نقابات العمال في سوريا … مع العامل أم ضده

افتتاحية صوت الأكراد *

كانت نقابات العمال في العالم ومنذ نشوئها , عبارة عن تنظيمات عمالية تناضل من أجل تحقيق حقوقهم وتأمين مطالبهم المشروعة , وكذلك من أجل رفع الغبن والظلم اللاحق بهم جراء استغلالهم في قطاعات عملهم, وذلك عبر جميع الوسائل والطرق المتاحة من احتجاجات و تظاهرات سلمية وإضراب عن العمل بغية تحقيق مطالبهم , وهي تعتبر من الأساليب الحضارية في قيادة العمال في العالم.

 

إن من أهم الشـروط والأسس التي تبنى عليها النقابـات العمالية استقلاليتها , وأن لا تكون مسيرة من قبل أي طرف أو أي جهة , و أن يكون الهاجس الوحيد لها تحقيق مطالب العمال ورفع الظلم عنهم (وهو جوهر النقابات العمالية).
إلا أن واقع النقابات العمالية في سوريا , واقع يرثى له , فهذه النقابات وبمختلف قطاعاتها تتبع للاتحاد العام لنقابات العمال في سوريا , يقودها حزب البعث العربي الاشتراكي
” الذي نصب نفسه حزباً قائداً للدولة والمجتمع ” فهو حتمياً قائدٌ للنقابات أيضاً , أفرغت النقابات من مضمونها , أهدافها – مطالب العمال – حقوق النقابات – واجباتها باتت مهمشة تماماً , إلا ما ندر (وطبعاً ما توافق مع مصالح المتنفذين في النقابة).
ولمعرفة الواقع الفعلي للنقابات في سوريا , نسلط الأضواء على نقابة المواد الغذائية والسياحة وكذلك نقابة المهندسين الزراعيين , والتي تعتبر أمثلة حية على ما وصلت إليه النقابات من واقعٍ متردٍ فاللجنة النقابية في فرع القامشلي – المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب – التابعة لنقابة المواد الغذائية والسياحة لجنة معطلة الدور تماماً, منذ انتخاب أعضائها وصولاً إلى مؤتمرها , فالانتخابات التي جرت كانت تقريباً معروفة النتائج, وخاصة تم زيادة نسبة الجبهة الوطنية التقدمية على حساب نسبة المستقلين فيها, بالإضافة إلى حتمية أن يكون رئيس اللجنة بعثياً, فماذا يفعل مندوب مستقل أمام الأغلبية المطلقة المفروضة عليه من قبل الجبهة , وحتى هذا المستقل يكون مكبلاً بقيود قاسية إن تجاوزها يصطدم بإجراءاتٍ أقسى (كما حدث مع النقابي جان رسول , الذي أعتقل لمجرد طرحه مطلباً عمالياً على النقابة , وهذا من أبسط حقوقه , بل من واجباته), فإن لم يكن مسموحاً بطرح المطالب العمالية , فما هو المبرر لبقاء النقابات إذاً ..

لم تحرك النقابة ساكناً بالنسبة لحقوق العمال (المهمات – أذونات السفر – الضمان الصحي – تعويض مسؤولية – الإضافي “حيث حتى الآن لم يتم منح العاملين في مكتب الحبوب إضافي الموسم 2008 ” – اللباس – إضافة الترفيعات إلى رواتب العمال الذين تم تثبيتهم ” وقد قاموا برفع دعوى , ولكن حتى الآن دون جدوى” – تأمين الوجبات الغذائية الصحية من بيض وحليب , وخاصة أن أغلبية العمال يتعرضون لمواد التعقيم ….

وغيرها الكثير الكثير من الحقوق التي لا تصل إلا لفئة قليلة من العمال).

أما بالنسبة لنقابة المهندسين الزراعيين , فيكفي أن نذكر هذه النقاط المأساوية التي يعاني منها المهندس الزراعي , لندرك مدى تقصير هذه النقابة , على الأقل إلى يومنا هذا:
– وجود عدد كبير من المهندسين الزراعيين لم يتم تعيينهم بعد تخرجهم (الدورة 2003 م), وهذا ما يتعارض مع نص الفقرة (أ) من المرسوم التشريعي رقم /6/ لعام 1975م والذي هو ضمن مدة الالتزام بالتعيين.
– وجود أعداد كبيرة من المهندسين الزراعيين الكرد محرومين من التعيين في القطاع الحكومي كونهم مجردين من الجنسية نتيجة للإحصاء الجائر عام 1962 م الذي جرد بموجبه عشرات الآلاف من أبناء الشعب الكردي من جنسيتهم.
– عدم فرز المهندس الزراعي حسب اختصاصه , بل يتم الفرز بشكل اعتباطي.
– خلال موسم 2008 م أرهق كاهل المهندسين الزراعيين العاملين في الوحدات الإرشـادية من خلال ملاحقة المزارعين ومحاصيلهم , وكان ذلك دون مقابل.
والجدير بالذكر أن هذه المطالب ترفع بشكل توصيات تضيع أغلبها في الرفوف (تم اعتبار هذه المطالب توصيات في مؤتمر نقابة المهندسين الزراعيين الثالث والثلاثون المنعقد في تدمر آذار 2008م ,باستثناء فقرة المهندسين المجردين من الجنسية).

وهذا غيض من فيض (والأمر نفسه أيضاً بالنسبة لباقي النقابات), وما سبق ذكره عبارة عن نداء للنقابات العمالية في سوريا لأخذ دورها ومكانها الحقيقي , بالدفاع عن الطبقة العاملة لتستحق بجدارة الاحترام والتقدير وتكون محط آمال العامل  , فهذا نداءٌ فهل هناك حياة لمن ننادي ؟؟!!
——
لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (406) أب 2008


لقراءة مواد العدد انقر هنا  denge.kurd_406
 

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…