا واستقباله في قصر الأليزيه استقبال الرؤساء لهي مؤشر قوي على الدعم الأوربي لإعلان قيام الدولة الكردية ، حيث أكد الرئيس الفرنسي هولاند أن ” استقرار وأمن إقليم كوردستان هو معيار مهم لفرنسا ” لذلك أعتقد ومن وجهة نظري المتواضعة ومتابعتي للأحداث وقراءاتي لها أن هناك مصلحة لأوربا وأمريكا وربما لبعض الدول العربية وإسرائيل أيضاً في إعلان استقلال كردستان ، ” والفرصة متاحة الآن وأكثر من أي وقت مضى للاستقلال ” كما يقول الباحث إيدي كوهين ” أن كردستان هي الوحيدة التي تتمتع بالديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة ” وهذا موضع ارتياح لدى كثير من الدول ، وأن أعداء الكرد وكردستان لن ينقلبوا إلى أصدقاء ، متابعاً كلامه قائلاً : إن “الايرانيبن يشكلون تهديداً ليس لإسرائيل فقط بل للكورد أيضاً، ويجب أن تكون كوردستان قوية ، وأن يعلن فخامة البارزاني الإستقلال لأن لا شيء سيتغير” مستفسراً ومستغرباً ” فلماذا تضييع الوقت ” وأعتقد أن كردستان التي ستعلن ستحظى حتماً بالاعتراف من معظم الدول ، وأنا أتمنى -وقلتها مراراً والكلام للباحث ” أن يعلن فخامة البارزاني الإستقلال لأن لا شيء سيتغير ، وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ” يدعم القضية الكوردية ”  مشيراً – وأقصد الباحث إيدي كوهن – ” إلى أن الفرصة متاحة الآن للإعلان عن إستقلال كوردستان “.
و أختم المقالة هنا بقول لهنري كيسنجر ” ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن تحل أي مشكلة في العالم ، لكن من مصلحتها أن تمسك بخيوط المشكلة ، وتحرك هذه الخيوط حسب المصلحة القومية الأمريكية ” نعم في إعلان استقلال كردستان مصلحة للولايات المتحدة وغيرها من الدول التي تتعرض لللإرهاب وتهديداته ، ولا بديل للبارزاني إلا البارزاني نفسه حسب بول بريمر الذي قال : ” لا بديل للبارزاني إلا البارزاني نفسه لأنه يستحق بجدارة قيادة الأمة الكردية السائرة لتحقيق حلم لطالما راود أفكارالكرد في غد ومستقبل أفضل لهم ، والذي أصبح قاب قوسين أوأدنى ” .
فماذا تنتظر القيادة الكردستانية الحكيمة ؟ هل الظروف الذاتية والموضوعية لم تنضج ؟ أم هناك تعقيدات ومعيقات لم نعرفها بعد ؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…