الحركة الكردية في سوريا إلى أين .. ؟

دنكي كرد *

ودع شعبنا الكردي في سوريا ذكرى خالدة وعزيزة على قلب كل فرد وعائلة كردية عانت وتعاني الاضطهاد والقهر والحرمان ألا وهي ذكرى تأسيس أول تنظيم سياسي كردي في سوريا رأى النور وتحديداً في الرابع عشر من حزيران عام 1956 م من القرن المنصرم حيث تم تأسيس أول حزب كردي بعد مخاض عسير وصراع مرير مع الشوفينين والمضطهدين وكانت حركة ذات طابع قومي صرف , وشملت كافة شرائح المجتمع الكردي في سوريا وبما أن مفهوم الكردي السوري لم يكن قد تبلور تماماً حينذاك في أذهان القادة المؤسسين الأوائل وسيطرة العقلية الشمولية وتجاهل بعضهم إلى حد ما التحولات الإقليمية آنذاك .

 

    ولذلك نقول بأنهم لم يأتوا من الفراغ أو العدم بل كانوا حاملين في جعبهم هموم شعبهم لأن التجارب قد علمتهم وأعطتهم الدفع والثبات أكثر , وبما أن هؤلاء القادة النخبة عاشوا جراحات مريرة وإخفاقات متتالية وعميقة نتيجة انهيار العديد من الثورات والانتفاضات الغير متكافئة كثورة شيخ سعيد بيران عام 1925 م وثورة آكري و آرارات عام 1927 م بقيادة إحسان نوري باشا …..

ذات طابع قومي وسياسي وأكثر تقدماً وتميزاً وتلاقحت أفكارهم مع أفكار نيرة ومميزة ومنهم أنصار ومؤسسي جمعية (خويبون ) عام 1927 م حيث كان يجمعهم الهم القومي لذا تم الإعلان عن الحزب ليخدم الكل ونتيجة هذه الرؤى انبثق  أول تنظيم سياسي كردي ليخص أكراد سوريا وإعلان البارتي الديمقراطي الكردي في سوريا عام 1957 م , ولقناعتهم المطلقة استحالة تشكيل أي حزب أو حركة كردستانية خاصة بعد رسم الحدود بين سوريا وتركيا , وإنتهاء جمعية خويبون بشكل كامل بعد الحرب العالمية الثانية.

وكان إعلانه كحالة سياسية جديدة التفت الجماهير حولها و فيما بعد تغيرت الظروف و الاوضاع فلجأت السلطات حينئذٍ إلى أخذ الإجراءات الشوفينية والقمعية و الملاحقات و الاعتقالات بحق هؤلاء القادة وهذا التنظيم وتحديداً زمن الوحدة السورية المصرية عام 1959 م وإيداعهم السجن واتهامهم بالخيانة ونتيجة هذه الضغوطات من قبل الدولة ولسوء تصرف بعض القادة تراجع الدور الإيجابي والنضالي للحزب وبدأت الأزمات المستعصية تنخر الهيكل التنظيمي وتفتت الجوانب الإيجابية وانقسم الحزب إلى تيارين غير واضح الملامح يسار ويمين وذلك في ستينات القرن الماضي حيث بدأت الانشقاقات والمزاودات و تحول الحزب عن مهامه القومية إلى المهاترات وفتح المجال للإنتهازيين والوصوليين و فيما بعد تعاقبت الانشقاقات السرطانية الخطيرة مما زاد الطين بلة ولم تكن هذه الانقسامات الحاصلة في الحركة الكردية سوى مؤشراً سلبياً وغير مشجع في دفع القضية الكردية إلى الأمام بل كانت أداة تراجع وانحطاط  بهذا الشكل أو ذاك وتراجعت هذه الأحزاب عن طموحاتها ودورها الريادي .
   واليوم نحن أمام عصر الثورة الصناعية الكبرى وأمام ثورة المعلومات والقرية الواحدة وأمام تكتلات إقليمية واسعة وجديدة وخاصة بعد أحداث 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية .

سؤال يطرح نفسه على الأحزاب والحركات و المثقفين و المهتمين بالشأن الكردي إلى أين ولماذا لم نوحد كلمتنا ولماذا لا يكون هناك مرجعية تجمعنا جميعاً أسوة بغيرنا وخاصة في القضايا المصيرية لشعبنا .

وهل لدينا الاستعداد لذلك ؟؟؟وهل نملك الآليات اللازمة للتعامل مع تحديات العصر ؟؟؟ أما آن الوقت ….

أم هناك أيدٍ خفية وقوى خارجة عن إرادتنا ، لذا نحن مطالبون ومسئولون أمام شعبنا ودماء شهدائنا تاريخياً وأخلاقياً .نحن أمام قضية مصيرية وأمام منعطف تاريخي وواضح في سبيل حل المعادلات الصعبة والمصيرية لقضايا شعبنا المضطهد بشكل ديمقراطي وسلمي وضمن وطن واحد وحر وتعددي يتسع للجميع ويقدس الروح الإنسانية فيه .

    
* جريدة يصدرها الحزب الديمقراطي الكردي (P.D.K.S) – العدد (221) تموز 2008


لقراءة مواد العدد انقر هنا  denge.kurd221

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…