بين مسألة الحظر النباتي واستمرار منع زراعة المحاصيل الباذنجانية
ولعلّ خطورتها تكمن في أنها من الحشرات التي تتشكل لديها مقاومة قوية تجاه المبيدات المستخدمة في مكافحتها، إذ تنتج أجيالا مقاومة لأيّ مبيد يستخدم.
من سيعوض لهؤلاء الفلاحين زراعتهم للمحصول المذكور أو منعهم من زراعته، ولاسيما بعد الظروف الاقتصادية الصعبة العامة التي تمرّ بها الجزيرة عموماً؟
قرارات المنع
إنَّ عمليات المنع التي تمَّت أضرَّت بالفلاحين في تلك المناطق، والتعويضُ كان قليلا وضعيفاً بحسب الفلاحين، الذين أكدوا أنَّ قرار المنع جاء لينهي أيَّ أمل في تعويض ما لاقاه الفلاحون من الجفاف وظروف زراعة الحبوب وتردي الموسم لهذا العام..
ومقارنتها بالأسعار والفائدة التي كان سيجنيها الفلاح من بيع محصوله.
وقد ذهب البعض إلى أنَّ تقديرات المساحات المزروعة بالباذنجانيات كانت خاطئة بحسب الفلاحين، وهذا ما صرَّح به أحد الفلاحين، الذي أكد معاناتهم من الاستمرار في منعهم لثلاث سنوات؛ “رغم اعتقادنا بأنَّ هذا المنع لمصلحتنا لكن الظروف الاقتصادية الصعبة وخلو مزروعاتنا منها يعطينا الحق -وخاصة لعدم وجود موسم القمح والحبوب لهذا العام- بأن نقوم بزراعة الباذنجانيات”.
وذهب فلاحٌ آخر إلى أنَّ “التعويض لايتناسب مع حجم وتكاليف مزروعاتنا؛ فالتعويض لم يكن بالمستوى المطلوب”.
كما أكد أكثر من فلاح أنَّ تقدير المساحات كان خاطئاً والتعويض لم يتناسب مع ارتفاع هذه المواد حالياً؛ إذ تمَّ -وبحسب الفلاحين- تعويضهم بمبالغ تراوحت بين 12-15 ألفاً للدونم الواحد، والأسعار الجديدة للمازوت أيّ لكل متر مربع 15 ل.
س.
وتعدُّ دائرة زراعة اليعربية المتاخمة للحدود العراقية المعنية الأساسية بهذه المكافحة؛ نظراً لإشرافها على أكثر من مئة قرية حدودية، وتتبعها ست وحدات إرشادية، هي: “وحدة الإرشادية في اليعربية، وإرشادية الحرية، وإرشادية الدردارة، وقلعة الهادي، وخربة البير، وتل علو” حيث التزمت بقلع كافة المحاصيل، في حين بقيت بعض المشاريع الزراعية لبعض الفلاحين الذين لم يلتزموا بالمنع وزرعوا تلك المحاصيل كما في وحدة تل علو الإرشادية، وعددهم ثلاثة مشاريع زراعية، وتمَّ تنظيم ضبوط حينذاك بهم، وكذلك في وحدة قلعة الهادي، وبقيت مشاريع دون قلع (اثنا عشر مشروعاً زراعياً).
وهو ما قامت به دائرة زراعة اليعربية؛ إذ عملت على تنظيم الضبوط بحقّ المخالفين، واقترحت حينذاك كتاباً رقم 676/ ص- تاريخ 2/9/2007، بتقليل مسافة المنع إلى 20 كم، لعدم وجود إصابات في العام 2007 م.
وبعدها، بلغت المساحة، التي جرى فيها قلعُ نباتات العائلة الباذنجانية 3818 متراً مربعاً و12035 شتلة، موزعة على نطاق الحزام المحدود بـ30كم عن الحدود العراقية، والتي زرعت فيها نباتات العائلة الباذنجانية والمخالفة للتعليمات، كما تمَّ تنظيم ضبوط بحقّ جميع المساحات المخالفة، من قبل لجان ودائرة عمل زراعة اليعربية.
وفي هذا العام، فإنَّ استمرار منع زراعة الباذنجانيات وارتفاع سعر المازوت، أسهما في عدم زراعة أيّ محاصيل باذنجانية في المنطقة للعام 2008م.
ضرر اقتصادي
وعن مدى خطورة الحشرة، يقول المهندس الزراعي هاكوب صابونجيان رئيسُ دائرة زراعة اليعربية الحدودية: “إنَّ حشرة الكولورادو تتغذَّى في كافة أطوار حياتها (طور الحشرة الكاملة واليرقة) على أوراق العائل، أي الورقة الحاضنة لبيوضها، وتؤدي الإصابة إلى تعرية الأوراق، حيث تختلف درجات الضرر الاقتصادي حسب مرحلة نمو العائل”.
ويكمل: “لذا صدرت القرارات بعدم زراعة الباذنجانيات (بطاطا- باذنجان- بندورة- فليفلة) على عمق 5 كم عن الحدود السورية – التركية، و30 كم عن الحدود السورية – العراقية؛ نظراً لظهور الإصابات الحشرية على الجانب العراقي، ولأنَّ هذه الفصيلة من الخضروات تشكل الغذاء الرئيسي الأساسي لحشرة الخنفساء.
وإنَّ التزام الفلاحين بعدم زراعتها يسهم في منع انتشارها”.
وبحسب المهندس صابونجيان، الحجر النباتي يكون عادة على لثلاث سنوات، أولها 30 كم، وبعدها تقلّ شيئاً فشيئاً في حال عدم ظهور أيّ إصابة.
وسيكون بإمكان الفلاحين الزراعة في الصيف القادم في حال عدم ظهور إصابات أولا.
وبحسب تعليمات وتوجيهات زراعة المحافظة، يبقى قرار المنع لضرورات تراها في مصلحة الفلاح والزراعة في المنطقة لدورة زراعية أخرى أو أكثر.
وتختلف درجات الضرر الاقتصادي حسب مرحلة نمو العائل.
إجراءات مديرية الزراعة في المحافظة بحسب رئيس شعبة الإرشاد الزراعي في المالكية المهندس الزراعي حسين إسماعيل كانت:
أولا: جمع الحشرات بكافة أطوارها من الحقول المصابة.
ثانيا: قلع كافة النباتات المصابة وغير المصابة في وحدة المساحة المزروعة خلال الموسم الحالي.
ثالثا: معاملة التربة بالمبيدات المناسبة بعد عمليات الجمع والقلع والحرق.
رابعا: ترك حزام أمان (منطقة عازلة) مع الحدود السورية العراقية والسورية والتركية، وعدم زراعة الخضراوات من العائلة الباذنجانية في هذه المناطق.
كما وجهت عشرات المحاضرات والبروشورات التوجيهية، وعملت على حثّ شعب الإرشاد الزراعي لإقامة محاضرات ميدانية، وتفعيل حماية ووقاية النبات.
كما أكد المهندس أحمد عيادة رئيسُ الوحدة الإرشادية في اليعربية أن من أهم معوقات محاربة هذه الحشرة بقاؤها تحت الأرض على عمق نصف متر، والذي قلما تصل إليه المحاريث عند تقليب الأرض، لذا تنضج وتهاجم الأوراق.
كما أنَّ كتامة قشرتها الكيتينية القوية تمنع من قتلها، ويصل عمقها إلى 1.5-3م، لوضع البيوض، ولا يستطيع أيّ محراث قتل هذه الحشرة.
وجهة نظر
تعدُّ الجزيرة السورية من المناطق الرئيسة في إنتاج المحاصيل الرئيسة (حبوب وقطن).
وهي بالإضافة إلى ذلك، لها دور رئيس في إنتاج المحاصيل الباذنجانية، سواء للاستهلاك المحلي أم للبيع والتصدير إلى خارج المحافظة والقطر سابقاً.
لكنَّ واقع هذه الزراعة قد قلَّ وتراجع كثيراً في السنوات الثلاث الأخيرة، ومردّ ذلك إلى منع زراعته في الشريط الحدودي مع كل من تركيا والعراق وعلى أعماق تصل إلى ثلاثين كيلومتراً؛ نتيجة ظهور بعض الإصابات الحشرية النباتية لهذه المحاصيل الباذنجانية، وبالأخص حشرة الكولورادو القادمة من الخارج..
والسؤال: ألم يحن الوقت الفعلي ليباشر الفلاحون زراعة هذه المحاصيل؟؟.
—- بلدنا —–