د.
آلان كيكاني
آلان كيكاني
كلاهما سائل ولكنهما مختلفان في اللون والطعم والرائحة والقوام , أحدهما يجري في عروق الإنسان والآخر يسري في شرايين الأرض , إلا أن الفارق الأكبر هذه الأيام هو أن النفط غالٍ والدم رخيصٌ , فعندما تتهدد منابع النفط في دولة ما أو تُحتَل من قبل دولة أخرى يستنفر العالم كله وتصدر قرارات من مجلس الأمن تحت البند السابع , وفي غضون أيام تكون فيالق الجيوش جاهزةً لتأمين أو تحرير منابع النفط ولو أدى ذلك إلى مقتل عشرات الآلاف من بني البشر , فهذا ليس مهماً , وإنما المهم هو استمرار تدفق النفط .
كثيراً ما يقال وربما من باب المبالغة أن وجود النفط في بلد هو نقمة على أبنائه لأسباب كثيرة : أولها أن النفط ثروة جاهزة يحسِّن الحالة المادية لأبن البلد ولكنه يرمي به إلى أحضان الكسل والتقاعس والإهمال فيتحول إلى آلة تستهلك دون أن تنتج شيئاً وهذا نراه في دول مجلس التعاون الخليجي .
وثانيها أن توفر المال من عائدات النفط في بلد ما يهمل الجانب الدراسي والعلمي لأبناء هذا البلد فتراهم يلجؤون إلى الطرق القصيرة للحصول على أية شهادة مهما دنت مرتبتها , فهي كفيلة بجلب راتب شهري محترم , دون أن يسلكوا طرق البحث العلمي والتخصص في مجالات العلم والمعرفة .
وثالثها أن توفر النفط في بلد ما يطمع الأقوياء من دول العالم وخاصة المجاورة منها وقد يؤدي هذا إلى غزوها واحتلالها كما حدث للكويت عندما غزاها العراق واحتلها .
هذه الأسباب الثلاثة تجعل البعض يجزم أن توفر النفط في بلد ما هو نقمة من الله وليس نعمة .
إلا أن هذا غير صحيحاً , فالنفط يعطي أهمية للدولة , والأهم من ذلك هو أنه يستدر الحماية للبلد من القوى العظمى إذا ما تعرض لخطر كما هو الحال في دول الخليج العربي حيث أمنها هو من الامن القومي الأمريكي .
والدليل على ما نذهب إليه هو الحالة الليبية فقد كان التحرك الدولي سريعاً وحاسماً في مجلس الأمن ليس استجابة للدم الليبي المتدفق من جروح أبنائه وإنما للنفط الليبي المتدفق من آباره , والحديث يجري الآن عن مائتي مليار دولار هي فاتورة الحرب الليبية والتي يجب أن تدفعها الحكومة الليبية الجديدة من ثروة الشعب الليبي للناتو عدا عقود النفط للدول التي ساهمت بفعالية في تحرير ليبيا .
والسؤال هنا عن الحالة السورية , ترى , من أين ستُدفع الفاتورة إذا ما تدخل الغرب لإنقاذ سورية وهي بالكاد تملك من النفط ما يسد حاجتها المحلية ؟ لذلك نرى الرد الدولي خجولاً على مجازر النظام التي ترتكب يومياً وبدم بارد .
وهذا ما عبر عنه وليد المعلم صراحة في أحد مؤتمراته عندما سأله أحد الصحفيين عن احتمال التدخل الدولي في سورية فأجاب الوزير ساخراً : سوف لن يكون هناك تدخل دولي في سورية والرزق على الله .
وكان يعني بذلك أن الدول الغربية تتدخل عسكرياً في دول تمتلك مخزونا نفطيا كبيراً وبما أن سورية لا تمتلك مثل هذا المخزون فإن التدخل غير وارد .
وهو الامر الذي يستقوي به النظام وهو يقدم على ما يقدم عليه من المجازر كل يوم .
أي أن عدم وجود النفط بكميات كبيرة هو نعمة على النظام مثلما هو نقمة على الشعب السوري .
الآن وبعد الانسحاب الأمريكي من العراق يتضح للمرء جلياً أن أحد أهم أسباب الغزو كان تأمين آبار النفط في الكويت والسعودية , إذ كان صدام حسين غير مأمون الجانب ولا يمكن الوثوق به أبداً , وحتى في أضعف أيامه كان يبعث برسائل إلى الإدارة الامريكية أنه على وشك غزو الخليج مرة أخرى بغية غيظهم واستفزازهم , ودفع الرجل ثمن ذلك غالياً .
وثانيها أن توفر المال من عائدات النفط في بلد ما يهمل الجانب الدراسي والعلمي لأبناء هذا البلد فتراهم يلجؤون إلى الطرق القصيرة للحصول على أية شهادة مهما دنت مرتبتها , فهي كفيلة بجلب راتب شهري محترم , دون أن يسلكوا طرق البحث العلمي والتخصص في مجالات العلم والمعرفة .
وثالثها أن توفر النفط في بلد ما يطمع الأقوياء من دول العالم وخاصة المجاورة منها وقد يؤدي هذا إلى غزوها واحتلالها كما حدث للكويت عندما غزاها العراق واحتلها .
هذه الأسباب الثلاثة تجعل البعض يجزم أن توفر النفط في بلد ما هو نقمة من الله وليس نعمة .
إلا أن هذا غير صحيحاً , فالنفط يعطي أهمية للدولة , والأهم من ذلك هو أنه يستدر الحماية للبلد من القوى العظمى إذا ما تعرض لخطر كما هو الحال في دول الخليج العربي حيث أمنها هو من الامن القومي الأمريكي .
والدليل على ما نذهب إليه هو الحالة الليبية فقد كان التحرك الدولي سريعاً وحاسماً في مجلس الأمن ليس استجابة للدم الليبي المتدفق من جروح أبنائه وإنما للنفط الليبي المتدفق من آباره , والحديث يجري الآن عن مائتي مليار دولار هي فاتورة الحرب الليبية والتي يجب أن تدفعها الحكومة الليبية الجديدة من ثروة الشعب الليبي للناتو عدا عقود النفط للدول التي ساهمت بفعالية في تحرير ليبيا .
والسؤال هنا عن الحالة السورية , ترى , من أين ستُدفع الفاتورة إذا ما تدخل الغرب لإنقاذ سورية وهي بالكاد تملك من النفط ما يسد حاجتها المحلية ؟ لذلك نرى الرد الدولي خجولاً على مجازر النظام التي ترتكب يومياً وبدم بارد .
وهذا ما عبر عنه وليد المعلم صراحة في أحد مؤتمراته عندما سأله أحد الصحفيين عن احتمال التدخل الدولي في سورية فأجاب الوزير ساخراً : سوف لن يكون هناك تدخل دولي في سورية والرزق على الله .
وكان يعني بذلك أن الدول الغربية تتدخل عسكرياً في دول تمتلك مخزونا نفطيا كبيراً وبما أن سورية لا تمتلك مثل هذا المخزون فإن التدخل غير وارد .
وهو الامر الذي يستقوي به النظام وهو يقدم على ما يقدم عليه من المجازر كل يوم .
أي أن عدم وجود النفط بكميات كبيرة هو نعمة على النظام مثلما هو نقمة على الشعب السوري .
الآن وبعد الانسحاب الأمريكي من العراق يتضح للمرء جلياً أن أحد أهم أسباب الغزو كان تأمين آبار النفط في الكويت والسعودية , إذ كان صدام حسين غير مأمون الجانب ولا يمكن الوثوق به أبداً , وحتى في أضعف أيامه كان يبعث برسائل إلى الإدارة الامريكية أنه على وشك غزو الخليج مرة أخرى بغية غيظهم واستفزازهم , ودفع الرجل ثمن ذلك غالياً .
صدق السوريون عندما رفعوا في مظاهراتهم شعار ” يا الله ما لنا غيرك يا الله ” فرغم أن الدم أحمر إلا أنه لا يستنهض ثيران الغرب التي لا يشدها إلا بريق النفط الأسود وهو أمر يمكن تفهمه فرب قائل منهم يقول : ما لنا نحشر أنوفنا في مشاكل لا تخصنا أو ” فخّار يكسّر بعضه ” كما يقول المثل العامي .
إلا أن العتب على الثيران العربية التي لا يفزها لا الدم الأحمر ولا النفط الأسود وإنما قرة عينها كؤوس الخمر وسيقان النساء .
إلا أن العتب على الثيران العربية التي لا يفزها لا الدم الأحمر ولا النفط الأسود وإنما قرة عينها كؤوس الخمر وسيقان النساء .