خطاب الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري للشعب بمناسبة العيد

 أيها الشعب السوري العظيم أحدثكم اليوم وقد أهل علينا عيد الأضحى المبارك وبلدنا ترزح تحت نير سلطة ظالمة، حولت البلد عبر عقود إلى مملكة وراثية، امتهنت فيها كرامتنا وانتهكت حقوقنا، وأهدرت حرياتنا، وحولتنا إلى أزلام في سجن كبير.

ثم ثرتم أيها الأبطال، وقدمتم الغالي والرخيص فداءً للحرية المنشودة، فلا يكاد يخلو بيت من فقدان أب، أو اغتصاب بنت، أو اعتقال شاب، أو تعد على أطفال.

لقد أثارت شجاعتكم وتصميمكم وقدرتكم على التضحية إعجاب العالم أجمع، وزعزعت أركان الطغيان.

ولم تكونوا في هذه المحنة وحدكم، فقد ألفت تضحياتكم بين قلوب السوريين في شرق البلاد وغربها، ووحدت عزيمتكم إخوانكم في المهاجر من أقصى الأرض إلى أقصاها، وأظهرت الدفين من مواهب وطاقات وإبداعات كل السوريين.
أيها الشعب السوري العظيم 
لن تكون سورية بعد اليوم مزرعة لأحد، كما كانت لعقود طويلة، وإنما وطن الحرية والكرامة لجميع أبنائها.

لن تكون بلد التمييز والظلم والإقصاء، بل وطنا واحدا لشعب سوري موحد، لا حديث فيه عن أكثرية وأقلية بل مواطنية ومساواة، لا يراعي في معاملته مع أبنائه أي اعتبار قومي أو مذهبي أو طائفي أو مناطقي، ولا اعتبار فيه إلا للكفاءة والإخلاص، والمقدرة على البذل والتضحية في سبيل المجموع.

سيحمي دستور سورية الجديدة الأقليات، وسيرعى حقوقهم، وسينال فيها الكرد ما حرموا منه من حقوق وما عانوه من تمييز.

ستفصل في سورية الجديدة السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، ستحاسب فيها الحكومة المقصرة وستكون السلطة بيد الشعب يقرر من يحكمه عبر صناديق الاقتراع.

ستكون سورية المستقبل دولة الحق والقانون، يتساوى فيها الجميع أمام القضاء المستقل، ويكون للجميع الحق ذاته في تشكيل المنظمات والأحزاب والجمعيات، والمشاركة في صنع القرار.

أيها الشعب السوري العظيم 
في كل يوم يمر، وفي كل قطرة دم تسيل، نتقدم خطوة جديدة على طريق الحرية، ويغرق النظام المستبد في النفق المظلم الذي سيقوده إلى حتفه المحتم، كما قاد من سبقه من أنظمة الفساد والقهر.

إن سنن الكون والتاريخ ثابتة، ومآلاتها لا تتغير، ونتعلم منها أن من يضرب شعبه ويعتقل شبابه ويستبيح أعراضه ويسرق بلده خائن، وأن مصيره – لا محالة – إلى السقوط والمحاكمة، وحكمه إلى زوال.

أيها الشعب السوري العظيم 
إن المجلس الوطني السوري يخوض المعركة السياسية في الداخل والخارج معكم وبإسمكم، هو مجلسكم، وهو وسيلتكم لإسماع صوتكم إلى العالم والدفاع عن قضيتكم، وأعضاؤه رفاقكم في معركة الحرية العظيمة.

لقد شرفنا جميعاً، وأثلج صدورنا تأييدكم للمجلس الوطني، ودعمكم له، ونعدكم بألا نوفر جهداً ولا وقتاً في سبيل إسقاط هذا النظام المستبد.

لن نفاوض على دماء الضحايا والشهداء، لن نساوم على آهات الثكالى وأنات المعتقلين، لن نقع في مطبات النظام ولن تنطلي علينا حيله وألاعيبه.

نحن في المجلس الوطني نؤمن بأن غاية النظام وراء أي مبادرة أو تحرك هو كسب مزيد من الوقت لا أكثر، ولن ينفعه ذلك.

إننا ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عواتقنا، ونشعر بكل معاناتكم، لكن التحديات التي تواجهنا كبيرة وعظيمة، وأهمها بناء مؤسسة صلبة تكون قادرة على إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية.

وهذا لا يمكن أن يحصل كله في غضون أيام رغم التقدم السريع الذي نحرزه.

لقد تقدمنا إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، بطلب رسمي لحماية المدنيين في سورية عبر اتخاذ قرارات ملزمة بإرسال مراقبين دوليين.

والخيارات أمام المجلس كثيرة ولا نستثني منها شيئاً.

أيها الشعب السوري العظيم 
في هذ اليوم الفضيل نتوجه إلى جنودنا الأحرار، الذين رفضوا تنفيذ الأوامر الجائرة، وغامروا بأرواحهم وذويهم للدفاع عن إخوتهم وحماية مسيراتهم السلمية.

نقول لهم إن السوريين لن ينسوا ما أظهرتموه من الروح الوطنية الحقة، والالتزام بالواجب وندعو الجيش السوري أن يحذو حذوكم في احترام قسمه في حماية الوطن والمواطنين ، لا حماية طغمة حاكمة، وألا يطيع المرؤوسون قادتهم في إطلاق النار على الشعب المسالم الأعزل، فليس من عذر لاحقاً لأي جندي بأنه كان يتبع الأوامر العسكرية.

نتوجه إلى أبناء شعبنا الذين لا يزالون مترددين أو خائفين، لنطمئنهم ونقول لهم، إن هذه الثورة ثورتكم، وهي لكم مثلما هي لنا، أنتم أخوتنا، حرمة دمكم من حرمة دمنا ومصير أبنائكم ومستقبلهم من مصير أبنائنا ومستقبلنا.

أيها الشعب السوري العظيم 
لن ينسى السوريون جميعاً من وقف مع ثورتهم وساعدهم وساندهم في نيل حريتهم، من الدول والمنظمات، ولن نتوانى في حشد الدعم والتأييد الدوليين لقضيتنا العادلة، رغم مواقف بعض الدول التي آثرت الإصغاء للنظام، والانسياق في الدفاع عنه.

لقد سقط نظام الطغيان ولن تقوم له بعد اليوم قائمة.

لكنه لا يزال يراهن مخطئاً على دفع البلاد نحو الفوضى والحرب الأهلية، وضماننا الوحيد في إفشال مخططه هو وحدة صفنا، وتعاضدنا، والاستمرار في طريقنا حتى النصر 

أيها الشعب السوري العظيم 
إن مستقبل سورية يُصنع اليوم، سورية الجديدة التي نتمناها، نطمح إليها ونعمل من أجلها، سورية الحرية لا سورية الاستعباد، سورية الكرامة لا سورية التمييز، سورية المحبة لا سورية الحقد، سورية الأخوة لا سورية الضغينة، سورية التقدم لا سورية التخلف.

على عاتقنا جميعاً يقع اليوم واجب تحرير هذا البلد العظيم، وإنقاذه، وإعادة الحياة إليه، والوصول به إلى هذه الصورة البراقة المشرقة، وليس ذلك علينا ببعيد 

الرحمة لشهداء الحرية والكرامة، والشفاء للجرحى والمصابين، والحرية للشباب المعتقلين 

عاشت سورية حرة أبية، وعاش الشعب السوري العظيم سيداً وواحداً وكل عام وأنتم بخير 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…