خانات المعادلة الكردية السورية

  *ابراهيم مراد
 

مع دخول الثورة السورية شهرها الثامن وتجاوز عدد الشهداء سقف (5000) شهيد فضلا عن الجرحى والمعتقلين واللاجئين يبقى الموقف الكردي السوري منقسما تجاه ما يجري في الساحة السورية فالشارع المتمثل بالتنسيقيات وعدد من الاحزاب حسم خياراته باتجاه العمل على اسقاط هذا النظام القمعي وانضمت الى المجلس الوطني السوري، فيما بقيت الاحزاب التسعة على موقفها المطالب بالحوار مع السلطة وأدركت بأن البساط يسحب من تحت قدمها شيئا فشيئا فجاء المؤتمر الوطني الكردي كي يعيد اليها بعض من ماء الوجه الذي فقدته طوال الشهور الماضية، فيما حسم (ب ي د) موقفه بالبقاء مع هيئة التنسيق الوطنية ولاءاتها الثلاث لا للعنف ولا للتدخل الخارجي ولا للطائفية.
الانقسام في الرؤية من الثورة السورية بالنسبة الى الكرد يعود الى عدة امور يظل اكبرها التاثير الكبير الذي تمارسه الاحزاب الكردستانية في الشمال والجنوب وتدخلها في الشأن الكردي السوري بدون ان يدركوا بأن الكرد في سوريا فطموا وتجاوزا حالة فقدان الاهلية السياسية، وايضا عدم قدرة الكرد في ظل هذا الانقسام من فرض رؤيتها على قوى المعارضة العربية.

 
تشتت القرار السياسي الكردي تجاه ما يجري في سوريا من ثورة اذهلت العالم بقدرتها على الصمود في وجه آلة الحرب القمعية، ينبع من عدم قدرة هذه القوى على ادراك حجم المتغيرات والتغيرات التي ستشهدها المنطقة ومازلت تحت هول المفاجاة  غير مستوعبة للنتائج التي يمكن ان تتمخض عن ما يسمى الربيع العربي.
الحل في موضوع الكرد السوريين هو محاولة الارتقاء بها من قضية قومية محلية يتحكم بها الاحزاب الكبيرة في كردستان التاريخية وتسخرها لخدمة مصالحها الى قضية سورية وطنية يمسك فيها الكرد السوريين بكامل خيوطها ويكونوا فاعلين في اللعبة السياسية التي ستجري فصولها القادمة في دمشق، ويكفيهم الانصياع والرضوخ الى تلك القوى كي تمنح الشرعية او تنتزعها في مواجهة الاخر، وعلى كل القوى الالتفات الى الشعب الكردي السوري لمعرفة طموحاته واهدافه في خضم المرحلة الحالية ومحاولة وضع نهج متوازن بهدف تحقيق تلك الاهداف.
وعلى القوى الاقليمية الكردية من جانب أخر ادراك ان اهل مكة ادرى بشعابها وأن الكرد السوريين قادرين على اتخاذ القرار السياسي السليم في هذا الوقت العصيب وعليهم الاعتراف باننا فقسنا ونفضنا عن انفسنا تراب السنوات السابقة التي كنا فيها مطية يركبها كل من هب ودب ويجعلنا ورقة ضغط بيد هذا الطرف او ذاك.
واذا اراد اي طرف من تلك القوى لعب دور حقيقي فيجب ان يكون بموافقة جميع الاطراف الداخلة في المعادلة الكردية السورية ويجب عدم استثناء او اقصاء اي طرف من الحوار وعليهم الانتقال من خندق المصلحة الحزبية الضيقة الى المصلحة الكردية العليا.
فيكفي الكرد في سوريا المعاناة التي لاقوها من النظام القمعي السوري طوال فترة خمسين سنة الماضية وما طبقه من مشاريع عنصرية اسهمت في افقاره واخراجه من دائرة التاريخ وجعله مغتربا غريبا في بلده فلا حقوق ولا اعتراف ولا امكانيات  فضلا عن التجريد من الجنسية واستقدام العرب الى مناطقنا ومنحهم خيرة اراضينا، الا يكفي بعد كل تلك المشاريع والمعاناة والظلم ان يكون قرارنا بايدنا وتجلعنا نلتفت الى انفسنا ونعرف من الصالح ومن الطالح في المعادلة الحالية.
على الكرد السورين اذا ارادوا الاستفادة من هذه الثورة ان يتحدوا شارعا واحزاب وقوى فاعلة وان يتخلى كل واحد منه عن مصالحه الشخصية في سبيل ان يسير المركب بنا قبل ان نغرق فيه جميعنا وعلى الزعامات التقليدية ان تدرك بان زمن ديكتاتورية القرار قد انتهى، فقد افرزت الثورة السورية في كردستان سوريا قوى بات من المستحيل تجاوزها والقفز عليها وبات عليها ان تعلم بان عليها التنازل عن رؤيتها في اقصاء الاخرين وتهميشهم وتفسح المجال امام الجميع في رسم صورة ورؤية المستقبل.

*كاتب كردي سوري مستقل

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…