حتى لا ينزلق الوطن إلى الهاوية

حسين عيسو

       أخطأت أنظمة الاستبداد في المنطقة , حين سمحت بانتشار الفضائيات والانترنت والموبايل والتي كان فيها مقتلها , ولم يعد يفيد الندم , فالتغيير آتٍ رغم كل شيء …

        عشرة أعوام مرت على دخولنا الألفية الثالثة , والنظام ما زال يعيش في القرن الماضي , لأنه لم يفهم أن التطور التكنولوجي خلال الأعوام العشرة الأخيرة يعادل التطور الذي كان يأخذ مئات من السنين لولاها , حيث أصبح العالم قرية صغيرة حقا , ولم يعد مقبولا أن يعيش جاري نعمة الحرية وبحبوحة العيش , وأنا مازلت أتعرض لإرهاب الأمن صباح مساء , وممنوع علي حتى كلمة “لا” ,
لم يفهموا كيف انتقلت الثورة من تونس إلى مصر خلال أيام قليلة , وكيف أن الإنسان الصيني تأثر فورا وأصبح يوزع زهور الياسمين في الشوارع دعما للثورة التونسية – الياسمين أصبح رمز ثورة تونس – والأمن يلاحقه من شارع لآخر , لم تتنبه السلطة في سوريا الى كل ما جرى حولنا , فاعتقلت أطفالا في درعا لأنهم سمعوا عبر الفضائيات هتافات التغيير في تونس ومصر وحاولوا ترديدها , فتعرضوا للتعذيب القاسي , لم يشفع لهم كونهم أطفالا قصر , ويوم وقفة التضامن مع معتقلي الرأي ثم اعتقال عدد من المتضامنين , كان بينهم الدكتور طيب تيزيني والسيدة سهير أتاسي والكاتبة حسيبة عبد الرحمن  , استغرب كل السوريين , تصريح الناطق باسم وزارة الداخلية , الذي أشار الى تعاملهم الممتاز مع عائلات المعتقلين لكن المشكلة , كما صرح , كان في وجود مندسين بينهم , مما أثار الشارع الغاضب من تصرفاتهم حفاظا على أمن البلد , غاب عن الناطق أنه يتكلم في العام 2011 وليس في ثمانينات القرن الماضي , وأن الكاميرات صورت كل شيء وأن من سماهم بالمندسين يعرفهم السوريون جيدا ويعلم أنهم من يخافون فعلا على أمن البلد , وأن الشارع الغاضب , لم يكونوا سوى قوى أمنية كانت جاهزة لقمع من تضامنوا مع عائلات المعتقلين , لنشر الإرهاب في الشارع , متوقعين أن الحل هو في القمع , وبه سيكون هذا آخر تحرك يقوم به الشعب , دفاعا عن كرامته المسلوبة , لم تفهم السلطة التي يبدو أنها تعيش بعيدا عن الواقع , أن هذا النوع من التصريحات , قد ولى زمنها , ولم يعد مقبولا معاملة المواطنين كعبيد , أو أطفال قصر , كان على السلطة أن تدرس ما جرى في المنطقة , وكيف أن طاغية مثل مبارك حين قال أن الشعب المصري قاصر عن أن يحكم نفسه بدونه , ضاعف ذلك من إصرار الشعب على إجباره على التنحي , ليجتر أيام عزه التي ولت للأبد , كان على هذه السلطة أن تفهم أن زمن تحويل الوطن الى سجن كبير قد ولى , ولا بد من العمل الجدي وأن التسويف عن طريق السيدة بثينة شعبان , ومديح الشيخ البوطي وبعض وجهاء القبائل واستدعاء مجموعة من هنا وهناك للهتاف والتأييد , لن تحل المشكلة , وانما الحل الحقيقي والسريع , هو في إلغاء قانون الطوارئ وليس استبداله بقانون أسوأ , كما فعل مبارك في مصر قبل أعوام وهذا لا يحتاج الى لجان لدراسته , إلغاء المادة الثامنة من الدستور , وحل مجلس الشعب والدعوة الى إجراء انتخابات نزيهة لمجلس الشعب والإدارات المحلية , لا يكون فيه أي دوتا لحزب قائد أو حاكم أو جبهة تابعة , وتحت إشراف قضاء نزيه , وهذا يجنب هذا البلد الجميل الكثير من المآسي .

الحسكة في : 07/04/2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…