فرمان صالح بونجق
قبيل المغارب ، وبعد العصارى ، وتلك ساعات طالما خشيتها ، حيث ترحل الملائكة عن ملكوت ربها في الأرض ، وتأخذ معها كل ما يرضي وما يحب الله .
وحين تحول الوقت إلى لحظات آثمة ، تجسد على هيئة بشر قساة يحملون في أكفهم أدوات القتل ، لم يرهب قلب مشعل الذيي طالما اتسع لوطن ، لم تفقده صورة الموت الماثلة أمامه بكل جبروتها على الانصياع ، وأطلق لاءه المعروفة ، والتي أتبعها ب لن : لا ..
لن أذهب معكم !.
قبيل المغارب ، وبعد العصارى ، وتلك ساعات طالما خشيتها ، حيث ترحل الملائكة عن ملكوت ربها في الأرض ، وتأخذ معها كل ما يرضي وما يحب الله .
وحين تحول الوقت إلى لحظات آثمة ، تجسد على هيئة بشر قساة يحملون في أكفهم أدوات القتل ، لم يرهب قلب مشعل الذيي طالما اتسع لوطن ، لم تفقده صورة الموت الماثلة أمامه بكل جبروتها على الانصياع ، وأطلق لاءه المعروفة ، والتي أتبعها ب لن : لا ..
لن أذهب معكم !.
ليست هناك بطولة أكبر من تلك البطولة حين تضع فوهة البندقية في صدرك ، وتقول للموت : هيا اخترق جسدي ، إخترقه كما تشاء ، إخترقه مرارا ، وتكرارا إن شئت ، فلن أودع أصدقائي وأحبائي ، ولن أحصي سني عمري ، فهي أكثر من أن أحصي لها عددا ، إخترق جسدي بكل القسوة التي تملك ، فلن أودع مدينتي وأبناء مدينتي وشوارع مدينتي ، لأنها غدا ستخرج لتوديعي .
هكدا فعل البطل مشعل التمو ، وكانت ذروة البطولة .
وعندما خرجت إلى الشوارع في تلك الأمسية الآثمة .
وجدت المدينة تبتهل إلى الله ، وكذلك كانت تفعل مدائن الكورد من الأقاصي إلى الأقاصي ، قرأت الابتهالات في صوت نحيب شوارع المدينة .
قرأته
في الصمت الرهيب على وجوه المارة المسرعين على غير هدى ، وقرأته مرارا ومرارا في أصوات الشباب المحتشد أمام المشفى حتى ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي .
ولازلنا نبتهل إلى الله
أن يتقبل فقيدنا الغالي مع الشهداء والصديقين .
ليلا ..
جلست ونفر من الأصدفاء على أحد الأرصفة المجاورة للمشفى ، كنا لازلنا في حالة الصدمة ، وكنا نتبادل أحاديث غير متماسكة ، ولكن كان لا بد منها ، في انتظار أخبار جرحانا التي كانت ترد تباعا .
وقامشلو المسكونة بالقلق والحزن والتوتر كانت حاضرة في صورة ابنائها ، شبانا وشابات ، رجالا ونساءا ، أطفالأ ، شيوخا ، وكان هذا عزاء لنا ، وتقاسمنا جميعا على تلك الطريق كل ما نملك من مشاعر وأدعية ، ودموع .
منذ حوالي ثلاثة أشهر ، جالسني الفقيد تحت خيمته إئر خروجه من المعتقل ، في ذلك اليوم كنت سعيدا جدا ، ظننت إذ ذاك بأننا على أعتاب مرحلة جديدة مشرقة ، وكان مشعل بطلي الذي كنت أرسم له
صورة مستقبلية في مخيلتي ، تماما كما كان يرسم هو صورة مستقبلية لبلده وأبناء شعبه ، ولم تنتهي أحاديثنا بسرعة رغم ضيق الوقت ، ورغم خصوصية المناسبة ، وكان القاسم المشترك بيننا إذ ذاك بعض الأسماء التي تجمعنا بهم صداقة .
خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة ، كثيرا ما كنت اشد على يده عندما كان يكاتفني وأكاتفه أيام الجمع ، حيث كنا نستقل طريق الحرية ، وغالبا ما كان يتوج المظاهرة بكلماته الني كانت تبعث الأمل في جموع المتظاهرين وكان يسعدني جدا عندما يقول : أبصقوا في وجوه جلاديكم .
في ضحى اليوم النالي لاغتياله ، خرجنا من جامع قاسمو بمائة ألف مشيع ، حملنا جثمانه الطاهر وتوجهنا صوب منزله ، وعند عتبة الخديقة العامة كان بانتظارنا سدا بشريا من عناصر الأمن ،
وانهالت علينا قنابل الغاز الخانقة ، وتاليا تم إطلاق الرصاص القاتل علينا ، وسقط منا أربعة شهداء وجريح واحد .
في اللحظات التي كان موكب الشهيد يهم بالمغادرة إلى مسقط رأسه ومثواه الأخير في الدرباسية ، نظرت إلى صورته الملصقة على سيارة نقل الجثمان ، لامست ملامحه بأناملي لبعض الوقت ، سرت إلى جانبه
بضع خطوات ، خنقتني العبرات ، إلتفت إلى الآلاف من الشباب الذين كانوا يهتفون بلغتنا الكردية العذبة : الشهداء خالدون … الشهداء خالدون .
أدركت آنذاك بأن السارية وإن سقطت ، فإن الراية لن تسقط .
وعندما خرجت إلى الشوارع في تلك الأمسية الآثمة .
وجدت المدينة تبتهل إلى الله ، وكذلك كانت تفعل مدائن الكورد من الأقاصي إلى الأقاصي ، قرأت الابتهالات في صوت نحيب شوارع المدينة .
قرأته
في الصمت الرهيب على وجوه المارة المسرعين على غير هدى ، وقرأته مرارا ومرارا في أصوات الشباب المحتشد أمام المشفى حتى ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي .
ولازلنا نبتهل إلى الله
أن يتقبل فقيدنا الغالي مع الشهداء والصديقين .
ليلا ..
جلست ونفر من الأصدفاء على أحد الأرصفة المجاورة للمشفى ، كنا لازلنا في حالة الصدمة ، وكنا نتبادل أحاديث غير متماسكة ، ولكن كان لا بد منها ، في انتظار أخبار جرحانا التي كانت ترد تباعا .
وقامشلو المسكونة بالقلق والحزن والتوتر كانت حاضرة في صورة ابنائها ، شبانا وشابات ، رجالا ونساءا ، أطفالأ ، شيوخا ، وكان هذا عزاء لنا ، وتقاسمنا جميعا على تلك الطريق كل ما نملك من مشاعر وأدعية ، ودموع .
منذ حوالي ثلاثة أشهر ، جالسني الفقيد تحت خيمته إئر خروجه من المعتقل ، في ذلك اليوم كنت سعيدا جدا ، ظننت إذ ذاك بأننا على أعتاب مرحلة جديدة مشرقة ، وكان مشعل بطلي الذي كنت أرسم له
صورة مستقبلية في مخيلتي ، تماما كما كان يرسم هو صورة مستقبلية لبلده وأبناء شعبه ، ولم تنتهي أحاديثنا بسرعة رغم ضيق الوقت ، ورغم خصوصية المناسبة ، وكان القاسم المشترك بيننا إذ ذاك بعض الأسماء التي تجمعنا بهم صداقة .
خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة ، كثيرا ما كنت اشد على يده عندما كان يكاتفني وأكاتفه أيام الجمع ، حيث كنا نستقل طريق الحرية ، وغالبا ما كان يتوج المظاهرة بكلماته الني كانت تبعث الأمل في جموع المتظاهرين وكان يسعدني جدا عندما يقول : أبصقوا في وجوه جلاديكم .
في ضحى اليوم النالي لاغتياله ، خرجنا من جامع قاسمو بمائة ألف مشيع ، حملنا جثمانه الطاهر وتوجهنا صوب منزله ، وعند عتبة الخديقة العامة كان بانتظارنا سدا بشريا من عناصر الأمن ،
وانهالت علينا قنابل الغاز الخانقة ، وتاليا تم إطلاق الرصاص القاتل علينا ، وسقط منا أربعة شهداء وجريح واحد .
في اللحظات التي كان موكب الشهيد يهم بالمغادرة إلى مسقط رأسه ومثواه الأخير في الدرباسية ، نظرت إلى صورته الملصقة على سيارة نقل الجثمان ، لامست ملامحه بأناملي لبعض الوقت ، سرت إلى جانبه
بضع خطوات ، خنقتني العبرات ، إلتفت إلى الآلاف من الشباب الذين كانوا يهتفون بلغتنا الكردية العذبة : الشهداء خالدون … الشهداء خالدون .
أدركت آنذاك بأن السارية وإن سقطت ، فإن الراية لن تسقط .