لهذه الأسباب تركنا صفوف حزب العمال الكردستاني

عبد الرحمن علي

تحت هذا العنوان، نشرت عدة مواقع إلكترونية كردية مقالة للقائد الميداني السابق لـ “قوات حماية الشعب”، الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني – نظام الدين تاش –، يتعرض فيها لأسباب إنشقاقه عن الحزب الأوجلاني، مؤكدا ماذهبت إليه أوساط سياسية وصحافية كردية في أن قرار إستئناف الحرب في عام2004 أتخذ من جانب – عبدالله أوجلان – بأمر من هيئة الأركان في الجيش التركي، وذلك بهدف الإبقاء على النفوذ الطاغي للجيش في الحياة السياسية في البلاد، والحد من شعبية حزب العدالة والتنمية ذو التوجهات الإسلامية، التي يرى الجيش فيه الخطر الأعظم الذي يهدد أسس الجمهورية العلمانية التي يعتبر العسكر أمر حمايتها وترسيخها أقدس مهامهم على الإطلاق.

وكان – تاش – الملقب ب”بوتان روزهلات” و الذي يعد أحد أهم القادة الميدانيين في الحزب قد إنشق في عام 2004 بمعية كوكبة مهمة من الكوادر الحزبية المتقدمة من أهمهم – أوصمان أوجلان – شقيق – عبدالله أوجلان – الأصغر و – كاني يلماز– المسؤول السابق لتنظيم الحزب في أوروبا (أغتيل في 11/2/2006 في مدينة السليمانية في كردستان العراق على يد مجموعة تابعة لحزب العمال الكردستاني)، وأنشئوا حركة جديدة أطلقوا عليها إسم – حزب الوطنيين الديمقراطيين الكردستانيين – معلنيين نبذهم للكفاح المسلح وداعين السلطات التركية إلى الحوار من أجل حل القضية الكردية في تركيا سلميا على أسسس فيدرالية في إطار وحدة أراضي البلاد.

يكتب – تاش – في مقالته بأن قيادة الحزب في أغلبيتها الساحقة كانت على (إعتقاد راسخ بأن زمن الكفاح المسلح قد ولى، وبأن إستئناف الحرب لن يفيد الكرد، بل أنه على العكس من ذلك تماما يصب في صالح القوى الفاشية والعسكرية في تركيا ويعزز مواقعها).

ويستطرد قائلا: (في عام 2000 إتخذنا قرارا بسحب كافة قواتنا من تركيا إلى كردستان العراق، لكن ذلك لم يرق لقيادة الجيش التركي التي بادرت فورا إلى الإتصال ب”عبدالله أوجلان” حيث تم الإتفاق بين الطرفين على إبقاء قوة من الأنصار قوامها 500 مقاتل في كردستان تركيا من أجل إتخاذها ذريعة لخرق الهدنة القائمة آنذاك و إستئناف العمليات العسكرية من جديد).

قرار إستئناف العمل العسكري أتخذ في إجتماع عقد في جبال كردستان العراق بمشاركة فعالة من جانب محاميي السيد – عبدالله أوجلان – وعلى الخصوص المحامي – محمود شاكار – المعروف بعلاقاته الوثيقة بزعيم حزب العمال الكردستاني وأوساط الجيش التركي على حد سواء، وقد تزامن إستئناف الكفاح المسلح مع تقنين طروحات السيد أوجلان عن”الجمهورية الديمقراطية” التي باتت تطرح كهدف الحزب الإستراتيجي لتحل محل كردستان المستقلة و الموحدة الذي كان شعار الحزب الرئيسي لأكثر من عقدين من الزمن في تدن مريع لسقف المطالب المطروحة مما خلق بلبلة حقيقية في صفوف كوادر الحزب على الخصوص العسكرية منها وطرح تساؤلات ملحة تتصل بماهية الشعار الجديد وغموض مضامينيه، ووجود إمكانية فعلية لبناء الديمقراطية بأساليب لاديمقراطية أساسا، مما دفع قيادة الحزب إلى زج مسألة حرية السيد أوجلان في الميدان كمبرر لسلوك طريق الحرب ضد الدولة التركية.

عن هذا الأمر يكتب – تاش – قائلا: (يبدو أن حزب العمال الكردستاني مصر على خوض الكفاح المسلح من أجل بناء “الجمهورية الديمقراطية” وهو ماكلف حياة المئات من أبناءنا حتى الآن، لكن الشعب الكردي لايتقبل هذه الفكرة أساسا، ولهذا أقحم الحزب مسألة أطلاق سراح – عبدالله أوجلان – في الأمر للتعتيم على ذلك).

ماالذي الذي تحقق من أهداف الحزب منذ ذلك الحين؟ لاشئ على الإطلاق.

ف”أوجلان” لايزال معتقلا، والوضع السياسي والإقتصادي والأمني للشعب الكردي في شمال كردستان يسير من سيئ إلى أسوء، و جمهورية أوجلان المفترضة لم تر النور بعد، ومن المشكوك فيه أن ترى النور يوما ما، وأغلبية دول العالم لاتزال تدرج إسم حزب السيد – أوجلان – على قائمة الإرهاب، وحهود المناضلين الحقيقيين في الحزب وفي مقدمتهم المناضل الكبير – مراد كره يلان – ورفاقه الميامين وحدها تحول حتى الآن دون زج الحزب في صدام مع إقليم كردستان العراق وهو مايحرض عليه السيد – أوجلان – في رسائله الإسبوعية إلى أنصاره من معتقله في جزيرة – إيمرالي – التي تمرر تحت أبصار السلطات التركية وبموافقتها.

المستفيد الرئيسي من الوضع هي القوى العنصرية الكمالية العسكرية والسياسية ممن تنكر وجود الكرد ناهيك عن الإعتراف بحقوقهم، والخاسر الأكبر هو الشعب الكردي والديمقراطية في تركيا.

لقد ساهم الحزب بإرتهانه لساسيات زعيمه التصفوية واللامسؤولة إلى تحويل ذاته – أي الحزب – إلى مجرد أداة في يد أشد القوى معاداة للشعب الكردي في لعبة سياسية غير نظيفة بين العسكر والعلمانيين، وهما فريقان قد يختلفان على كل شئ، لكنهما لايختلفان قيد إنملة في معاداتهما للحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في الحرية وتقرير المصير أسوة ببقية شعوب عالمنا الواسع.

في ختام مقالته يكتب تاش: ( نحن ببساطة رفضنا أن نتورط في حرب أتخذ الجيش التركي قرار إعلانها، رافضين بذلك تحمل وزر الجرائم التي سترتكب فيها).

عن “إيلاف” http/www.elaph.com/Web/AsdaElaph/2008/11/384700.htm

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…