ماذا حدث في دمشق

فتح الله حسيني

قبل أن تتوجه الجماهير الكردية المخلصة، على اختلاف انتماءاتها الآيديولوجية، ويوحدها الكردايتي، من مناطق سكناها في المناطق الكردية في سوريا، محل الاشكال دوماً، الى العاصمة دمشق، مركز القرار السري السوري، ومركز المخابرات والقمع، وآلة التهليل، كانت في نية تلك الجماهير، الرافضة لقرار سلطوي، وهي وراء قادتها، التعبير سلمياً عن مطالبتها، بالغاء المرسوم 49 الصادر مؤخراً عن أروقة القصر الجمهوري السوري بلا أدنى احترام لمشاعر الشعب الكردي، والضرب بشرعيتهم عرض الحائط، عبر المرسوم المشؤوم، رغم أن أولئك الكرد، هم الذين خدموا الدولة السورية الحديثة والمعاصرة منذ بدايات تأسيسها الى الراهن المقيت الأسود كالزنازين.
ان اعتقال قوات الأمن، وبشكل عشوائي مفرط، لاغلب القادة كرد في سوريا له معاييره، واعتقال ما يقارب 185 كردياً مخلصاً، له معاييره أيضاً، ولكن لكل شئ تعابيره وافصاحاته الواضحة، إزاء صمت البعض الآخر، البعض اللامسؤول، المتواري خلف جلابيب أبيه، وكأن ما يحدث في دمشق لايهم، هو حدث في أقصى معاييره وهيجانه قابل للمساومة، وكأن ما حدث في دمشق الكبرى، من أعمال كبرى حدث يجري في حانات هونولولو.
على الدوام قابل المخابرات وغرف توقيفه الجاهزة المعتمة، سلام الكرد الأصلاء بالحروب المفتعلة، وقابل مطالب الكرد الشرعية بالاعتقال اللاشرعي، وعلى الدوام منحت ورسمت الصورة الأكثر قتامة للقضية الكردية في سوريا، متناسين، أولئك المخابرات، أن للقضية الكردية منحى آخر في الوقت الراهن، بعد كل هذه التحولات في المنطقة، بل كل هذه التحولات والمتغييرات الجارية في العالم بأسره.
سدة الحكم السوري مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى وولى، بالإجابة على استفسارات الكرد الكثيرة والملحة، لأن الكرد بكل بساطة الأكثر تمسكاً في المطالبة بحقوقهم، في سوريا، ولم يبخلوا يوماً بالدفاع عن سوريا كوطن تحول الى كفن، كفن كبير.
لا نريد لسوريا ان تكون قفصاً كبيراً، ولا نريد المراهنة على جمال وطن نمتّ اليه ونتمسك به، ولكن يهمنا كثيراً أن ندافع عن مبادئنا بكل ما فينا من قوة وقوى، لأننا منتمون الى هذا الوطن الذي يرفضنا، ويرفضنا بكل قوة.
والكرد بالنهاية هم قانون الله الأكثر قساوة على الأرض..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…